عندما تطرق الديموقراطية أبوابنا بقوة ناهبة حصون و قلاع القهر و الإستبداد نشعر بسعادة غامرة و نحن نرى الأوثان تسقط و نحن نحرك السنتنا بالنقد فى حرية بالغة لمن كانوا يجلسون فى صفوف الحكام المعصومين الذين يستحيل مجرد التعليق على أيا من أفعالهم .. و لكن الديموقراطية تسبق أفكارنا و تأخذنا الى مفاجأة فى غاية الغرابة و هى تحولنا الى إنتقاد و مناقشة كل موجودات و أركان المجتمع و ليس النظام المسقط فحسب و لا توجد مشكلة إذا كان الأمر قد وقف عند هذا الحد لكن المفاجأة المذهلة تكمن فى عدم قبولنا للرأى الأخر أو النقد بحال سيرا على التسطيح المبالغ فيه فى فهم ثقافة الإختلاف فعلا لا قولا و الضيق بأى رأى مغاير لما قد نطرحه و الحساسية المفرطه للأخر و التى غالبا ما نرجعها لجهل الأخر أو التجاوز الى نقد الأخر بذاته و شخصة و ليس رأيه و إرجاع اختلافه الى إحدى النظريات التآمرية أو الأجندات الخفية دونما أن نبحث بقدر من المعقولية و الموضوعية فى مدى صحة هذا الرأى و امكانية أن يكون طريقا لحل مشكلة ما أو سبر أغوار طلسم من الطلاسم..يحدث هذا و نحن فى القرن الواحد و العشرين و قد انكشفت الكثير من حجب و أسرار الكون و صارت الخلافات على جزئيات و إنتماءات سياسية محدودة و ليست على ظهور دين جديد مثلا أو نشوء نظرية ما فى الجغرافيا مثلما أثبت جاليليو أن الأرض ليست هى مركز الكون و هو ما يفسر بجلاء السر فى إتهامه بالكفر من الكنيسة و السر فى تميز الصحابة الأولين للرسول عليه أفضل الصلاة و السلام عن سائر المسلمين ، ذلك أنهم كانوا روادا فى تمسكهم بما آمنوا به ، قلة فى مواجهة كثرة ، يتحدثون بالعلم و بالمنطق و بالحسنى من قبل و من بعد و ليس بفرض الرأى و إسباغ القدسية على ما جاءوا به – وهو مقدس – لأنهم لو فعلوا ما كان أن تقوم للإسلام قائمة و لكنهم إختاروا الطريق الصعب فى حماية الدعوة و كان لهم ما أرادوا – فلما جئنا الى هذا العصر و قامت ثورتنا العظيمة و انتصرت بأرواح شهدائنا و إرادة شعبنا الأبى بحق و صرنا نهيىء أنفسنا لمباشرة الديموقراطية الحقيقية فوجئنا بالكثيرين الذين يريدون أن يكون الحكم باسم الدين – و أنا لا أعترض على هذا الرأى لكنى أرد فى هدوء و تؤدة متسائلا لأى من أراد أن يقيم حزبا إسلاميا أو سلفيا أو - مسيحيا أو كاثوليكيا أن يجيبنى على أسئلتى التالية بكل صدق و أمانة:- - هل تعلم أن بدخولك معترك العمل السياسى يجب عليك أن تتحمل أى نعت أو نقد يوجه لشخصك أو لعملك أو المقربين منك بل و لكلامك و حديثك كله ماهو منك أو ما تنقله عن أى مصدر أيا كان؟ - هل تعلم إنك إذا ما طبقت أو ناديت بتطبيق أية سياسة أو خطة طبقا للقرآن أو الإنجيل و لم تنجح بسبب عدم تطبيقها على نحو صحيح أو لخطأ فى التطبيق بأنك ستتسبب فى الإساءة أو على الأقل التعريض بمصدرها و هو القرآن أو الإنجيل دون أن تجروء على إتهام المسىء بالكفر أو الزندقة؟ - هل ستقبل التعامل مع الآخر و ستأخذ برأيه و تعمل به إذا كان فى صالح البلد ثم هل ستقبل أن تختار من الأخر من يتولى القيادة – أمريكا ما كانت لتقبلها إذا تأكدت أن أوباما مسلم- هل ستقبل أن يتولى ساويرس رئاسة حزب أنصار الإسلام مثلا لو كنت إخوانى أو القرضاوى زعامة الحزب القبطى التقدمى إذا كنت قبطيا؟ إن لدى عشرات و عشرات من الأسئلة لكنى سأكتفى بما سبق طرحة و أجيبك أنا بأنه إذا كانت إجابتك بنعم فى أى سؤال مما سبق فأنت ينقصك الكثير و الكثير من المصداقية و الموضوعية ، أما إذا أجبت بلا ، فأجبنى بالله عليك لماذا تريد أن تحكم؟ و ما الذى دفعك لممارسة السياسة؟ و من الذى تتوقع منه أن يقبل حكما بهذا الشكل؟ و لماذا تفعل ذلك ببلدنا التى تحتاجنا (كلنا) معا لحمايتها و رقيها و تقدمها و ليس فئتى حكام و محكومين؟ ألم تكتو بالديكتاتورية؟ و ما الذى ستفعلة بمعارضيك إذا خالفوك؟ و ماذا إذا جاء يوما و حكموك هل ستقبل الحكم بشريعتهم أم ستطالب وقتها بدولة مدنية؟ أم ترى أنك ستطالب بالإنفصال مثلما حدث بين الهند و باكستان منذ عشرات السنين؟ أنا أملك رأيى و هو بكل صراحة إننا لا نريد أحزابا دينية نهائيا .. فهى قنابل موقوتة لا نريد ولاية الفقيه أو البابا ،من غير المقبول أن يتدخل أى شيخ أو قسيس فى الإنتخابات أو الإفراج عن أحدهم أو إخفاء أحدهم أو إعفاء ثمة مجرم من العقاب فهى كارثة .. و أنوه لأى مصرى مؤمن بالله و بالحق و العدل بألا يضع هويته الدينية على رأس تعريفاته حين يعمل بالسياسة بأى شكل من الأشكال حتى لا يتأذى أو يتسبب فى إيذاء مشاعر بنى جلدته و شريعته أو يتسبب فى حرب أهلية و هو من الجاهلين ..لنجعل الدين فى قاعدة تصرفاتنا و أخلاقياتنا مصدرا لإلهامنا و محركا لهممنا و إرادتنا و ليس على رأس حواراتنا و خططنا فيسهل تناولة و إجترارة للنقد و التداول و يتم تسطيحة و تسطيح هويتنا و مصريتنا و نصير دولة على شفير أن تصير دويلات مذهبية بفعل الغاشمين ألا اللهم بلغت .. اللهم فاشهد ، " و أختتم حديثى بقوله تعالى " بسم الله الرحمن الرحيم ، قولوا أمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحق و يعقوب و الأسباط و ما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون،" صدق الله العظيم