يظل الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى بحق وأحد أقطابه ورموزه الكبار، فضلا عن كونه واحدا من أبرز رموز التحدى الإنسانى. كتب طه حسين الرواية والنقد وفى التاريخ الإسلامى وفى علوم اللغة فأحدث كتابه الشعر الجاهلى هزة فكرية هائلة، لأنه تصادم مع ذوى العقليات الجامدة الرافضة للسؤال والتحديد وعلى هذا يمكن اعتباره رمزا من رموز التجديد فى تاريخ الفكر العربى، وفى شهرنا هذا وتحديدا فى يوم 28 أكتوبر أى بعد يومين تحل الذكرى ال45 لرحيله. فى قرية الكيلو قرب مغاغة بمحافظة المنيا، وفى الرابع عشر من نوفمبر 1889، ولد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ولما بلغ الرابعة أصيب بالرمد وفقد بصره وألحقه أبوه بكتّاب القرية فتعلم العربية وحفظ القرآن، وفى 1902 التحق بالأزهر ونال شهادته، لكنه ضاق ذرعا بالدراسة لرتابتها، فلما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة 1908 كان أول المنتسبين إليها. ظل يتردد على الأزهر حتى 1914، وهى السنة التى نال فيها شهادة الدكتوراه وكان موضوعها «ذكرى أبى العلاء»، التى أثارت ضجة فى الأوساط الدينية، كما اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة، وفى العام نفسه أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلييه بفرنسا، فى بعثة دراسية فدرس الأدب الفرنسى وعلم النفس والتاريخ الحديث وبقى هناك حتى 1915، ولما خاض معركة المقارنة بين التدريس فى الأزهر والجامعات الغربية قرر المسؤولون حرمانه من المنحة وتدخل السلطان حسين كامل وأوقف القرار وعاد إلى فرنسا لمتابعة الدراسة فى باريس. أعد الدكتوراه الثانية عن (الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون) وتزوج سوزان فكانت خير سند وداعم له، ولما عاد إلى مصر فى 1919 عين أستاذًا للتاريخ اليونانى فى الجامعة الأهلية المصرية، فلما صارت حكومية فى 1925، عينته وزارة المعارف أستاذًا فيها للأدب العربى، فعميدًا لكلية الآداب فى 1928، لكنه قدم استقالته بسبب ضغوط وفدية، لانتمائه للأحرار الدستوريين. فى 1930 أعيد إلى عمادة الآداب ولما أرادت الجامعة منح الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية رفض، فأصدر وزير المعارف قرارا بنقله إلى وزارة المعارف، ورفض طه حسين وأحالته الحكومة إلى التقاعد سنة 1932 فانصرف إلى العمل الصحفى، لكنه تركه فى 1934وأعيد إلى الجامعة بصفته أستاذا للأدب ثم عميدا لكلية الآداب بدءا من 1936 وعلى أثر خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس فى الكلية نفسها، وفى 1950 صار وزيرًا للمعارف حتى 1952. فى 1959 عاد إلى الجامعة مجددا بصفته أستاذًا غير متفرغ كما عاد إلى الصحافة، وكان فى 1926 قد ألف كتابه «فى الشعر الجاهلى» الذى خلص فيه إلى أن الشعر الجاهلى منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، فتصدى له كثيرون وقاضاه عدد من علماء الأزهر وبرأته المحكمة إلى أن توفى يوم 28 أكتوبر 1973. أنتج طه حسين أعمالا كثيرة منها أعمال فكرية تدعو إلى النهضة والتنوير، وأعمال أدبية تنوعت ما بين الروايات والقصص القصيرة والشعر، ومن أهم هذه الأعمال: «الأيام»، السيرة الذاتية الخاصة بطه حسين، ويُعدّ من مؤلفاته المشهورة، «على هامش السيرة»، «حديث الأربعاء»، «مستقبل الثقافة فى مصر»، «الوعد الحق»، «فى الشعر الجاهلى»، «المعذبون فى الأرض»، «صوت أبى العلاء»، «من بعيد»، «دعاء الكروان»، «فلسفة ابن خلدون الاجتماعية»، «الديمقراطية فى الإسلام»، «طه حسين والمغرب العربى»، «شجرة السعادة»، «أديب»، «من حديث الشعر والنثر».