أماديوس. عنوان فيلم سينمائى حافل. إن لم تشاهده أرجوك افعل ذلك. إنه عن حياة موسيقار من أهم الموسيقيين فى العالم. موزارت. الفيلم يعرض لحياة هذا الفنان الكبير من خلال رجل دين عايشه. كان عاشقاً للموسيقى. واثقاً من نفسه إلى أن رأى إبداعات موزارت. هنا تضاءل. عرف حجمه. أدرك ما ينقصه من إبداع. نعم يعرف تماما مفاتيح الموسيقى ولغتها، لكن هذا لا يكفى، كان عاطلاً عن الإلهام. فالإلهام مثل الموهبة. مقالات متعلقة * تاريخ ما أهمله التاريخ: التطبيع الرياضى والتصرف التلقائى! * تاريخ وطرائف ومشاكل وعجائب الأولمبياد «سالييرى» الذى انتهى به المطاف فى مستشفى المجانين. كان يجلس متحدّباً وهو فى المستشفى ويقوم بالاعتراف إلى كاهن، بأنه كان يحقد على موزارت، وأنه يعانى معاناة نفسية شديدة لأنه لم يكن مثل موزارت. هناك لقطة خطيرة فى الفيلم. عندما استمع لأحد إبداعات موزارت عندها نزع صليبه الذى كان يرتديه فوق زيه الكهنوتى، قذف به فى نار المدفأة وخاطب ربه مغاضباً: لماذا جعلتنى أرى مواهب الآخرين ولم تجعل لى موهبة مثلهم؟ لا أتحدث عن عبقريات، إنما عن مواهب عادية. فى كل المجالات. فى الفن. فى الطب. فى الهندسة، وفى غير ذلك. فالأنصاف يفتقدون حتى ما لدى أصحاب المواهب العادية. النصف أقرب إلى الجاهل الذى لا يعلم أنه جاهل. هو أخطر أنواع البشر على الآخرين. خصوصاً لو كان له تحكم فى مصائر الآخرين. أما الجاهل الذى يعلم أنه جاهل، فهذا لا خوف منه. فهو سوف يسأل ويستشير من حوله، ليصل إلى مراده. أما النصف فهو يعلم ما ينقصه. وهذا ما لا يستطيع أن يغفره لإنسان، ولا حتى لربه. يعانى فوق التصور. لأنه يعلم أنه يعيش نصف كفاءة. نصف إنسان. نصف موهبة. نصف كاتب. نصف موسيقار. نصف مهندس. أى نصف. ما أصعب أن تعيش نصفاً لم يتحقق كله. لا يترك بصمة فى حياة من حوله. لم يترك أثراً. حاول محاولات جبارة لكنه ظل نصفاً. قرأ أضعاف أضعاف ما يقرأه غيره. لم يخرج بخلاصة تضيف إلى ما قرأه. هنا يتمكن منه المرض. يستولى عليه الحقد. لذلك فهو دائما محرض ضد الغير. مطالب بإعدام الجميع معنوياً، وإن أمكن جسدياً. غاضب. هارب بنفسه. وحيد مع نصفه الفارغ. يحاول أن يستنطقه دون جدوى. هم أناس لا يتمتعون بالرضا. لم يشعروا به يوما. رغم أن بعضهم نال أكثر من حظه. وأكثر مما يستحق. حصل على وظيفة. أو أصبح مديرا لشركة بالتزلف والنفاق. تجاوز أصحاب الكفاءة وهو يعلم أنهم متفوقون عنه فى كل شىء، فى التعليم، فى العمل، فى الخُلق- بضم الخاء. ترى منهم فى كل الطبقات. لا يخلو منهم مجتمع. هم من آفة كل المجتمعات. يجرّونه للخلف، إلى الجاهلية. يسعون دائما لغسل ماضيهم. يريدون الانتساب لأى صنف ذى موهبة. يلهثون لينالوا اعتراف الناس بأنهم ليسوا أنصافاً. لكنهم يعلمون حقيقتهم. أنصاف فى كل شىء، وأى شىء. يتطلعون للخروج، ولكن دائماً يخذلهم نصفهم الناقص. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة