المخرج التشيكى يورى مينزل فى حوار ل«المصرى اليوم»: الأوسكار لعبة لجذب الانتباه.. والجوائز جعلت السينما أشبه بكرة القدم أفضّل وجود الرقابة لأنها مهمة.. وهناك أعمال لا تناسب بعض الفئات رئاستى للجنة تحكيم مهرجان شرم الشيخ متعة سينمائية جديدة لا يوجد إرهاب فى مصر.. وأرى فى عيونكم ومعاملتكم الأمان أكد المخرج التشيكى، يورى مينزل، سعادته بالتواجد فى مصر، واعتزازه برئاسة لجنة تحكيم مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية المنعقد حالياً، وقال المخرج- الحائز على جائزة أوسكار عام 1968، عن فيلمه «مراقب القطارات» فى حوار ل«المصرى اليوم»، إن مصر تتمتع بالأمان، وإنه شعر كأنه فى بيته، معتبراً مشاركته كرئيس للجنة تحكيم المهرجان متعة سينمائية جديدة يعيشها. ودعا «مينزل»، فى حواره، السينمائيين المصريين بأن تستهدف مشاريعهم الفنية منذ البداية تحقيق النجاح الجماهيرى، بعيداً عن النظر للجوائز، مؤكداً أنه عندما حصل على الأوسكار فلم يكن فى تفكيره الجائزة بقدر ما كان يهدف إلى زيارة أمريكا لأن الحدود كانت مغلقة وصعبة وقتها. * بداية.. ما انطباعك عن مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية فى دورته الأولى وأنت كرئيس لجنة تحكيم؟ - سعيد جدًا بوجودى فى مدينة شرم الشيخ فى البداية، فالمكان هادئ للغاية ورائع، والناس هنا لطيفة ومبتسمة والمعاملة جيدة، حتى الفنادق والغرف وأماكن إقامة المهرجان رائعة وممتازة، وأيضاً الأكل المصرى وكل شىء هنا جذبنى فالحياة هنا برجوازية عظيمة، دون مضايقات. * ما سبب قبولك رئاسة لجنة تحكيم الفيلم الطويل فى مهرجان شرم الشيخ السينمائى؟ - دائما ألبى الدعوة فى أى حدث له علاقة بالسينما لأننى أعرف جيدًا قيمة السينما فى العالم وأحبها، وأحب أن تكون لى بصمة بها، وأقدرها وأقدر دعوتى ولا أرفضها، وفخور بتواجدى على رأس لجنة التحكيم فى هذا المهرجان الوليد. * هل تعتقد أن وجودك فى مهرجان وليد مغامرة سينمائية لاسم مخرج كبير؟ - ليست مغامرة أو مخاطرة بقدر ما أننى أكتسب هنا فى شرم الشيخ معرفة سينمائية كبيرة تفيدنى، إضافة إلى معرفتى ببلاد أخرى واكتسابى ثقافات جديدة واطلاعى على أشكال سينمائية رائعة تكسبنى المزيد من الخبرة، لذلك لم أحسبها مغامرة أو مخاطرة، بل متعة سينمائية جديدة. * هل كنت خائفاً من تواجدك فى مصر فى ظل أوضاع أمنية صعبة فى الشرق الأوسط وادعاء البعض وجود مخاطر تدفعه للاعتذار عن المهرجانات المصرية؟ - أريد أن أسالك سؤالاً، وأنا وأنت نعيش سوياً هنا: هل تشعر بالإرهاب أو أى مشكلة أمنية ونحن سويا مع بعضنا البعض؟ لا أرى أى إرهاب، ولا يوجد لدى علم بذلك، بل أرى فى عيونكم الأمان ومعاملتكم، مصر لا يوجد بها إرهاب بل أناس طيبون للغاية، لقد زرت أماكن كثيرة فى مصر، الأهرامات وأبوالهول والمعابد وأماكن أثرية كثيرة، ولكن هذه المرة تعتبر الأولى لى التى لها علاقة بالسينما والمهرجانات، فكانت المرتان السابقتان كسائح يزور بلدا جميلا. * هل اطلعت على السينما المصرية؟ وهل تعرف فنانين بها؟ - لم أشاهد الأفلام المصرية حتى الآن أو أطلع عليها، وحتى الأفلام التشيكية أيضًا لا أشاهدها، آسف لذلك، لكنى أصبت بحالة كبيرة من التشبع من مشاهدة الأفلام منذ سنوات كثيرة، فأنا رجل كبير فى السن وشاهدت ما يكفى، كنت لا أهتم بالسينما أو الأفلام فكان كل اهتمامى وحبى منذ الصغر للمسرح، لكن لم أٌقبل فى مدرسة المسرح ولم أتعلمها فدخلت السينما، ودرست التليفزيون والأفلام، والمدرس هو من شجعنى على الإخراج، ولكنى عندما أقوم بإخراج عمل لا يكون لدى طموح كبير فيه، أو إرهاق أو قيود، دائماً أعمل بحرية دون ضغوط النجاح والجوائز وما يبحثون عنه هذه الأيام. * حصلت على جائزة الأوسكار منذ سنوات.. ما رأيك فى مسار الجائزة حاليا؟ وهل تعرضت للتمييز والسياسة تحكمت بها؟ - بالفعل حصلت على الجائزة فى أول أعمالى الإخراجية، وأرى أن هذه الجوائز صنعت لكى تجعل الأفلام جذابة أكثر للجمهور، وفى أى مكان الفيلم يقدم أولاً للناس، لذلك يهمنى فى المقام الأول فى أعمالى حب الناس لها وليست الجوائز أو المهرجانات، إذا استحوذت على قلوب الناس فهذا أهم من الجوائز، وأرى أن الجوائز فى المهرجانات دعابة من الممكن أن تسعد الناس لكن الجوائز جعلت من السينما رياضة وكرة قدم، وهذا خطأ، فأرى أنه لا يحق لأحد أن يحدد الفيلم الجيد من السيئ ويمنح ما يريد الجوائز، نحن لسنا فى ماراثون، كل الأفلام تقدم بوجهة نظر صانعيها، وأيضًا هناك أعمال تحصل على جوائز وهى سيئة للغاية، والعكس أعمال جيدة لا تحصل على الجوائز، لكن فى النهاية هذه صناعة، فأنا حصلت على جوائز كثيرة فى حياتى وحصلت على الأوسكار، وأعلم أن فيلمى ليس أهم من أفلام أخرى كثيرة بل يوجد ما هو أفضل، وكنت أيضًا عضو لجان تحكيم كثيرة، ولا أستطيع أن أقول بأن هذا أفضل أو هذا أسوأ، بل عندما نمنح جائزة لفيلم أقول للكل عليكم أن تستمروا لأن الجوائز والأوسكار لعبة لجذب الانتباه وليست هى الحياة. * هل حصولك على الأوسكار أحدث نقلة للسينما التشيكية نحو العالمية؟ - كنت محظوظاً بحصولى على الأوسكار، فكنا نقدم فى هذه الفترة أعمالاً ممتعة وجذابة بالنسبة لأمريكا وأوروبا، ففيلمى حصل عليه موزع ومنتج سينمائى إيطالى بعدما انتهى ليعرضه فى أمريكا وحقق النجاح وقتها، وانتشر بشكل رائع وحصل على الجائزة. * لماذا لم تنتقل للعيش فى أمريكا والعمل فى هوليوود بعد حصولك على الأوسكار؟ - تربيت وعشت فى التشيك، وهى بلدى وأحببت أن أعيش به وأقدم أعمالا داخله أفضل من الخارج لأننى أنتمى لبلدى بشكل كبير وأحبه. * السينما المصرية تواجه مشكلة عدم الخروج للعالمية والحصول على الأوسكار.. ما نصائحك لها كى تتجاوز ذلك؟ - لا تجعلوا الأوسكار هدفكم ولا تنظروا إليه فى أفلامكم أو أى جوائز عالمية، اجعلوا أهدافكم فى أفلامكم السينمائية هى إرضاء المشاهدين والجمهور، لأنهم هم أكبر جائزة، وبعدها ستصلون للجوائز الأقل، اجعلوا مشاريعكم الفنية منذ البداية تحقيق النجاح الجماهيرى، فعندما حصلت على الأوسكار لم يكن فى تفكيرى الجائزة بقدر أننى كنت أريد زيارة أمريكا لأن الحدود مغلقة وصعبة، وبعد ما حصلت على الأوسكار دخل الجيش الروسى التشيك، وبالتالى قيل لى وقتها بأنه لا يجوز لى الحصول على هذه الجائزة، ولم يعترفوا بها فى بلدى، وطلبوا منى أن أعود بها، لأن أمريكا أعداء ورأسماليون، وتعرضت لهجوم كبير وشرس بعد حصولى عليها، ولكن بعدها بفترة حصل مخرج تشيكى آخر على الأوسكار، فأصبحت الدنيا ألطف مع مرور الوقت، وأرى أن الأوسكار لا يمنح للأفضل فقط، بدليل أن هناك أعمالا كثيرة سيئة تحصل على جوائز، وأعمالاً جيدة لا تدخل الأوسكار وليس لها فرصة للدخول، لذلك أنا محظوظ جدًا، فعندما دخلت المسابقة وذهبت لم يصدقوا بأن الفيلم هو إخراجى الأول، لكن الفضل يعود إلى المدرسة التى تخرجت فيها، لذلك على المصريين التعلم وبعدها احتراف السينما. * قلت بأنك محظوظ هل ذلك سبب للحصول على الأوسكار؟ - غير صحيح، الحظ هنا يعود لأشياء كثيرة، منها أننى عشت وولدت فى فترة الستينيات فى التشيك ووقتها النظام الحاكم لم يكن قوياً كما كان فى الأوقات السابقة، لذلك كان لدىّ مساحة جيدة لتقديم الكثير مما أريد تقديمه دون معارضة أو مضايقات من النظام التشيكى، وأيضًا لم أواجه أى مشاكل فى الإنتاج لأن ميزانيات الفيلم كنت قليلة من حيث الأجور وخلافه. * أثناء حديثك أشرت إلى أنه كان لا توجد رقابة هل تفضل ذلك؟ - أفضل وجود الرقابة على السينما لأنها شىء مهم ولا يمكن إلغاؤها، خاصة أن هناك أعمالاً تصدر يكون بها الكثير من المشاكل وغير مناسبة للعديد من فئات المجتمع. * تحدثت سابقًا عن تفضيلك للأعمال الكوميدية ما السبب؟ - الأفلام الكوميدية دائما تكون أفضل وسيلة للتعبير عن المشاعر الإنسانية والأفكار الفلسفية بشكل عميق، الأعمال الكوميدية تعيش أكثر من الدراما، أفلام شارلى شابلن تعيش دائما فى أذهانه ولن نستطيع أن ننساها، فأنا عندما أذهب إلى أى مهرجان أبحث عن الأفلام الكوميدية، وغير سعيد بسبب عدم وجود أفلام كوميدية فى الكثير من المهرجانات حتى أن الأمر تحول لممل بالنسبة لى، فالكوميديا فى التشيك هى الحياة لأننا دولة صغيرة ولا تملك جيشا قويا واحتلتها روسيا فى فترة من الفترات، ولا يوجد لديها سلاح للدفاع به عن أنفسهم سوى السخرية، لذلك نحن نعشق السخرية.