التقرير الاستراتيجى العربى..عالم مضطرب

بعد أيام قليلة يصدر التقرير الإستراتيجى العربى عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ويتناول التقرير بالتحليل والدراسة أحداث العام 2016 عالميًا وعربيًا ومصريًا.
مقالات متعلقة
* السيد يسين.. للعودة لا للرثاء
* مؤسسات الدولة وانتخابات المحليات
يعتبر التقرير عام 2016 عام التحولات الكبرى، فالعالم بأسره قبل هذا العام ليس كالعالم من بعده. المطّلع على عام 2016 يجد أن تلك التحولات كانت من الضخامة التى تجعل المرء يحادث ذاته بأن ثمة جديدًا هنا. صراعات وأزمات دولية جديدة، ووصول قوى غير تقليدية إلى السلطة، وقبل هذا وذاك وتلك توجد موجات لا متناهية من العنف والإرهاب. كل ما سبق جعل انهيار الاتحاد السوفيتى وما تلاه- والذى هز النظام الدولى بعنف، منذ عقدين ونيف- مجرد رذاذ فى بحر لجى منهمر بزغ منذ مطلع عام 2016 وحتى نهايته، وجعل السفن التى تمخر فى عبابه، أو بالأحرى دوله، تسجى فى أمواج متلاطمة، أو تسونامى قاصف وحاصب، لا يبقى ولا يزر.
فعالميًا، كرست روسيا وجودها على الساحة الدولية، فبعد تدخلها فى الأزمة السورية، طوى الغرب صفحة تدخلها فى شبه جزيرة القرم، وبين هذا وذاك كانت المواجهة مع الناتو الذى ما فتئ أن سعى بجهد حثيث لزيادة تسليح بلدان كانت تنتمى للمنظومة الاشتراكية السابقة لمواجهة النفوذ الروسى، وسط تحد كبير من قِبل روسيا، التى عولت فى نهاية العام على نجاح «دونالد ترامب» بمنصب رئاسة الولايات المتحدة، لا سيما أن الأخير انتقد بشدة علاقة إدارة أوباما بروسيا. هنا لا يمكن التغافل عن موقف «ترامب» الإيجابى تجاه روسيا، وانتقاده لحلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا، باعتباره مؤشرًا لما ستكون عليه السياسة الأمريكية تجاه دول العالم خلال إدارة ترامب التى بدأت فى منتصف يناير 2017، إذ أشار الأخير إلى أنه على الولايات المتحدة ألا تدافع بلا مقابل عن هذا الحليف أو ذاك.
بالمقابل، حدث شرخ كبير هز القارة الأوروبية. ففى 23 يونيو 2016، صوّت الناخبون فى المملكة المتحدة على خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبى. جدير بالذكر أن بريطانيا تعتمد على أوروبا فى 45% من صادراتها، وأنها رفضت التخلى عن عملتها (الإسترلينى) مقابل اليورو. وكان خروجها من الاتحاد يرجع لأسباب عديدة، على رأسها الخشية من تداعيات تفشى الهجرة من بلدان أوروبا الشرقية إلى بريطانيا.
وعامة، فقد أصابت نتيجة الاستفتاء كلًا من البريطانيين والأوروبيين بحالة من الذهول، ليس فقط لدعوة قوى سياسية أسكتلاندية وأخرى من أيرلندا الشمالية لتنظيم استفتاءات للخروج من عباءة المملكة المتحدة، بل أيضًا لرغبة اليمين الفرنسى والهولندى بمحاكاة بريطانيا، الأمر الذى يهدد الاتحاد الأوروبى. وعلى أية حال، فقد أوضح الاستفتاء أن هناك نهاية لحقبة التكتلات الإقليمية الكبرى والنزوح نحو القومية والسياسات الانعزالية، وهو ذات الاتجاه الذى عبر عنه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب.
وعلى الضفة الأخرى من المعمورة، تعيش أمريكا اللاتينية حالة تحول درامى بسبب انحسار اليسار الذى بدأ غزوه للقارة مطلع الألفية. هنا يشار إلى فشل حكومات اليسار فى تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع، وغياب العدالة الاجتماعية الموعودة، وممارسات الفساد لبعض النخب الحاكمة. كل ذلك أدى لتظاهرات حاشدة فى البرازيل، مما أسفر عن عزل رئيسة الدولة، والاحتجاجات التى شهدها العام فى فنزويلا، إضافة إلى التوترات فى نيكارجوا، وبوليفيا، وتشيلى، والأرجنتين، مما كشف عن عمق أزمة اليسار بجناحيه الشعبوى الداعى لمواجهة الإمبريالية (فنزويلا، وكوبا، والأكوادور، وبوليفيا، والأوروجواى) والإصلاحى المعتمد على تنفيذ سياسات خدمية فائقة الجودة (البرازيل، والأرجنتين، وتشيلى، وبيرو، وكولومبيا).
وفى أقصى الشرق، زاد التوتر بسبب حالة الشحذ بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وتجديد مطالبة الصين لليابان بجزر تهيمن عليها اليابان فى بحر الصين.
هكذا كان العالم مضطربا.. مضطربا.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة