وزير الدفاع يلتقي نظيره بدولة مدغشقر    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    المتحف المصري الكبير يستضيف النسخة ال12 من «Rise Up 2025»    عاجل - الحكومة تزف بشرى سارة بشأن الاقتصاد المصري    يعمل قريبًا على الدائري.. شاهد محطات الأتوبيس الترددي BRT «من الداخل»    طائرة ب400 مليون دولار تفتح نار الانتقادات.. نيويورك تايمز: "قصر ترامب الطائر" تجاوز للحدود الأخلاقية    السفير حسام زكي: مستوى التمثيل في القمة العربية ببغداد سيكون مُرضي للجميع    القاهرة الإخبارية: غزة تواجه كارثة إنسانية بانهيار المنظومة الصحية    ضياء السيد: ماشيين بطريقة مشي حالك عشان نادي معين ميهبطش.. والأهلي يقدم مستويات جيدة مع النحاس    كوكتيل مخدرات.. حبس 2 من أباطرة الكيف في القاهرة    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    عاجل - رئيس الوزراء يتابع مراحل إدارة وتشغيل "حدائق تلال الفسطاط"    مهرجان كان يضع حدا للعري والملابس المثيرة.. ما القصة؟    هاني رمزي ينشر صورة مع أحمد سعد من الطائرة: "ادعولنا ربنا يوفقنا"    التصريح بدفن جثة سائق توك توك لقى مصرعه على يد عاطل فى شبرا الخيمة    محافظ القاهرة: نسعى لتحسين جودة حياة المواطنين بالعاصمة والقضاء على المظاهر العشوائية    «5 أيام متصلة».. تفاصيل جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة دمياط    المبعوثان الأمريكيان للشرق الأوسط يؤكدان التزام ترامب بالإفراج عن جميع الرهائن    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    4 أئمة بأوقاف المنيا يشاركون في التصفيات النهائية لمسابقة الصوت الندي بالقاهرة    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    لصوص يسرقون مليون جنيه من شركة سجائر بأسوان والأهالي يعيدون المبلغ    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    "ليسو الوحيدون".. ريجيكامب يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك معه    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    «الداخلية» تستقبل الشباب المشاركين في برنامج القيادات الشبابية الإعلامية    صبحي خليل: إصابة بنتي بالسرطان كانت أصعب لحظة في حياتي    د.أحمد ماهر أبورحيل يكتب: تكافل وكرامة انتقل بالحكومة من الأقوال إلى الأفعال    ضبط المتهمين بالتعدى على طفلة بالشرقية.. فيديو    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    توريد 444520 طن من الأقماح المحلية لشون وصوامع محافظة الشرقية    طلب إحاطة في البرلمان حول إغلاق قصور الثقافة: تهديد للوعي والإبداع في مصر    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سوزوكى بالشرقية    وزير الصحة يبحث مع وفد البنك الدولي تعزيز التعاون في ملف التنمية البشرية    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    التموين: إطلاق شوادر عيد الأضحى 20 مايو الجارى لتوفير احتياجات المواطنين    على كل الأصعدة.. اعرف حظ برج الميزان في النصف الثاني من مايو 2025    صحة المنوفية تتابع سير العمل بمستشفى بركة السبع المركزي    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا وبالتيمور!
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 01 - 2017

بالتيمور اسم قد لا يعرفه الكثير من العرب، ربما يكون عدد قليل فقط من مثقفيهم هو الذي قد يكون سمع به من قبل؛ فهي ليست معروفة بين العرب على نطاق واسع مثلها مثل مثيلاتها نيويورك أو العاصمة الأمريكية الشهيرة واشنطن دي سي أو لوس أنجيلس أو سان فرانسيسكو. ومع ذلك، فإنها تحتل المركز الرابع في قائمة أكبر مدن الساحل الشرقي للولايات المتحدة بعد نيويورك وفيلادلفيا وجاكسونفيل.
حسناً، كذلك كان وقع سماع اسم بالتيمور للمرة الأولى غريباً على ومازال يثير دهشتي كلما سمعته رغم مرور كل هذه السنين التي قضيتها بها.
فما قصة هذه المدينة المثيرة؟
كانت معلوماتي عن تلك المدينة، التي ذهبت إليها منذ سنوات كي أدرس بها للحصول على درجة الدكتوراه في الآثار المصرية القديمة من جامعة جونز هوبكنز، متواضعة جداً. نعم لقد مر اسم مدينة بلتيمور بي مرات قليلة للغاية. كأن كنت أقرأه كمكان نشر أحد الكتب العلمية التي استخدمها في أبحاثي العلمية، خصوصاً الصادرة عن دار نشر جامعة جونز هوبكنز الشهيرة. وضمن إحدى هذه المرات، سمعت اسم بالتيمور مرتبطاً بإقامة أحد المعارض الأثرية عن مصر الفرعونية في متحف الوالترز للفن المعروف. أو كنت أربط دوماً بين اسم مدينة بالتيمور واسم القائد المغولي الأشهر تيمورلنك، وأحياناً بين اسم عائلة «تيمور» المصرية الزائعة الصيت في دنيا الأدب والثقافة، لاحتواء هذه الأسماء على المقطع الصوتي والكتابي «تيمور». وفضلاً عن ذلك، كانت متابعتي لأعمال روائية وسينمائية وتليفزيونية عديدة دارت أحداثها في بالتيمور أو تكرر ذكر المدينة بها مراراً. وكان من بينها، الفيلم العلامة «التنين الأحمر»، الذي هوسني فيه أداء السير أنطوني هوبكنز المعجز، ممثلي الأفضل دوماً بلا منازع، ولا يمكن أبداً أن أنسى دوره العبقري في هذا الفيلم: الدكتور هانيبال لكتر. وتخيلت أنني سوف أقابل الدكتور لكتر بمجرد أن تطأ قدماي أرض مطار بالتيمور- واشنطن الدولي. وحقيقة، فقد أخذت أحملق في أوجه جميع البالتيموريين، نسبة إلى بالتيمور، بحثاً عن وجه الدكتور لكتر بينها حتى إنه أثار ريبة الموجودين بالمطار في شخصي.
لم يكن أعلم أن القدر قد ادخر لي مفاجأة؛ وهى أن تكون بالتيمور إحدى المحطات الرئيسية في مسيرتي العلمية كي أدرس بها لعدة سنوات من عمري. ولذا كان لازماً على أن أعرف الكثير- خصوصاً أنني أحب القراءة والاطلاع- عن تلك المدينة التي سوف أقضى فيها حوالى ست سنوات من عمري المبكر حتى أحصل على درجة الدكتوراه. كيف لي أن أعرف شيئاً عن بالتيمور وأنا ذلك الذي لم أغادر مصر حتى إلى مملكة الأردن الشقيق أو حتى إلى الجماهيرية الليبية العظمى المجاورتين لمصر؟!
أخذت أجمع معلومات عديدة من المصادر المتاحة عن بالتيمور من الكتب والأدلة السياحية وشبكة الإنترنت وغيرها حتى تجمعت لدي ثروة هائلة من المعلومات عن «المدينة الحلم» أو «المدينة المنقذة» كما كنت أطلق عليها. غير أنها لم تكن بالنسبة لي، المدينة الحلم، كما كنت أعتقد، لكنها على أي حال كانت خيراً لي من البقاء في مصر، والإحساس بضياع العمر من بين يدي، وبأنني لا أحقق شيئاً كبيراً في بلادي؛ فشىء أفضل من لا شيء.
وكانت هذه أولى المعلومات التي عرفتها عن مدينته «المنقذة»:
تقع مدينة بالتيمور في ولاية ميريلاند على الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية. ويحد ولاية ميريلاند من الشمال ولاية بنسلفانيا، ومن الغرب ولايتا فرجينيا وغرب فرجينيا، ومن الشرق ولايتا نيوجرزى وديلاوير، وبالطبع المحيط الأطلنطي الذي أكسب ميريلاند، خصوصاً بالتيمور، بعداً تاريخياً كبيراً وكذلك سياحياً أخاذاً. وعلى الرغم من أن عاصمة الولاية هي مدينة أنابلس أو أنابوليس كما تكتب عادة في الصحافة العربية، فإن مدينة بالتيمورهي المدينة الأشهر والأهم في ولاية ميريلاند حتى إن البعض يعتقد خطأً أنها العاصمة، وهذا الاعتقاد الخاطئ قد يكون صحيحاً إلى حد كبير؛ لما تتميز به من مميزات تجعلها تتفوق على العاصمة نفسها في كثير من الأشياء؛ فيمكن القول إن بالتيمور هي العاصمة غير الرسمية للولاية. وتقع المدينة على مقربة من واشنطن دي سي التي تتماس مع الحد الغربي لولاية ميريلاند ومع الحد الشرقي لولاية فرجينيا.
ومن مصدر آخر عرفت مايلي:
سُميت مدينة بالتيمور بهذا الاسم نسبة إلى مالك ومؤسس مقاطعة، أو بمعنى أصح مستعمرة، ميريلاند، أو ولاية ميريلاند فيما بعد، المستعمر الإنجليزي المشهور اللورد بالتيمور الثاني أو سيسل كالفرت (1605-1675م) المنتمي إلى عائلة كالفرت الاستعمارية المعروفة التي يوجد شارع باسمها يشق بالتيمور من الشمال للجنوب، ويحمل كذلك لقب البارون بالتيمور الثاني، وينحدر من بيت اللوردات الأيرلندي الشهير. وقد أخذ اللورد بلتيمور نفسه لقبه هذا من بالتيمور في مقاطعة لونجفورد في أيرلندا. وبالتيمور كلمة أيرلندية تعنى «أرض بلدة البيت الكبير».
