جائتنى دعوة عبر اتحاد شباب الثورة لحضور لقاء مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة للحديث عن مستقبل مصر الاقتصادي، وكعادتي في مثل هذه الاجتماعات أفضل أن أضع كل ما لدى من أفكار ومقترحات في ورقة واحدة كي تكون مرفقة بنهاية الاجتماع فأحضرت ورقة وأخذت أضع معوقات وتحديات الاقتصادي في الفترة الراهنة داخل دوائر منفصلة ومتصلة محاولا رسم خريطة يدوية لما يعانى منه الاقتصاد لتسهل على طريقة التفكير في إيجاد حلول منطقية فأخذت الدوائر داخل الورقة تتزايد مابين احتياطي النقد والغذاء وما بين تراكم الدين وعجز الموازنة والبطالة وتحويلات العاملين بالخارج والمزيد من الدوائر المتداخلة يبعضها البعض إلى أن تحولت الورقة البيضاء إلى سوداء لا مساحة فيها لإضافة شي أخر رغم وجود العديد من المعوقات لم تكتب بعد وعلينا أن لا ننكر أن لأي تحول سياسي فاتورة اقتصادية باهظة يجب أن تتحملها الدولة والمجتمع عن طيب خاطر إلا إن هذه المعوقات ليس وليدة الثورة، بل هي محصلة للعديد من الانتهاكات الاقتصادية والتي جعلتنا نواجه اليوم عاصفة تدفع بنا دفعا باتجاه كارثة سيتوقف عمقها وشدتها في النهاية على ما سنتخذه اليوم من قرارات فلقد مر على تحول النظام الاقتصادي المصري من الاشتراكية إلى الرأسمالية أربعة عقود كاملة ودون إنجاز المهمة، بدء بسياسة الانفتاح في السبعينيات، مرورا ببرامج الإصلاح الاقتصادي في التسعينات، وانتهاء بسياسات الحزب الوطني الديمقراطي في السنوات الأخيرة فهل يا ترى أربعة عقود كاملة لم تكن كافية لإنجاز مهمة نقل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد عصرى يطلق العنان لطاقة الفرد، أو تشجيع مبادرة القطاع الخاص الوطني وإقدامه، أو توفير حلول لمشكلات مصر المزمنة، بدءا بالأمية مرورا بالبطالة وانتهاء بالفقر كانت قد بشرتنا منظمات التمويل الدولية بأن برنامج الإصلاح الاقتصادي سيحقق النمو وبالتبعية ستحسين أوضاع الفقراء على المدى البعيد لكن التجربة العملية وبعد ربع قرن من الزمان أوضحت زيادة التدهور فى توزيع الدخل وازدياد حدة الفقر وزيادة التفاوت فى توزيع الدخول مرتبطاً بتفجر المديونية المحلية والخارجية وتفجر التضخم والبطالة وانهيار قيمة العملة الوطنية وإغراق الأسواق بالسلع الترفيهية وعجز المصانع المصرية عن المنافسة وتعثر المشروعات وهروب الاستثمار في النهاية لم أجد بعد تفكير دام طويلا أمام هذه الورقة التي اسودت من كثرة المعوقات والتحديات سواء مقترحا واحداً وهو لجل أن نتمكن من تحقيق الإصلاح الحقيقي علينا أولا إيقاف العمل بمنهج برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي اختلف معه الكثير من المفكرين الاقتصاديين في البداية لمجرد تسميته من الأساس لان كلمة “الإصلاح” تعنى فساد كل ما كان سائدا قبل ذلك ولكن الحقيقة أن ما حدث هو تغير في التوجهات والسياسيات الاقتصادية التي أدت إلى أفساد حياة المصريين ودفعتهم نحو الثورة