تناقضات إدارة ترمب تضع السلطات المصرية في مأزق

دفع الضغط على مصر، عن طريق «ورقة المساعدات العسكرية» وحرمان «القاهرة» من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار، وتأجيل صرف 195 مليونا أخرى، بدعوى عدم إحراز القاهرة تقدماً في ملف احترام حقوق الإنسان- مصر للرد على هذا الإجراء، واعتبرته سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط البلدين على مدار عقود طويلة.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إن حجب جزء من المساعدات الأمريكية وإرجاء آخر هو اتباع لنهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها، وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الشعب المصرى، وخلط للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية الأمريكية.
وبالتزامن مع هذا التصعيد، أعلن أعضاء الوفد الأمريكى، برئاسة مستشار الرئيس دونالد ترامب، جاريد كوشنر، كبير مستشارى الرئيس الأمريكى، الذي التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول- دعمهم لكافة المساعى الرامية لتنميتها وتطويرها على مختلف المحاور خلال الفترة القادمة، كما أعربوا عن تقديرهم للجهود التي تبذلها مصر على صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف.
تأتى تلك التحولات الأخيرة على عكس ما توقعه بعض الخبراء والدبلوماسيين المصريين بأن العلاقات ستشهد طفرة خاصة، في ظل الكيمياء التي تربط الرئيسين، بعد زيارة السيسى إلى واشنطن العام الجارى، عقب فوز ترامب في انتخابات الرئاسة.
وأشاد الرئيس الأمريكى بمجهودات السيسى في مكافحة الإرهاب، كما تكررت اللقاءات المشتركة على صعيد المحافل والمؤتمرات الدولية وآخرها قمة السعودية لمكافحة الإرهاب.
ويأتى القرار بعد الضغوط الأخيرة التي يلقاها ترامب، حيث وصل الأمر إلى عزل عدد من مستشاريه الشهر الماضى، فضلاً عن اتهام الإعلام الأمريكى لإدارة ترامب بالفشل بسبب عدم تحقيق الوعود الاقتصادية التي أطلقها أثناء ترشحه للرئاسة، حيث قال خلال برنامجه إنه سيبحث أمر المعونات الأمريكية للدول.
ويرى السفير محمد الشاذلى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن توقيت القرار مثير لعلامات الاستفهام، فقد جاء في الوقت الذي يزور فيه كبير مستشارى الرئيس الأمريكى مصر.
وقال، في تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»، إنه يعتب على السيسى الموافقة على لقاء الوفد الأمريكى، بعد قرار حجب المعونات. وأضاف: «المجتمع الأمريكى مركب، وتخفيض المعونات يؤكد التخبط الذي تعيشه الإدارة الأمريكية، بعد وصول ترامب للحكم».
كما يأتى القرار في ظل التقارب المصرى الروسى الأخير، حيث أكد سامح شكرى وزير الخارجية، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الروسى، في العاصمة الروسية موسكو- أنه سلَّم نظيره الروسى خطاباً من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى نظيره الروسى فلاديمير بوتين، يؤكد تمسُّك مصر بتطوير علاقاتها الثنائية مع روسيا، والحفاظ على قنوات التشاور مفتوحة بينهما، كما اتفق الطرفان على ضرورة حسم الأمر في سوريا.
وأكد الشاذلى أن التقارب المصرى الروسى بالطبع كان له عامل الحسم في اتخاذ القرار، خاصة أن الإدارة الأمريكية تتهم روسيا بعرقلة الحلول في سوريا.
وقال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قرار تخفيض المعونات يأتى في إطار التوجه العام لإدارة ترامب بتخفيض المعونات لجميع الدول، عدا إسرائيل في العام المالى الجديد والذى يبدأ من أكتوبر المقبل.
وأضاف، في تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»، أنه لا يمكن ربط هذا القرار بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وإن مصر كانت على علم مسبق بهذه التغييرات، حسب تأكيدات مصادر أمريكية.
وتابع: «المساعدات الأمريكية لمصر مرتبطة بالأساس بمعاهدة السلام، وكانت تنقسم إلى 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية و850 مليون دولار مساعدات اقتصادية والتى تم تخفيضها ل250 مليون دولار، بتعاقب الإدارات الأمريكية الجمهورية أو الديمقراطية».