وبقى شيء عن بالتيمور أثار- وما يزال يثير- قلقي، وليس أنا فقط، بل كل من زار أو يزور المدينة أو أقام أو يقيم فيها حتى من الأمريكيين أنفسهم. وهذا الشيء هو ارتفاع معدل الجريمة في بالتيمور بصورة كبيرة جداً. مما جعل البعض يصفها بأنها مدينة العنف والجريمة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية بامتياز. وقد يكون محقاً في هذا؛ فعلى سبيل المثال، في شرق المدينة وأنحاء أخرى منها، يٌسمع دوى إطلاق الرصاص ليل نهار، وكأنهم يستمتعون بذلك، أو كأنهم يعزفون لحناً موسيقياً أثيراً لديهم. وتتعدد الأسباب والدوافع وراء انتشار الجريمة في المدينة. ومن بين أهمها الفقر والمخدرات وانتشار البطالة والعنصرية ضد الأجانب أحياناً.
ويرجع تاريخ تأسيس المدينة الحالية إلى 30 يوليو من عام 1729، ثم ضٌمت عام 1797. ولا تزيد مساحتها على مائتي وأربعين كم مربع. ولا يتجاوز عدد سكانها سبعمائة ألف نسمة.
ويطلق أهل بالتيمور عليها أسماء تدليل عديدة مثل: «المدينة الأثر»، و«المدينة الروعة»، و«بلدة الرعاع»، «ب- مور». وشعارها هو «أعظم مدينة في أمريكا»، و«ادخل إليها». وكان شعارها السابق: «المدينة التي تقرأ».
وتشكل بالتيمور جزءاً مما يعرف ب«منطقة بالتيمور- واشنطن». وفي القرن التاسع عشر الميلادي، صارت بالتيمور ثاني أهم ميناء لدخول المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وتعد المدينة ميناء بحرية أمريكية مهمة والأكثر قرباً لأسواق ولايات وسط غرب الولايات المتحدة، أو ما يعرف بالولايات الوسطى الشمالية مثل إلينوي وأيوا وإنديانا وكانساس ونبراسكا ومينيسوتا وميتشيجن وميزورى ونورث داكوتا وساوث داكوتا وأوهايو ووسكنسن، أكثر من أي ميناء كبيرة على الساحل الشرقي.
ويعد اقتصاد بالتيمور اقتصاد خدمات يعتمد بشكل أساسي على جامعة جونز هوبكنز ومستشفاها، ولم يعد معتمداً على حديد «بيت لحم» كما كانت الحال من قبل. وكما أن مدينة أوكسفورد الإنجليزية نشأت حول جامعة أوكسفورد لخدمتها، فإن الأمر ينطبق إلى كبير على مدينة بالتيمور وجامعة جونز هوبكنز.
وخلال القرن السابع عشر الميلادي، أٌسست مدن عدة تحمل اسم بالتيمور نسبة إلى ذلك المستعمر، وكأنه الإسكندر الأكبر الأمريكي، كموانئ تجارية في مواقع عديدة على خليج تشسبيك العلوي. ونمت مدينتنا بسرعة من منتصف إلى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي كمستودع للمستعمرات المنتجة للسكر في منطقة البحر الكاريبي. ولقد شجعت المنافع العائدة من السكر زراعة قصب السكر واستيراد الغذاء. وساهم قرب بالتيمور من الكاريبي، على عكس مدن بحرية كبيرة أخرى مثل نيويورك وبوسطن، في تقليل زمن النقل وحفظ الدقيق من التلف.
وفي حرب عام 1812 الشهيرة، أعلن البريطانيون بالتيمور وكراً للقراصنة. وتعرضت قلعة المدينة المعروفة ب «ماك-هنري»، بالقرب من الميناء، لهجمات القوات البريطانية بعد أن أحرقوا العاصمة واشنطن دي سي. وهذه المعركة تعرف اليوم ب«معركة بالتيمور»؛ وفيها انتصرت القوات الأمريكية بعد نجاحها في صد الهجمات الأرضية والبحرية المشتركة للقوات البريطانية المعادية.
كانت بالتيمور من أكثر المدن الأمريكية التي تم جلب العبيد لها من أفريقيا السوداء، وكانت هي آخر المدن التي يُحرر فيها السود في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومنذ أن وقعت عيناي على تلك المدينة أو سمعت بها أدرك أهميتها في حياتي وصرت جزءاً من تلك المدينة الجميلة الملهمة والمجنونة والعاشقة والمعشوقة.
ومنذ فترة حدثت مواجهات عنيفة بين سكان المدينة من الأفريقيين الأمريكيين ورجال البوليس على إثر مقتل أحدهم في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. فهل تشهد المدينة أحداث توتر مماثلة في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب؟
وفي النهاية، أقول من كل قلبي من قلبي لبالتيمور كل السلام والأمان والحب!
مقالات متعلقة
* حال الآثار في عام 2016
* الروائي علي عطا في روايته الأولى «حافة الكوثر»: تشظي الذات في غمار الربيع العربي المصري!
* وداعاً أبوالمعاطي أبوالنجا
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.