الرئيس الأمريكى يستدعى «صقور الحرب» (تحليل إخبارى)

بعد سلسلة التغييرات الأخيرة التى أجراها فى فريق عمله فى البيت الأبيض، يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وضع سياسة بلاده الخارجية بأيدى صقور من أصحاب الميول الحربية، ليتزامن ذلك مع استحقاقات حاسمة خصوصا بشأن إيران وكوريا الشمالية.
وبعد أن تميزت السنة الأولى من ولايته بالخروج من عدد من الاتفاقات الدولية، يتجه ترامب خلال العام 2018 إلى انتهاج سياسة هجومية، فيلوح بحرب تجارية مع بكين، ويختار مستشارا للأمن القومى، جون بولتون، وهو المعروف بمواقفه المتشددة جدا من كوريا الشمالية وإيران.
يقول ريتشارد هاس، رئيس «مجلس العلاقات الخارجية»، ذائع الصيت والمعروف بجديته: «إن دونالد ترامب مستعد حاليا للدخول فى حروب على 3 جبهات: سياسية عبر انتقاد التحقيقات حول دور روسى محتمل فى انتخابه، واقتصادية ضد الصين وغيرها من الدول، وأخيرا الدخول فى حرب فعلية ضد إيران أو كوريا الشمالية».
ويكمل جون بولتون، السفير الأمريكى السابق لدى الأمم المتحدة، تشكيلة فريق جديد فى الإدارة الأمريكية. وهكذا تمت الإطاحة ب«إتش آر ماكماستر» المستشار السابق لشؤون الأمن القومى، الذى لحق بذلك بمساعدته دينا باول، ولحق بوزير الخارجية ريكس تيلرسون الذى أُقصى بطريقة فجة.
وتنقل أوساط دبلوماسية فى واشنطن أن هؤلاء الثلاثة كانوا يشكلون ثلاثيا من «العقلاء» القلائل الذين كانوا يسهرون على «الطفل» ترامب كثير الهفوات. ولما أعلن عن مايك بومبيو ليخلف تيلرسون صدم الكثير من المراقبين لأنهم اعتبروا هذا الخيار عودة إلى الأساليب التى كانت قائمة فى عهد الرئيس الجمهورى جورج دبليو بوش، ذلك أن بومبيو الذى ينتقل من رئاسة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» إلى الخارجية «سبق أن عبر عن دعمه لاستخدام تقنيات الاستجواب التى تعتبر بمثابة تعذيب»، كما أنه استخدم فى السابق «كلاما متحيزا ضد المسلمين الأمريكيين والنساء والمثليين»، حسبما أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية فى رسالة طلبت فيها من أعضاء الكونجرس عدم الموافقة على تعيينه.
وجاء تعيين جينا هاسبل، مساعدة بومبيو، على رأس «سى آى إيه» ليزيد من هذه المخاوف لأن هاسبل متهمة بالتغطية على أساليب التعذيب بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
وعلى غرار ترامب يعارض بومبيو، الذى يحظى باحترام الجمهوريين، الاتفاق النووى الدولى الموقع مع إيران ويعتبره غير كاف لضبط الطموحات الإيرانية. ويرى الخبراء الذين يتابعون هذا الملف أن الاتفاق مع إيران مهدد فعلا بعدم اجتياز عتبة 12 مايو، وهو موعد المهلة الذى حدده ترامب لحلفائه الأوروبيين لإيجاد بديل عن الاتفاق يكون أكثر تشددا مع إيران.
وقال رئيس «مجموعة الأزمات الدولية» روبرت مالى، المستشار السابق لدى الرئيس السابق باراك اوباما خلال مناقشة الاتفاق النووى مع إيران: «إذا كان وصول بومبيو يعنى أن الاتفاق قد يموت على الأرجح، فإن وصول بولتون يعنى أن الاتفاق سيموت وسيُدفن». بالنسبة إلى الملف النووى الكورى الشمالى فإن شهر مايو سيكون أيضا حاسما، لأنه سيشهد انعقاد قمة تاريخية بين ترامب والزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون.
ولم يخف بولتون آراءه بالنسبة للملف الكورى الشمالى، فهو مؤيد شديد لنظرية «الحروب الوقائية»، ولم يعرب أبدا عن الندم لاجتياح العراق، ويعتبر أن من الأفضل أن تقوم واشنطن بضرب كوريا الشمالية من دون الانتظار كثيرا. بالنسبة لطهران وبيونج يانج يدعو بولتون إلى «تغييرات فى الأنظمة».
وكتب كولن كال وجون فولفشتال فى مجلة «فورين بوليسى»، وسبق أن عملا فى فريق أوباما، أن جون بولتون يمثل «تهديدا للأمن القومى»، منددين بميوله الحربية.
خلاصة الأمر أن «العقلاء» باتوا قلة نادرة فى فريق البيت الأبيض، أحدهم هو وزير الدفاع جيم ماتيس الذى يدافع دائما عن المسار الدبلوماسى لحل النزاعات منذ تسلمه مهامه مع ترامب.