الإقتصاد في المفهوم اللغوي العربي ؛ تعني الإعتدال ما بين طرفي نقيض هما ؛ الإسراف و التقتير ؛ سواء كانت التطبيق الإصطلاحي للفظ علي فرد أو مجتمع ؛ و بمفهومه العلمي علي مستوي المجتمعات : فهو مجموعة من العلوم المتداخلة المتكاملة ؛ و المعنية بالإدارة الأفضل لموارد المجتمع ؛ من أجل أفضل إشباع لإحتياجاته . تلك " الإدارة الإستراتيجية بالأهداف و النتائج " .. المحكومةً بقوانين : " النُّدْرَة و الوَفْرَة " و " إدارة الأولويات " و " إدارة الوقت " و " الفُرْصَة البَديلَة " ؛ و بمعني .. أن احتياجات المجتمع دائماً متطورة متنامية بمرور الزمن ؛ بينما موارده في غالب الأمر محدودة نسبياً ؛ و بالتالي وجب أن تخضع تلك العملية ل " إدارة الأولويات " طول الوقت ؛ للوصول لأفضل فُرَص بدائل الإشباع الممكنة ؛ ربطاً مابين الحاضر وإشباعاته المطلوبة ؛ و المستقبل بإشباعاته المتنامية المتطورة . و موارد المجتمع في الإقتصاد التقليدي : هي مادية بحتة ؛ وتمثل خلاصة ما يجده المجتمع بأرضه و داخل مختلف أنواع حدوده .. الأرض .. رأس المال .. العمل .. إلخ ؛ و الإنسان طبقاً ل " إقتصاد الموارد " هو إما عامل أو صاحب رأس مال . بينما في مفاهيم الإقتصاد المُعَاصِر : فنحن أمام " إقتصاد الإنسان " بكل مضامين اللفظ ! أو ما يسمي برأس المال الفكري ؛ المتمثل في إنتاج الإنسان للعلوم و المعرفة ؛ و بالتالي فالإنسان مَوْرِد .. وإنتاجه من الفكر المتمثل في العلم والمعرفة ؛ هي منتجات تمثل قيمة تضيف للمجتمع – و كحدٍ أدني – كمثل نجاح المجتمع في العثور عل مناجم ذهب و آبار نفط .. و لذلك فهذا الإقتصاد هو إقتصاد تكريميّ للإنسان ؛ يعترف له بالقدرة علي صناعة إقتصاد موازٍ داعمٍ للإقتصاد التقليدي أو إقتصاد الموارد ؛ بل هو إقتصاد مَنْ لا إقتصادَ له ! نعم ف " إقتصاد الإنسان " أو " الإقتصاد المعرفي " هو الحلّ في عالم الندرة و صراع المصالح ؛ وبه ارتقت اليابان للمرتبة الإقتصادية الثانية عالمياً – قبل صعود الصين – فقط بإقتصاد الإنسان ؛ و لأنها دولة بلا موارد تقليدية .. بل وإن دعم إقتصاد العلم و المعرفة للإقتصاد التقليدي ؛ هو دعم متعَدّد المحاور : الأول : هو دعم اقتصاد المجتمع التقليدي بمنتجات علمية ومعرفية ؛ تساهم في تكبير الناتج القومي لهذا المجتمع ؛ وبالتالي زيادة نصيب الفرد من هذا الناتج ؛ وتحسُّن مستوي معيشته ؛ الثاني : هو الدعم التحديثي لكل آليات الإقتصاد التقليدي ؛ وبما ينهض به ليثمر بأفضل مما كان قبل تحديثه علمياً و معرفياً ؛ و كمثل مساهمة الإنتاج الفكري لمواطني دولة ما ؛ في تطوير وسائلها و أنماطها الزراعية و الصناعية والتقنية .. إلخ ؛ وبما يسهم في النهاية في قيمة مُرَكَّبَة تضاف للمجتمع من جرَّاء إقتصاد الإنسان . و الثالث : هو القدرة الإبداعية لإقتصاد الإنسان ؛ في الوصول لمبتكرات بدائل جديدة ؛ تُضَاف لبدائل المجتمع التقليدية المعروفة ؛ وبحيث تمثل في مجموعها أمام إدارة المجتمع ؛ وفرة بدائل تؤدي لثراء الناتج النهائي . و كمث إضافة بدائل الطاقة الحيوية وطاقة الرياح و الشمس و المياه .. إلخ ؛ للبديل التقليدي للمجتمع من الطاقة الأحفورية أو النفط . و الرابع : و المتمثَّل في الإستحداث الإبتكاري الإبداعي لغير موجود ؛ أو لما ليس له بدائل أخري سابقة لوجوده ؛ و كمثل إبتكار أول سفينة فضاء .. فلم يكن لها بدائل سابقة ؛ بل كانت هي بذاتها السابقة الأولي .. و لذلك فالإقتصاد في مضمونه الأحدث : هو الناتج التفاعلي الأمثل ؛ ما بين إقتصادَيّ " الموارد " و" الإنسان " ؛ سعياً لهدف نهائي هو الدخول إلي " عَالَم الرَّفَاهَة " ما استطاع إلي ذلك سبيلاً .. وكإقتصاد الحلم الأمريكي لكل مواطن ! و هو ما يلقي الضوء جَليَّا نحو الإستثمار في " التنمية البشرية " علي أشكالها و تنوع محاورها ؛ للرُّقي بالإنسان علمياً و معرفياً ؛ في إطار مجتمعي كليّ ذي بيئة راعية داعِمَة ...