التعليم: تسليم كتيب للتقييمات المنزلية لطلاب المدارس العام القادم    رئيس جامعة بنها يتفقد أعمال التطوير بمجمع الخدمات والإدارة الطبية    ياسين منصور يتوقع ارتفاع أسعار العقارات في مصر 12% لهذا السبب    خلال ورشة عمل بإسطنبول.. «التضامن» تستعرض التجربة المصرية في منظومة الحماية الاجتماعية    وزارة النقل تطالب مستخدمي الدائري عدم استخدم طريق الأتوبيس الترددى    الأمم المتحدة: من غير المقبول أن يغامر الفلسطينيون بحياتهم من أجل الغذاء    هل مصر دخلت «حزام الزلازل»؟.. عميد معهد البحوث الفلكية يُجيب (فيديو)    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    مجدى عبد الغنى: الأهلي غير قادر على تخطى دور المجموعات بالمونديال    «من الإسماعيلي إلى بيراميدز».. قصة 101 لقب قاري لعرب أفريقيا    «الداخلية» تكشف تفاصيل فيديو تعدي شخصين على طفلة بالضرب بدمياط    ليلى علوي بعد تكريمها في مهرجان روتردام :«حب الجمهور هو أكبر تكريم لأي فنان»    "منتصف النهار" يسلط الضوء على استهداف الاحتلال مراكز المساعدة وزيارة عراقجى لمصر    هل يجوز للمرأة ذبح أضحيتها بنفسها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي مناسك الحج للأطفال؟.. تجربة روحانية بسيطة خطوة بخطوة    وزير الصحة يستقبل الرئيس التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى الجراحات بشبين الكوم ويحيل رئيسة التمريض للتحقيق    تقارير: بي بي سي ألغت مقابلة بين صلاح ولينكر خوفًا من الحديث عن غزة    تقارير: باريس يفتح باب الرحيل أمام كانج لي وجونزالو راموس    مواعيد عمل البنوك بعد عيد الأضحى المبارك    مجدي عبد العاطي يعلن استقالته من تدريب الاتحاد    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    صدمتهما سيارة «نقل ثقيل».. إصابة سائحين بولنديين في حادث بطريق سفاجا - الغردقة    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    ارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن إلى 50 %    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة «بوحة» والمستباح!
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 02 - 2016

عزيزى الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، أكتب لك كزميل فى دنيا الحرف شاءت ظروفه أن يتولى مسؤولية وزارة الثقافة فى زمان مرتبك، لا تؤاخذنى إن قصدتك ووجهت رسالتى إليك، فأنا أشعر بحيرة ولا عرف من أخاطب حين يكون وجدان أمة عليلاً زاره السأم، هل أخاطب وزير الاستثمار لمجرد إشرافه الإدارى على فضائيات بلدى؟ فالرجل لا يملك أن يحلل أسباب الوجدان السقيم، وأظن أن كلمة وجدان تعبر عن الثقافة السائدة فى حياة الشعوب وأظن أن الثورة الثقافية فى الصين جعلت لماوتسى تونج مكانه فى التاريخ.
إن ما جرى فى مصر منذ الثورة الينايرية أربك علماء الاجتماع السياسى، وقفوا أمام ظاهرة الطفح على جسد المجتمع بعلامات استفهام كثيرة ومازالوا يتساءلون، نحن بلد الأقوال المبتورة، كل واحد يجتهد ويلقى بنظرته ويمضى، لقد وصلت الشخصانية فى المجتمع إلى حالة مرضية. راقب المتحدثين على التليفزيون ستكتشف حجم الانتفاخ الذى أصابهم، فى زمانى حاورت فرسان الأمة من إحسان عبدالقدوس إلى د. زكى نجيب محمود مروراً بعباقرة بحجم إدريس ومنصور ومحفوظ والحكيم، أملك أن أقول يتحدثون معى بتواضع العشب، فما الذى جرى لفرسان هذا الزمن من الانتفاخ الكاذب؟ هل أيديولوجيات ثورة يناير ساهمت فى حمل كاذب؟ هل هو الفراغ السحيق ضرب الوجدان والقيم فى مقتل؟ ولكن آفة الثورة - دون أن أقلل من أهميتها- خلقت أسوأ حالة فى حياة الشعب المصرى وهى الانقسام، بات الشعب منقسماً على نفسه ونظر أساتذة الاجتماع إلى الظاهرة بتحليلات جاهزة معلبة وفشلوا فى الدخول إلى عمقها فصارت ظاهرة لقيطة.
