السودان: النحاس.. السادات.. السيسى (1-2)

تُقطع يدى ولا أفصل السودان عن مصر..
من قال هذه العبارة؟؟ وأين؟؟ وبأية مناسبة؟؟
قال هذه العبارة الزعيم مصطفى النحاس فى لندن أمام كل مجلس وزراء إنجلترا عام 1936 خلال مفاوضات معاهدة استقلال مصر.
وهذه العبارة لها قصة طويلة.
منذ عام 1919 ومفاوضات مصر مع بريطانيا مستمرة، منذ سعد زغلول ومعه عبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى فى 8 مارس 1919 مع سير ونجيد، المندوب السامى البريطانى، فتم نفيهم إلى مالطا وقامت ثورة 1919 فى صباح اليوم التالى 9 مارس!!.. واستمرت المفاوضات ولم تنقطع بعد الإفراج الفورى عن الزعماء الثلاثة.. وطالت واشترك فيها مختلف رؤساء الوزراء: عدلى باشا سافر وتفاوض، ولكن مصر رفضت هذه المفاوضات من قبل أن تبدأ وكان شعارها (جورج الخامس يفاوض جورج الخامس) باعتبار أن عدلى باشا كان إنجليزيا أكثر من الإنجليز.. وعاد عدلى باشا فورا وجاء إسماعيل باشا صدقى (داعية الاقتصاد والسياسة العالمى) ووصل إلى معاهدة ما مع رئيس وزراء إنجلترا بيفن، وخرجت المظاهرات العارمة وكأنها ثورة جديدة (بيفن بيفن.. يسقط بيفن) وبالفعل سقطت معاهدة بيفن رغم أنها كانت صورة طبق الأصل من معاهدة 1954 التى وقعها عبدالناصر مع إيدن!
المهم بعد معاهدة بيفن واختلاف الرأى عليها مات سعد زغلول وحدث الخلاف حول الخليفة!! رغم أن الكل كان يعلم ميل سعد زغلول لمصطفى النحاس. قال عنه سعد زغلول: النحاس سيد الناس.. وكان سعد معجباً بطريقة النحاس فى القضاء والحكم بين الناس حتى قيل عنه (قاضى عصر عمر بن الخطاب).
تم انتخاب النحاس بأغلبية كبيرة جداً، رغم أن أحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى كانا أبرز الأعضاء وأكثرهم فدائية وفاعلية وحركة.. عدد قتلى الإنجليز بأيادى الزعيمين ماهر والنقراشى فوق أى إحصاء.. لذا ماتا مقتولين كما قيل فيما بعد.. ثم الوفد كان يضم قامات عالية جدا لها هيبة وكاريزما، أى منهم يصلح واجهة محترمة لها ثقلها بعد الزعيم الكبير سعد زغلول، وكانت صفية زغلول يهمها اختيار أى منهم. ولم تكن تميل لمصطفى النحاس الموظف الحكومى الذى يلبس الطربوش وعلى قد حاله!! كان هذا هو سبب كراهية مصطفى أمين للنحاس، الذى سخر قلمه للإساءة ومحاولة تحطيم النحاس، كما أعلنها صراحة ذات يوم فى بداية أعداد (أخبار اليوم)، لقد وُلد مصطفى وعلى أمين فى منزل سعد زغلول وتمت تربيتهما هناك حتى وفاة صفية زغلول!!