إذا كان أحمد عرابى باشا - زعيم الثورة العرابية - هو الذى أدخل زراعة المانجو «الهندى والسنارى الهندى» إلى مصر عندما كان منفياً فى سرَنديب، أى سيرلانكا أقصى جنوبالهند.. وأحد باشوات مصر ربما كان أحمد كمال الدين «الأمير» هو الذى أدخل المانجو التيمور التى جلبها لمصر فى إحدى رحلاته لجزر الهندالشرقية «إندونيسيا الآن».. فإن مهندساً زراعياً مصرياً هو الذى أدخل زراعة فاكهة اليوسفى أفندى إلى مصر أيام محمد على باشا.. إيه الحكاية؟. يوسف هذا كان أحد طلبة البعثة الأولى التى أرسلها محمد على إلى فرنسا عام 1826، وضمت 44 طالباً وأثناء عودته من فرنسا هبت عاصفة رعدية على السفينة التى حملته فى طريقه إلى مصر.. فلجأت السفينة إلى جزيرة مالطة لتحتمى من العاصفة.. وأثناء انتظارها، لمح يوسف أفندى صينياً ومعه شجيرات تحمل فاكهة شدته وكانت الشجرة توشك أن تثمر.. فأخذ من الصينى شجيرات منه بالشراء.. ولما وقفت السفينة فى ميناء الإسكندرية، وكان محمد على باشا يحرص على استقبال كل - وأى - طالب عقب عودته من بعثته لسؤاله.. حمل هذا المهندس الزراعى - الأول فى تخصصه - بعض ثمار هذه الشجرة إلى قصر الوالى محمد على، وهناك سأل «حاجب الوالى»: من هو أحب أولاد محمد على إليه؟.. وعرف أنه طوسون باشا، وهو قائد الحملة الوهابية عام 1811 «وتذكروا هنا مذبحة القلعة»، ولكنه مات صغيراً عام 1816 وعمره 20 عاماً.. هنا قال يوسف أفندى للحاجب: احفظ «سلة» هذه الفاكهة إلى أن أطلبها منك، ودخل يوسف إلى محمد على وخضع للامتحان أمامه.. ثم قدم له سلة الفاكهة، فأعجب بها الوالى وسأله عن اسمها، فرد يوسف: اسمها يا أفندينا «طوسون باشا».. هنا عنفه محمد على وقال له: وهل يعرف أهل الصين أن ابنى المحبوب اسمه طوسون؟ «وشخط فيه.. اسمك إيه يا فَلَد»- يعنى يا ولد - فرد: اسمى يوسف، هنا قال الوالى: «ليكن اسمها هو (يوسف أفندى)»، ثم عينه مديراً للحدائق، ومنها حدائق قصره فى آخر القاهرة«شبرا الخيمة»، وناظراً لمدرسة الزراعة التى أنشأها محمد على فى مدينة نبروه. ■ ولكن ظلت هذه الفاكهة تسمى «طوسون» فى سنواتها الأولى إلى أن شاع اسمها الذى أطلقه عليها محمد على بنفسه حتى الآن.. ويبقى اليوسف أفندى المصرى «البلدى» هو الأكثر حلاوة، وله نكهة خاصة تميزه عن غيره، حتى عن الإسبانى، أو الأرجنتينى.. أو إنتاج كاليفورنيا الأمريكية. وهكذا عاش طالب البعثة الأولى.. وظل اسمه يتردد بيننا، وإن كان البعض يختزل من الاسم «أفندى» وهو لقبه الأصلى منذ ذهب إلى بعثته فى فرنسا!!.