ولما كان التعليم فى بلدى مجرد وزراء يتبادلون الموقع وكل واحد يبدأ من أول السطر، صار التعليم لقيطاً وأدت الثقافة السائدة إلى تقلص احترام المدرس والمدرسة، ولأننا بلاد الثرثرة فى قضايانا، صرنا مجرد ظاهرة صوتية، وكأننا حين نتكلم يخيل إلينا أننا توصلنا للحل، لا أحد يهتم فى المدينة بما طرأ على الشارع المصرى من فجاجة وشراسة وعدم احترام للكبير، فاهترأت القيم ولأن الشارع قضية معنوية، فلم تأخذ أى اهتمام جاد وقامت الشرطة بدور رئيسى فى عودة الشارع للسياق بعد أن زرعت الخوف من القانون، ولكن ظلت عفونة بطن الشارع حاضرة. لم يخرج أحد له قيمة وقامة ليرصد الظواهر الطارئة على الشارع المصرى وانتهى الأمر إلى فساد ذمم وتطور من سيئ إلى أسوأ.
الكاتب الصحفى حلمى النمنم
أكتب لك لأنك تفهمنى ولأن لك عينين تدركان ما وراء السطور، أكتب لك رغم أن الفضائيات ليست من سلطاتك، أكتب لك وأنا أعرف أن مسميات كثيرة فرضت نفسها فى الآونة الأخيرة وتتكالب أسماء كثيرة على الفوز بهذه الكعكة، ولأن شيئاً لم يختمر وصارت له ملامح، صار القرار مؤجلاً وتحولت الشاشات الليلية إلى معرض للقبح لفظاً وسلوكاً، نحن - سيدى - بلاد تفور ثم تخور، ليس لدينا مواقف نحافظ عليها بنفس طويل بل إننا لم نتعلم هذه القيمة، ولأن مصر بكتلتها السكانية تشكو الفراغ وتهتم بلقمة العيش، فإن «الأفيون» الوحيد هو الكورة وشاشات الفضائيات التى يسرق الناس من همومهم، وصارت آخر صورة للبنى آدم المصرى أنه كائن تليفزيونى وفهمت الفضائيات اللعبة فأعطت للبرامج نكهة الجنس وربما يشتهر برنامج بسبب عبارة ذات إيحاء جنسى. ودخل عنصر مهم لعله أهم عناصر اللعبة وهو «الإعلان» وسلم لى - بعد إذنك - على شاشة الثقافة والفكر والتنوير، فهذه بضاعة فاسدة لا لزوم لها.
ربما قلت «مالى وما لهذا المستنقع، كما وصفه كمال أبوالمجد يوماً» ربما قلت «أنا لست وزير الإعلام فلماذا تضع على أكتافى أثقالاً»، نعم، أنت لست وزير الإعلام لكنك تمثل فى الحكومة وجه الثقافة، القوة الناعمة فى المجتمع، ثم إنك مثقف من طراز آخر ولا أظن أن عملك يقتصر على الافتتاحات وتوزيع الجوائز وحضور المؤتمرات والمهرجانات. فيه حاجة غلط، نصرخ فقط عند الكارثة، وفيما عدا ذلك تتقيح الجروح وتشوه مصر الفكر. ولأن ناس مصر- باستثناء فئة جادة - يسلمون أنفسهم للشاشات وصفحات الفيس بوك وهم فى النهاية يمثلون المستهلك ويسرق الغث والهلس وقت المصرى، فصار مستقبلاً للدونية والفظاظة.
