فرحت كثيراً بجائزة الدكتور خالد منتصر الذى لم ألتق به إلا خلال برامجه التليفزيونية، ومقالاته اليومية فى «المصرى اليوم»، وكما يقول سقراط: تكلم يا ولدى حتى أراك، فقد رأيته فى برامجه على ال«ON. T.V» مع أحمد عبدالمعطى حجازى، وعن الدكتور فرج فودة..، فأحسست برائد من رواد التنوير، الذين قال عنهم توماس جيفرسون: قد يغلب الباطل الحق فى كثير من الأحيان، ولكن يبقى للحق - ميزته الكبرى- ألا وهى أنه يجعل من أصحابه رواداً للتنوير ومصابيح للتاريخ. أعجبنى تحليل الدكتور خالد لسر نجاح «المصرى اليوم»: ألا وهو النظرة الثاقبة لرئيس التحرير فى المفكرين والكتاب، وكيف أنه يحقق ما قاله سان سيمون: «دعه يفكر.. دعه يعمل.. دعه يمر»! ولكنى أضيف إلى هذا كله.. سراً أو سبباً آخر لنجاح «المصرى اليوم» ألا وهو انحيازها الكامل لهذا الشعب البائس الحزين.. هذا الانحياز المدعم بوثائق، ويُطرح فى أدب وموضوعية، عارضاً الكارثة... ودفاع المسؤولين عنها! نشر بالصور مصائب مخفية تدمر صحة هذا الشعب، صور اعتصامات، ومظاهرات، واحتجاجات.. لفئات مطحونة، مظلومة.. ورأى الظالم بجوارها! أحس الناس بأن هذا الفريق الذى يعزف، إنما هو فريق إصلاح لا فريق سياسة.. وفرق كبير بين المصلح والسياسى REFORMER AND POLITICIAN فالمصلح عينه على صالح شعبه حتى إن فقد منصبه وربما حياته! والسياسى عينه على الكرسى ومنصبه أولاً وأخيراً... ومن هنا قالوا: السياسة لعبة قذرة (تشرشل). حدثنى يوماً الأستاذ صلاح دياب وهو صديق عزيز... أن أخبار الوفيات.. مربعات موحدة.. بأجر واحد.. فالموت خبر وليس منظرة، بالرغم من أن الجريدة خسرت مئات الآلاف.. حين أراد البعض صفحة كاملة بمائة ألف جنيه.. وكان منهم.. النعى لشيخ الأزهر رحمه الله! هذه هى المبادئ، وهذا هو الإصلاح..! سألنى أحدهم: جائزة البحرين عن الصحافة.. هل يستحقها الدكتور خالد؟ قلت: يستحقها عن جدارة.. لأن مقالاته تقوم على دعائم ثلاث: 1- المنهج العلمى فى التفكير وقد عمقه عنده دراساته الطبية. 2- طلاوة الأسلوب.. وقد صقله الأدب.. خصوصاً أدب القصة. 3- الفلسفة.. وهى البحث عن جذور وأصول ما يكتب. قال صاحبى: إذن لماذا أوقفوا برنامجه الرائع على الON.T.V»»؟ قلت: كما أوقفوا برنامجى: فى البدء كان..! هذا البرنامج الذى كان يتحدث عن إنجازات مصر العظيمة فى الأخلاق، الدين، الفنون، العلوم! وليست إنجازات إسرائيل!! قال صاحبى: يبدو أنهم لا يعرفون ما قاله فرانسيس باكون: إن نهضة أوروبا يجب أن تقوم على ثلاثة: 1- أن يكون لها تاريخ، وحيث إن أوروبا ليس لها تاريخ فعليها أن تأخذ التاريخ اليونانى الرومانى، (والذى هو قائم على التاريخ المصرى). 2- ثورة صناعية. 3- فصل الدين عن الدولة! قلت: العقبى لنا! تألمت لكلماتك يا دكتور خالد القائلة: شكرت الله على هذه الجائزة التى لم تأت من نقابتى.. نقابة الأطباء الإخوانية.. التى أنتمى إليها.. ولو حتى على فقرتى الطبية!! ألم تقرأ لأبى العلاء الذى أتمنى أن يأتى اليوم الذى يدرس فى المدارس - فى تجديد ذكرى أبى العلاء - للدكتور طه حسين؟! إنه القائل: بنو الفضل فى أوطانهم غرباء تشذ وتنأى عنهم القرباء؟! ولعلك تذكر قضية الشيخ على يوسف رئيس تحرير المؤيد، والحكم الظالم للقاضى أبوخطوة، وتعليق شاعر النيل حافظ إبراهيم يخاطب مصر: حطمت اليراع فلا تغضبى وعفت البيان فلا تعجبى يا أمة.. يهان فيها الإمام الحكيم ويكرم فيها الجهول الغبى! فلا تنتظر من نقابة الأطباء.. بل ولا من أحد شيئاً.. فلن يعود لمصر وبالتالى نقابة الأطباء وجهها الحضارى إلا إذا استوعبت كلمات مؤسس الدستور الأمريكى توماس جيفرسون: نحن لا يهمنا لونك أو عرقك أو دينك، يهمنا أن تعطى هذا البلد أفضل ما عندك، وسوف يعطيك هذا البلد أفضل ما عنده، وألف مبروك جائزة البحرين لا الهرمين. [email protected]