«البلوك تشين».. ثورة تكنولوجية فى مستقبل الاقتصاد الرقمى

المستقبل لا ينتظر أحدا، لذلك يجب وضع أيدينا على التقنيات الجديدة واستخدامها حتى ولو لم نخترعها، بآليات تنفيذ واضحة وليس خطط مستهدفة، وكتوجه دولة ترغب فى تغيير شخصيتها الاقتصادية والإدارية.
«البلوك تشين»، واحدة من التقنيات الجديدة التى فرضت نفسها على الأوساط الاقتصادية، ومازال العالم يستكشفها كآلية متطورة تعمل كنظام سجل إلكتروني؛ لمعالجة الصفقات وتدوينها بما يتيح لكل الأطراف تتبع المعلومات عبر شبكة آمنة لا تستدعى التحقق من طرف ثالث، وبالتالى ستعمل على إعادة صياغة هيكل المعاملات المالية والتجارية والخدمية، فى كافة القطاعات الاقتصادية.
وتساعد تكنولوجيا «بلوك تشين» التى كانت تعرف بسجل المعاملات فى العملة الافتراضية «بيتكوين»، على الحفاظ على قوائم مقاومة للتلاعب فى سجلات البيانات المتنامية باستمرار، وتتيح تبادلا آمنا للمواد ذات القيمة كالأموال، أو الأسهم، أو حقوق الوصول إلى البيانات، وخلافا لأنظمة التجارة التقليدية، لا حاجة لوسيط أو نظام تسجيل مركزى لمتابعة حركة التبادل، بل تقوم كل الجهات بالتعامل مباشرة مع بعضها البعض.
من جانبه قال المهندس وليد جاد رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات CIT، إن القطاع المالى والمصرفى هو المستفيد الأول من تطبيقات وتقنيات «البلوك تشين»، حيث تحقق أهداف القطاع وعلى رأسها سرعة التحويلات المالية فى أقل من 5 دقائق، منوها إلى أن التكنولوجيا تحقق نسبة من الشفافية لا يمكن تحقيقها فى أى نظام تكنولوجى آخر، دون الكشف عن هوية المتعاملين، كما أن التكنولوجيا تحقق المعاملات دون دفع أية تكاليف مذكورة.
وأشار إلى أن أبرز التحديات المواجهة لتطبيق تلك التقنية فى مصر ممثلة فى عجز الأفراد العاملين فى المؤسسات التقنية والخدمية عن استيعاب ماهية التقنية، حيث مازالت المعرفة بها ضئيلة التفاصيل، ولا تتجاوز المعلومات عن استخدامها فى تداول العملة الإلكترونية «بيتكوين. هذا بالإضافة إلى عدم وجود معايير ومقاييس دولية تُقنن عمل هذه التقنية، إذ ربما تحتاج إلى وقت لتنتشر ويصبح استخدامها مفهوم.
وأعلن البنك الأهلى عن انضمامه لعضوية إحدى كبرى المبادرات الخاصة بأبحاث وتطبيقات البلوك تشين وهى شركة R3، ويشارك فى المبادرة أكثر من 200 بنك من البنوك والشركات العالمية الكبرى.
من جانبه قال ناصر الأشقر الرئيس التنفيذى لشركة «هايبر تشين»، بأنه من المهم تثقيف مجتمع الأعمال باستمرار حيال الاستخدامات التطبيقية المختلفة والمتنوعة لتقنية «بلوك تشين»، مشيرا إلى أنه خلال 5 سنوات ستعد هذه التقنية الآلية الأساسية التى تعتمد عليها كافة المؤسسات الخاصة والحكومية، فى توحيد معايير الصفقات والمعاملات التجارية.
ولفت إلى أن التقنية الجديدة تعتمد على رصد كافة العمليات التى تتم عند إجراء أية معاملة تجارية، بداية من تسجيل العقود، خطاب الضمان، والنقل، التأمين، الشحن والنقل، التسلم، الجمارك، إلى جانب الضرائب.