فما جرى من الممثل الليمبى محمد سعد يمثل انحداراً وتحرشاً جائعاً علينا مع الممثلة التى ارتضت هذه الشخصية المتحرش بها، وتقولى البلد والأجهزة والمجالس تحارب التحرش؟ أين البلد والأجهزة والمجالس ودور العبادة لضبط هذا المتحرش العلنى الفاضح، لقد صعد بوحة الجزار بسرواله ليغازل ذات الجسد المسعور ثم حملها بيديه، معنى هذا أن «العمل الفنى» هتك عذرية الناس.
قل لى بالله عليك: هل نحن شعب يحارب الإرهاب؟ بأمارة إيه؟ هل نحن شعب يقف مع حكومته على خط النار ويمد القيادة بالمعلومات فى رحلة الحرب الطويلة؟ بأمارة إيه؟ هل خطيئة صفوت الشريف، مهندس فضائيات مصر، أنه أعلن أنه آخر وزراء مصر؟ هل استفادت مصر من إلغاء منصب وزير الإعلام أم ازدادت الصورة سوءاً؟ الآن وفى ندرة وجود كيانات قوية لهذا المنصب عاد التفكير مجدداً لعودة المنصب. الطامعون كثيرون والأكفاء قليلون وثقافة بوحة تحكم المجتمع ويصبح تشويه نساء الصعيد حادثاً عادياً فى السياق لولا انتباه النائب العام لكلام معتوه غير مسؤول.
الكاتب الصحفى حلمى النمنم.
أنت لست أمام حادثة أو اثنتين، أنت أمام «حالة» فيها فاجر الكلام والسلوك وفيها تمرح الخرافة، مازالت الشاشات تقدم ناس «راكبها عفاريت»، مازالت تقدم «مواهب!» لإخراج الشياطين.
يحدث هذا فى مصر فى الوقت الذى تطلق فيه أوروبا قمراً للمساعدة فى تتبع ارتفاع درجة حرارة الأرض «!!» ورئيس حكومة مصر يبشرنا بالعدادات الكودية لمنع سرقة الكهرباء والماء.
لاتزال اللجان تتحاور مع بعضها، فيها لجان وطنية ومجموعات من قدامى الإعلاميين ظهروا على السطح يقدمون الرأى والنصح وتظل آراء ليس من بينها قواعد حاكمة. ما عاد هناك «الكبير» الذى يحدد طريق السلامة الإعلامى، فحدث الصدام المتوقع بين الناس والشاشات، إنه غضب الجماهير على «الأب البديل» الذى يحكم المدينة الآن، وفى بعض الأحيان يستثمر هذا الغضب فى الترويج إعلانياً للبرامج «!!» أن الوازع الدينى والوازع الأخلاقى ضعيفان مما ساعد على قبول المستباح وعدم الاستنكار، وقد صارت الحالة العامة المشبعة بقيم مهترئة هى «السائد» فى الشارع والمدينة والجامعة والمصنع والمقهى.
ماذا أنت فاعل بأدواتك وأهمها السينما والمسرح ماذا أنت فاعل بقصور ثقافتك وأمامك نظام إعلامى يتردى بعد أن كان رائدا.. بماذا تساهم وأنت تعرف أن كل إنسان فى مصر من أول شاب لغاية آخر طفلة بجدايل يمر بحرب ضد الإرهاب فهل الحالة الإعلامية المتردية «تنتبه» لهذه الصيحة؟
الكاتب الصحفى حلمى النمنم
صحيح أنت لست وزير الإعلام ولكنك مسؤول عن المناخ الثقافى، البلد الذى يمثل الأرضية فى الفهم، لا أحملك مسؤولية ما جرى فى المجتمع من انفلات لكنى أخاطبك كمواطن جاد، المنصب ليس من أولوياته، لابد أن يكون لك دور محورى فى إعادة «الرشد» للمجتمع وإن كنت أدرك صعوبة الأمر، حماك الله مثقفاً معتدلاً «تحلم أكثر مما تحقق» لابد أن يهب المجتمع ليعيد التوازن لأن غضب الجماهير ليس صحياً، لابد أن ننتبه إلى أن وجدان مصر المعتل سببه مفردات سقطت فى بحر الانحطاط، لا تستهينوا بالمحتوى ونحن نبنى مصر جديدة، أعطوا القضية «جدية».
مقالات متعلقة
* الحرية و التسامُح الثقافي
* التمييز علينا حق
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.