استغربت كثيراً من تصريح د. محمد البرادعى الذى قال فيه «لا يوجد مبرر لصمت واشنطن على ما يحدث فى مصر»، فإذا كان د. البرادعى قد جاء إلى رئاسة وكالة الطاقة الذرية بدعم أمريكى، فالمؤكد أن التجربة غير قابلة للتكرار فى مصر فلن يقبل الشعب أبداً أن يأتى البرادعى رئيساً لمصر عبر مساندة أمريكية. لكن الأغرب أن أحداً من رواد البرادعى خاصة من القوميين والناصريين لم يفزع من هذا التصريح، ولم يخرج علينا الأستاذ هيكل يعلن رفضه لهذا التصريح، ويطرح تساؤلات صحفية أو سياسية كما فعل مع د. مصطفى الفقى حين توقع أن الرئيس القادم لمصر سيأتى بموافقة أمريكية وعدم اعتراض إسرائيلى، أما موقف الإخوان المسلمين فلا أحد يستغرب منه، فرغم أنهم يطالبون دائماً بطرد السفير الإسرائيلى وأحياناً الأمريكى ويرفضون الهيمنة الأمريكية، ويتهمون النظام الحالى بأنه تابع لأمريكا فإنهم فى ذات الوقت يعقدون لقاءات مع الأمريكان ويساندون بشكل أو بآخر مرشحا محتملا يطالب أمريكا بالتدخل فيما يحدث بمصر. كتبت من قبل أن النخبة المعارضة أيدت البرادعى وفى عقلها الباطن أنه مسنود من أمريكا، لذلك لم تلتف حول مناضل معارض وأصيل هو حمدين صباحى الذى لا يختلف أحد على وطنيته، وما تكبده من أجل أبناء هذا الوطن.. لكن أن يصل الحال إلى أن يكون الاستنجاد بأمريكا علنياً وتقف النخبة الناصرية والإخوانية بل الوطنيون الليبراليون موقف المتفرج دون اتخاذ موقف أو تعليق أو حتى طلب التوضيح من د. البرادعى، فهذا يدل على التخاذل الشديد، وأن بعضهم يريد الانتقام من النظام السياسى الحالى لحسابات قد تكون شخصية أو تتعلق بطموحاتهم دون النظر لمصلحة هذا البلد ومستقبله. لقد ظلت النخبة المعارضة تهاجم النظام الحالى سنوات عديدة بسبب علاقاته مع أمريكا رغم توتر العلاقات بين البلدين لفترة طويلة وعدم خضوع مصر لطلبات أمريكية بإقامة قواعد فى أراضيها أو مساندتها فى حربها على العراق وغيرها لكن هذه النخبة لا تجد حرجاً فيما يطرحه د. البرادعى من الاستنجاد بأمريكا. هذا التصريح يمثل «سقطة» لدى د. البرادعى، لكنه يمثل خيبة أمل فى «مريديه» الذين ظلوا سنوات طويلة يرفضون السياسات الاستعمارية ويتشدقون بشعارات: عاشت مصر حرة مستقلة.