هل فكَّر مسؤول عنده ذرة من خيال فى تداعيات قرار إغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب؟ مقالات متعلقة * صبحت على مصر النهارده؟! * القضاء شامخ بأحكامه وليس ببدلاته!! هل حسبها المسؤول العبقرى جيداً؟ هل تحرك من تلقاء نفسه طبياً بقرار صادر من الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية التابعة لوزارة الصحة أم أن أسباباً أخرى وراء القرار الغريب؟ ماذا يقدم «النديم» سوى دعم لضحايا العنف والتعذيب، حساب «النديم» على ماذا؟ على دعم خمسة آلاف حالة طالها العنف والتعذيب منذ عام 1993، على اشتغال نفر من المحترمين على حقوق الضحايا، هل لأن سيدات فضليات كرَّسن حياتهن لتطبيب آلام الضحايا وتأهيلهم للعودة إلى الحياة؟! مَنْ قرر إغلاق «النديم» لم يقدم خدمة حقيقية لضحية مجهولة من قرية مجهولة لا تُرى بالعين المجردة على خريطة المحروسة، لم يتبرع بوقته وماله وحياته لمن وقع ضحية تعذيب أو عنف، لم يفكر يوماً فى إعانة هؤلاء الضحايا على الحياة، والدفاع عن حقوقهم، والاستقتال فى الحصول عليها ممن ظلمهم، مركز النديم طوال ربع قرن ظهرٌ لمَنْ لا ظهر له، وسند للضعفاء والمقهورين. توقفت ملياً أمام جملة «مذبوحة» من الأستاذة ماجدة عدلى، مديرة المركز المفجوعة فى قرار تشميع المركز، تقول: «النديم مش هيقفل، والأفكار مبتموتش، ومواجهة التعذيب بقت فكرة فى دماغ الملايين، فلو عايزينّا نبطل شغل يبطلوا تعذيب»!! يغلق مركز النديم عندما يختفى العنف والتعذيب، ولكن الحاجة لمركز النديم وغيره من المراكز المعتبرة التى لا تتاجر بالضحايا ولا تتربح من دماء المكلومين، ولا تستخدم المقهورين بضاعة فى صراع سياسى، ولا تتبضع على حساب الغلابة، الحاجة ملحة، اتركوا الأطباء يطببون النفوس. أثق دوماً فى تقارير مركز النديم، وعادة ما أتوجس خيفة من هذه النوعية من التقارير، وأخضعها لاختبارات، وأراجعها مع مطلعين، ما جربت عليهم كذباً ولا تلفيقاً، ودليلى صمود هذا المركز طيلة ما يقرب من ربع قرن فى وجه العواصف والأنواء السياسية، ثابت بمصداقيته، وتقاريره الموثقة، وإخلاص مؤسسته السيدة «سوزان فياض» لقضيتها الإنسانية. أعلم أن المركز أصدر أخيراً عدة تقارير ربما أزعجت نفراً من المرجفين، وتناولتُ بعضاً منها فى هذه المساحة طالباً ردوداً على ما جادت به تقارير النديم، وتلقيت من المركز ما يفيد بسلامة التقارير، وتوثيقها، وعرضتها على أولى الأمر «نشراً» لعلهم يردون، أو ينفون، أو يكذبون، وكانت ردود وزارة الداخلية خلواً من العصبية بل وضعت هذه التقارير ضمن تقارير أخرى أرسلت من المجلس القومى لحقوق الإنسان، وتلقى المجلس عديداً من الردود، وتوثيقاً لحالات تضمنتها التقارير، ومن بينها تقارير مركز النديم. ماذا حدث لكى يتم إغلاق مركز النديم؟ تطبيق اشتراطات المؤسسات العلاجية على مركز النديم، وشيزلونج وغرفة كشف، وجهاز أشعة، وشاش وقطن وميكركروم لا يستقيم. رسالة النديم أبعد من غرفة العمليات، رسالة النديم الوقوف على حالات ضحايا العنف والتعذيب ودعمها حقوقياً وطبياً ونفسياً وتأهيلها للعودة إلى الحياة، واسترداد حقوق الضحية من الجناة، إذا كانت هذه رسالة النديم غير المسجلة فى أوراق الترخيص باعتباره مؤسسة علاجية، ويمارسها المركز باحترافية ومهنية طوال 23 عاماً.. هل جدّ جديد؟ الجديد هو أن هناك روحاً متوجسة من كل ما هو حقوقى حتى لو كان مركز النديم، روحاً شريرة مستقوية، لا تفرق بين المراكز المحترمة وبين بوتيكات حقوق الإنسان، يتركون من ينهش فى جسد مصر، ويغلقون من يطيب خاطر الضحايا ويجتهد فى الحفاظ على حقوقهم الإنسانية، هذه الروح الانتقامية التى تغلق أبواب الرحمة فى وجه الضحايا لا تخدم هدفاً سامياً تترى فى خزعبلات مسطورة فى قارورة فارغة من العقل!!. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة