السر الخطير فى القطاع العام

شركات القطاع العام تشكل مشكلة كبيرة فى معظم الدول النامية، لأنها تخسر وبها الكثير من العمالة غير اللازمة. البنك الدولى عادة يشجع الدول النامية على فتح الأسواق وبيع شركات القطاع العام، والتركيز فقط على وضع القوانين ووضع منظومة ناجحة يستطيع القطاع الخاص فيها أن ينمو.
مقالات متعلقة
* الحقيقة الصادمة
* لماذا تخاف أمريكا من الصين؟
* حارس المرمى وخط الدفاع
فى نفس الوقت تجد بعض الاعتراض على ذلك. مهاتير محمد مثلاً قال إن كل ما قاله البنك الدولى لماليزيا كان يفعل عكسه.
ما هو الصحيح؟ وماذا يجب أن تفعل مصر فى قطاعها العام الذى به 300 ألف موظف ولا يحقق أرباحاً تعطى عائدا مجزيا على الأصول الموجودة به؟
قبل ما أجيب عن هذا السؤال، دعنى أذكر تجربة الصين فى تطوير شركات القطاع العام بها.
الصين فى عام 1990 كان عندها قطاع عام كبير يحقق الخسائر كل عام، وبه 110 ملايين موظف (نعم أكبر من عدد سكان مصر و300 ضعف شركات القطاع العام المصرى). الصين الآن فى عام 2016 بها شركات فى القطاع العام أكبر مما كانت عليه فى عام 1990، ولكنها شركات تحقق أرباحاً وضرائب للدولة تعادل 900 مليار دولار (13 ضعف إجمالى كل إيرادات الحكومة المصرية فى عام 2015). الصين فكرت بالأسلوب التالى:
الملكية تظل مع القطاع العام والإدارة بفكر القطاع الخاص (بوضع أهداف بجدول زمنى واضح وحوافز للموظفين برواتب تتنافس مع شركات القطاع الخاص. فمثلا رئيس شركة CIMC يأخذ 80 ألف دولار شهرياً ولكن الشركة تحقق نصف مليار دولار أرباحا سنوية يستفيد بها سكان الصين). الفكر هو الأرباح التى من الممكن أن تتحقق أكبر بكثير مما يتم صرفه فى رواتب الكفاءات، الحكومة تسيطر سيطرة تامة على القطاعات الحيوية (البترول، الدفاع) أو التى من سهل تحقيق ربحية بها (الأسمنت، الحديد، الاتصالات، الموانئ، الطيران، الكهرباء.. إلخ). لماذا؟ لأنه لا داعى لترك الربحية للقطاع الخاص إذا كانت الربحية سهل تحقيقها، ومن السهل أن تفيد شعبا كاملا بدلا من مجموعة من الأفراد فى القطاع الخاص.
كما استثمرت الدولة فى القطاعات التى من الممكن أن تفتح الصناعة (البتروكيماويات، صناعة السيارات، الإلكترونيات، النقل.. إلخ). لماذا؟ للإسراع بوتيرة التنمية.
تشجيع المحافظات على إنشاء الشركات عن طريق تحفيزها بالاحتفاظ بجزء من إيرادات الضرائب وجزء من الأرباح ويتم إدارة الشركات الكبرى عن طريق صندوق سيادى يدار بهيئة عليا SASAC (state owned assets supervision and administration commission).
مصر عليها أن تسعى لتحقيق معدلات نمو عالية (أعلى من 9%) وليس ما نحققه الآن (4% فقط). والسر الكبير وراء نجاح الصين فى عمل معدلات أعلى من 10% لمدة كبيرة هو أنها اعتمدت على 3 قطاعات: القطاع الخاص الصينى + القطاع الخاص الأجنبى FDI + القطاع العام الصينى. فتحت الباب للقطاع الخاص الصينى والأجنبى ولكن فى نفس الوقت بمشاركة قوية جدا للقطاع العام.
بدون تطوير القطاع العام الصينى لم تكن الصين تستطيع النمو بسرعات عالية. كذلك مصر عليها بفهم الدرس الصينى. نفس الدرس تكرر فى سنغافورة وماليزيا والإمارات.
السر الخطير: الملكية لابد أن تظل مع الدولة ولكن الإدارة لابد أن تتم بفكر الإدارة فى شركات القطاع الخاص.
رمضان كريم
كل ما يتعلق بالاستثمار والاقتصاد والأسعار