ويتعاون عدد من شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية، منذ سنوات عدة؛ لوضع قائمة بالمعايير القياسية لهذه التقنية وتعظيم الاستفادة منها، وفى نفس الوقت العمل على إتاحة منصات مفتوحة المصدر بما يتيح فرص أكبر لشركات التكنولوجيا لتطوير حلول وتطبيقات متنوعة، بدون أن يكون هناك أى احتكار من جانب أى جهة وضمان التوسع فى استخدام هذه التقنيات على جميع المستويات.
وطالب الدكتور أشرف عبدالوهاب كبير الخبراء الفنيين بشركة «مايكروسوفت» مصر وشمال إفريقيا، المؤسسات والجهات المعنية بتبنى تلك التكنولوجيا، والتى تساهم فى تسهيل المعاملات المالية مع الجهات الحكومية سواء شركات أو أفراد، موضحا أن تلك التكنولوجيا تتيح تأمين التعاملات المالية على الإنترنت دون الحاجة لأجهزة «يو إس بى توكين»، وذلك بالاعتماد على الهوية الخاصة بالفرد أو الشركة.
وأوضح أن استخدام تلك التقنية يساهم فى خفض الوقت الذى تحتاجه الشركات للحصول على الخدمات المصرفية، مثل خطابات الضمان لأقل من ثلاثة أيام بطريقة مؤمنة، مضيفا أن السياحة والنقل والشحن من أبرز المجالات التى من الممكن اعتماد تطبيقات «البلوك تشين» بها.
من جانبه قال أشرف عطية رئيس مجموعة شركات «أوميجا سوفت»، إن تكنولوجيا «البلوك تشين» تتضمن أنظمة وتطبيقات متعددة من أبرزها نظام إدارة الموارد البشرية، الذى أطلقته الشركة مؤخرا لمساعدة مسئولى إدارة الموارد البشرية فى تحسين الكفاءة الإدارية وإنتاجية الموظفين والتدريب والنمو والتحكم بالتكاليف وزيادة الرضا الوظيفى.
وأضاف أن النظام يدعم شرائح التأمينات، والضرائب الجديدة، والإعفاءات، والتدرج الوظيفى والترقيات، كما يدعم تقييم الأداء الوظيفى وحفظ البيانات.
وتوقعت مؤسسات بحثية نمو حجم السوق العالمى لتقنية «بلوك تشين» من 210.2 مليون دولار، بنهاية 2016، إلى 2.32 مليار دولار بحلول 2021، وأن يصل معدل النمو السنوى المركب لحجم هذا السوق 61.5% خلال الفترة بين 2016-2021.
وتحقق «البلوك تشين» حاليا انتشارا فى جميع أنحاء العالم بحسب العديد من التقارير الدولية، وأعلنت مدينة دبى أنها ستكون من أولى المدن التى تعمل بتقنيات البلوك تشين بشكل كامل بحلول عام 2020.
محمد أمين حاسبينى باحث أمنى أول بشركة كاسبرسكى لاب، أشار إلى أنه يجب على الحكومات والشركات فى المنطقة أن تكون مستعدة لمواجهة التهديدات الإلكترونية المتنامية وتبنى سياسات أمنية واضحة فى ظل تركيزها على استخدام التكنولوجيا الجديدة والتوسع فى إنشاء المدن الذكية، مشيرا إلى أن الوقت الحالى هو المناسب للتوسع فى الاعتماد على تكنولوجيا ال«بلوك تشين»؛ لتحقيق أهداف الاقتصاد الرقمى وتوفير أقصى درجات الأمن لشبكاتها الإلكترونية.
ولفت إلى أنه فى إطار تحويل البيانات إلى عملة، تتأكد أهمية تكنولوجيا ال»بلوك تشين»؛ لتمكنها من تغيير سياسات المؤسسات وهواجسها المرتبطة بالأمن، والتى تعتمدها كحجة لتبرير عدم رغبتها فى كشف المعلومات، فى حين تشجّع تبنى مبادرات المشاركة بالبيانات والدفع بنظام بيئى يمكن أن يحدّد قيمة البيانات مع الوقت، مشيرا إلى أن تقنية ال»بلوك تشين» ستساعد الحكومات الإقليمية على استخراج قيمة حقيقية من الكميات الهائلة من البيانات التى يمكن استخدامها؛ لتلبية متطلبات المجتمع المتغيرة باستمرار وبتكاليف منخفضة.