تحيط الشكوك بإعادة انتخاب الرئيس الإيرانى حسن روحانى بفضل رجل الدين المتواضع الذى دخل مؤخرا دائرة العمل العام، بعدما أعلن إبراهيم رئيسى، الذى كان يعمل منذ فترة طويلة خلف الكواليس الإيرانية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمرشد الأعلى على خامنئى، ترشحه فى 9 إبريل لانتخابات الرئاسة الإيرانية، المقررة فى 19 مايو المقبل. مقالات متعلقة * الاستيطان الإيراني * تداعيات إيرانية على الرغم من أنه المرشح الذى يحظى بتأييد مجلس الملالى فإنه لا يمتلك كاريزما، وغير معروف على نطاق واسع بين الجمهور الإيرانى. وإن لم يكن هناك تزوير جماعى ففرصته فى إزاحة «روحانى» معدومة. لكن معسكر «روحانى» يخشى أن تلجأ الدائرة المقربة من «خامنئى» إلى مثل هذه التكتيكات، التى من شأنها تهيئة الطريق أمام احتمال حدوث انفجار حول مستقبل البلد. ترقِّى «رئيسى» فى صفوف النظام سببه المحسوبية من قِبَل المؤسسات الدينية. وعلى الرغم من عمل «رئيسى» 4 عقود مسؤولا حكوميا فإنه غير معروف عنه الابتكار الإدارى أو التميز السياسى. وخلفيته الشخصية، بما فى ذلك مكان ولادته والأسرة التى تزوج فيها، بمثابة منصة الإطلاق التى لا غنى عنها لترقِّيه، بجانب موهبته فى اتباع أوامر الرؤساء المثيرة للجدل. ولعدة أشهر، تم تداول اسم «رئيسى» لمنصب المرشد الأعلى المقبل. إلا أن قفزه المفاجئ فى المعركة الرئاسية لا معنى له إلا كونه جزءا من حملة أوسع من قِبَل المتشددين ضد معسكر «روحانى» فى المؤسسة السياسية الإيرانية لهندسة فوز «رئيسى» فى مايو، ووضعه فى طريق القيادة العليا عندما يموت خامنئى. لكن من الصعب أن تخلو هذه الاستراتيجية من المخاطر. وقد تكون الأزمة الرئيسية الأولى ل«رئيسى» هى الاضطرابات المحلية التى ستنتج عن انتخابه. «رئيسى» يحمل تشابها جسديا مع خامنئى، البالغ من العمر 77 عاما. ومع ذلك فإن علاقتهما أعمق من ذلك بكثير، حيث وُلد «رئيسى» فى عام 1960 فى قرية بالقرب من مدينة مشهد الشيعية المقدسة، حيث وُلد خامنئى. وقبل صعود المرشد الأعلى كان هناك عدد قليل نسبيا من تلك المدينة على رأس السلطة فى طهران. ولم تكن «مشهد» على ما يبدو لاعبا رئيسيا فى ثورة 1979، التى جاءت بالإسلاميين إلى السلطة. وبعد أن أصبح خامنئى المرشد الأعلى فى عام 1989، بدأ باستقدام أبناء مدينته إلى قلب النظام، فى محاولة منه لخلق قاعدة موالية ومتشابكة فى «مشهد»، والتى يمكن أن تتحول إلى دعم. وهكذا وصل «رئيسى»، الذى كان فى الثلاثينيات من عمره خلال السنوات الأولى من حكم خامنئى، لمقعد إلى جانب رجال الدين الأكبر سنا. تزوج «رئيسى» ابنة آية الله علم الهدى، وهو شخص بارز آخر فى النظام من «مشهد». وكان «علم الهدى»- وهو رجعى الفكر- طوال الثمانينيات إلى جانب خامنئى، المرشد الأعلى المستقبلى، وعندما أصبح خامنئى المرشد الأعلى فى عام 1989 وشرع فى تشكيل قاعدته السياسية الخاصة، أصبحا حليفين وثيقين. وكانت هذه العلاقة بين خامنئى و«علم الهدى»، والد زوجة «رئيسى»، مفيدة جدا لمسيرة «رئيسى» المهنية. على الورق، يجب أن يكون روحانى أو أى مرشح معتدل آخر قادرا على سحق «رئيسى» فى صندوق الاقتراع. فى حين أن روحانى لم يَفِ بكل الوعود التى تعهد بها عندما تولى منصبه فى عام 2013، فالناخبون الإيرانيون لديهم سجل حافل فى اختيار أكثر المرشحين المعتدلين المتاحين إذا أُتيحت لهم الفرصة. كما أن غياب الخبرة السياسية ل«رئيسى»، بجانب سمعته كابن النظام، سيُضعفان أى حماس عام له كرئيس أو قائد أعلى فى المستقبل. المصدر الوحيد للأمل وراء ترشح «رئيسى» هو أوراق اعتماده التى لا تشوبها شائبة والثقة التى يتمتع بها من خامنئى نفسه، والتى يمكن أن تستميل الفصائل المتشددة. بالنسبة لخامنئى ومستشاريه فإن السؤال هو ما إذا كان يمكن وضع «رئيسى» بأمان فى القصر الرئاسى دون إثارة أى نوع من الغضب الشعبى والاحتجاج، الذى رافق إعادة انتخاب محمود أحمدى نجاد فى عام 2009. ويُفترض أن دائرة خامنئى أجرت التقييم لقدرتها على تمرير ترشيحها. وخسارة المرشح «رئيسى» فى انتخابات مايو ستُضعف احتمالات توليه منصب المرشد الأعلى فى وقت لاحق، نظراً لأهمية الشرعية الشعبية، حتى بالنسبة للمؤسسات غير الديمقراطية فى إيران. يجب أن يكون القلق العميق فى الدائرة الداخلية للرئيس روحانى هو دمج مسؤولين من مكتب المرشد الأعلى، وأعلى سلطة على الحرس الثورى الإيرانى، وغيرها من العناصر المتشددة فى أجهزة الأمن والاستخبارات، لتمكين «رئيسى» من مقعد الرئاسة. وبمجرد أن يشغل منصب الرئيس ستزداد فرص «رئيسى» لخلافة خامنئى. ومع ذلك، حتى لو كان هذا هو المخطط الذى يعمل على أساسه خامنئى، فإنه ليس محاولة خالية من المخاطر. فى حين أن خامنئى وحلفاءه قد يستعدون لدفع «رئيسى» إلى الأمام، إلا أنهم لا يستطيعون التنبؤ أو التحكم فى رد الفعل المضاد، الذى سيأتى بالتأكيد من مخيم روحانى والجمهور الأوسع. إن الرهانات مرتفعة، ولا يُظهر روحانى أى علامات على التراجع. الأرض خصبة لمعارك ملحمية داخل النظام فى طهران. نقلاً عن مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية ترجمة- مروة الصواف اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة