قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    من بينها الأهلي والزمالك.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    الحكومة تعتزم إنشاء مركز تعليم الحرف اليدوية بمدرب اللبانة.. صور    منتخب مصر يسقط أمام أوزبكستان بهدفين وديًا    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    مقتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة وسط استمرار حالة التوتر رغم وقف إطلاق النار    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    تألّق فلسطيني لافت... أبطال "كان يا ما كان في غزة" يخطفون الأنظار في مهرجان القاهرة    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    محافظ المنيا يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى تحسبًا لعدم استقرار الطقس    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة سكان في قطاع غزة    السنيورة: حزب الله فرض سلطته على لبنان وحوّل مرجعيته إلى طهران    أرقام مذهلة وكنوز لا تقدر بثمن.. المتحف الكبير هدية مصر للعالم    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    وزارة الصحة: استراتيجيات مبتكرة لمواجهة الفيروس المخلوي التنفسي RSV    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات صدارة بطولة العالم للرماية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    أيمن عاشور: انضمام الجيزة لمدن الإبداع العالمية يدعم الصناعات الثقافية في مصر    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتلُ الشُّعراء بتهمة الارتداد عن الدين
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 03 - 2016

شاعرٌ لم يغيِّر دينه، ولم يتحوَّل عن الإسلام، ولم يجاهر بأنه ضد مُعتقده، ولم يحتقر دينه أو ينتقص من تعاليمه، فهل يمكن اتهامه بالرِّدَّة، ومن ثم يجب قتله؟
مقالات متعلقة
* رفعُ الجهالة عن رافضى تجديد الدين
* صلاح الدين يُحسن اختيار سفرائه.. ولكن!
* «الدين والسياسة» والمعيار المزدوج
شاعرٌ لم يُصلّ ولم يصُم ولم يحُج ولم يؤد الزكاة، لكنَّه مُوحِّدٌ ويشهد بالله ورسوله، فهل يمكن إخراجه من الدين والإيمان، مع أنه يؤمن بالله والرسول؟
وهل يمكن أن نكفِّر من ترك أو أهمل أداء الفرائض، ونتهمه بالفسُوق والعصيان، ونحن نعلم- سلفًا- أن هناك إلهًا يغفرُ المعاصى، أم أنه تم إخراج «الله» من المسألة (التى صارت لعبةً سياسية أيديولوجية أكثر منها عقائدية).
نحن أمام شاعر- إنسان لم يُشْرِك بالله ورسوله ولم يكفُر، ولم يرتكب فعلاً ينطوى على شُبهة ما تؤدِّى به إلى اتهامه بالارتداد عن الدين، ومن ثم وجب حرقه أو شنقه أو فصل رأسه عن جسده أو إعدامه بالرصاص، أو تقطيع أوصاله على عادة ما كان يفعل بعض «المسلمين» فى إخوانهم زُورًا وبهتانًا فى القرُون الإسلامية الأولى والمتأخرة والوسيطة والحديثة، وإلى يومنا هذا، فهل لأحدٍ داعشىٍّ كان أم مُتسلفٍ أم متأسلم أن يحلَّ دمه؟
من له أن يدرك أن فلانًا كافر أو مُرتد سوى الله، الذى هو أعلم بالسرائر من سائر خلقه، الذين نصَّبوا أنفسهم نوابًا للخالق، الذى لم يمنح أحدًا توكيلًا لينوبَ عنه فى تقويم الناس، وحثِّهم على الفضيلة والتقوى؟
فمن يرتكب معاصى وذنوبًا مهما كثُرت وتعدَّدت وعظُمت لا يمكن لأحدٍ أن يخرجه من زُمرة المؤمنين، وما يحدث الآن من تكفير الشُّعراء وقتلهم بتُهمة الردَّة ما هو إلا عملٌ من أعمال تغليب المذهبية والعصبية والجاهلية والقبلية، خُصوصًا لدى الحركات والأصوليات التى تُلصِق نفسها بالدين الإسلامى، وهى- حقيقة- بعيدة عنه بسلوكها المُشين والمُخجل والبعيد عن صحيح الدين وتعاليم الإسلام.
لقد انشغل المتأسلمون بالظاهر والشكلى، ولم يقفوا يومًا أمام الباطن والجوهر، ولذا عمَّت الفوضى وانتشرت السرقة، وكثر القتل، وزاد الفساد فى المناطق التى تحكَّمُوا فيها، أو استولوا عليها أو حكمُوها (خذ داعش وطالبان أنموذجين مثاليين)، حيث اهتموا بلباس المرأة، وزينتها، وسفورها، وعطورها، ولحية الرجل، وأداء الصلوات، وصوم رمضان، ولم يفكِّروا يومًا فى رفعة الناس بالتعليم والثقافة والمعرفة، حيث يرون الحرفَ حرقًا، والكلمة جُرمًا، واللغة الأجنبية الأخرى فِسقًا، والعلم ضربًا من ضرُوب الشيطان.
إن هؤلاء عندى شاذون، ضاربون بجذُورهم فى تربة الجهل، التى تنبت كل طلعة شمس جهلة جُددًا، حتى صارت القاعدة هى التكفير، والاتهام بالردَّة أو الزندقة أو الهرطقة أو المُرُوق أو الخرُوج من الملة.
دعك مما جاء بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى اعتمد عام 1948، حيث تنص المادة الثامنة عشرة منه على أن (لكل إنسان حقًّا فى حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته فى أن يدين بدين ما، وحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره، وحريته فى إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
ولا يجوز تعريض أحدٍ لإكراه من شأنه أن يخل بحريته فى أن يدين بدين ما، أو بحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره).
ودعك مما قاله عبدالعزيز جاويش (12 من شوال 1293ه/ 31 من أكتوبر 1876- 13 من شعبان 1347ه/ 25 من يناير 1929)، عندما قال: «وما كان للعقائد أن تتكون بالإرغام والقهر، ولا للإسلام الذى هو دين البحث والنظر أن يقول بقتل من لا يدينون به»، وهو بالمناسبة أحد تلامذة الإمام محمد عبده، وقد تخرَّج فى الأزهر ودار العلوم وعمل أستاذًا فى أكسفورد بعدما أكمل تعليمه فى بريطانيا، أى أنه من أهل البيت الأزهرى، ولكن العقليات والنفوس تتفاوت وتختلف فى انفتاحها وانغلاقها ونظرتها إلى الدين والدنيا، وهو صاحب كتاب (الإسلام دين الفطرة والحرية)، الذى كتبه عام 1323ه/ 1905م، وقد استوحى عنوان كتابه عندما سأله أحد طلابه الإنجليز أثناء تدريسه فى لندن: « يُخيل إلىَّ يا شيخ أن هذا الدين- الإسلام- لا ينافى الفطرة».
ودعك مما قاله شيخ الأزهر المستنير عبدالمتعال الصعيدى (1313- 1391ه = 1894- 1971م): «الحرية الدينية عبارة عن حق الإنسان فى اختيار عقيدته الدينية، فلا يكون لغيره من الناس سلطانٌ عليه فيما يعتقده، بل له أن يعتقد ما يشاء، وله ألا يعتقد فى شىء أصلًا، وله إذا اعتقد فى شىءٍ أن يرجع عن اعتقاده من الدعوة إلى ما يعتقده بالتى هى أحسن».
وعبدالمتعال الصعيدى هو عالم وعلم أزهرى إصلاحى وصاحب كتب «الحرية الدينية فى الإسلام»، «مع الأزهرى التقدمى من الشيخ السبكى إلى فولتير»، «حرية الفكر فى الإسلام» وغيرها من الكتب المُنيرة والمؤثرة.
فللفقيه أو الإمام أو الشيخ، أو حتى المتسلِّف أو المتأسلِم فقط مهمة البلاغ والدعوة، دون أن تكون له سلطة دينية أو معنوية على أحدٍ يُكْرِهُهُ على شىء، أو يسيطر عليه بأى طريقةٍ كانت، لأن الله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)، الآيتان 21 و22 من سورة الغاشية. وهذا قول لا التباس فيه أو غموض، وهو القائل أيضا: (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ. قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ. فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا. وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، الآية 256 من سورة البقرة. وأنا ممن يتمسَّكُون بأهمية تطبيق هذه الآية فى مجتمعاتنا، لأنها بيانٌ واضحٌ فى شأن حرية المُعتقد، وهو القائل: (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)، الآية 29 من سورة الكهف، وقال فى قرآنه: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، الآية 48 من سورة الشورى، وقال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، الآية 99 من سورة يونس. والشواهد القرآنية والنبوية، وكذا أقوال الفقهاء والعلماء، أكثر من أن تُحصى وتُعد.
إن الاتهام بالارتداد صار كشُرب الماء فى بلادنا، حتَّى أن من تختلف معهم فكريًّا وليس عقائديًّا، سرعان ما يصمونك بالكُفر والزندقة والردَّة، وبات الأمر ظاهرةً وليس استثناءً. وما إعدام الشاعر السورى محمد بشير العانى (من مواليد 1960) بتهمة الردَّة، ومعه ابنه البكر إياس، على أيدى داعش «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» ببعيدٍ عمَّا يصيب الناس الآمنين المؤمنين على أيدى تجَّار الدين وأعدائه.
[email protected]
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.