لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي تهنئ محمد إبراهيم لتوليه منصب رئيس التلفزيون المصري    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    وكيل تعليم القاهرة تتابع سير الاستعدادات لامتحانات شهر نوفمبر    مرحلة ثانية استثنائية في الانتخابات.. مشاركة كثيفة وفرز بلا شكاوى يكشفان مشهدًا نزيهًا وتقدّمًا لافتًا لمرشحين معارضين    رئيس البنك الزراعي يبحث مع محافظ البحيرة دعم التنمية الزراعية والريفية    الدولار يتراجع 11 قرشا ليسجل متوسط البيع 47.76 جنيه ختام التعاملات    أعمال تطوير كبرى بمحطة التنقية الغربية بالإسكندرية لرفع قدرتها الاستيعابية    توقيع عقد مشروع تجاري فندقي في القاهرة الجديدة باستثمارات 15 مليار جنيه    البورصة تخسر 16 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة الأربعاء    رئيس الوزراء: مجموعة مشتركة لمتابعة تنفيذ وتفعيل مذكرات التفاهم مع الجزائر    الصحة الفلسطينية: حصيلة الشهداء بغزة ترتفع إلى 69,785 شهيدًا    فون دير لاين: الاتحاد الأوروبى سيعمل على تسريع تقديم قرض ب140 مليار يورو لأوكرانيا    تدريبات تأهيلية للاعبي الأهلي الغائبين عن رحلة المغرب (صور)    وصول بعثة منتخب الطائرة إلى الأردن للمشاركة في بطولة التحدي العربية    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة بايرن ميونخ ضد آرسنال مباشر دون تقطيع | دوري أبطال أوروبا 2025    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة آرسنال ضد بايرن ميونخ مباشر دون تقطيع | دوري أبطال أوروبا    الأمن يكشف ملابسات فيديو سرقة كابلات كهربائية بأكتوبر ويضبط المتهمين    مؤشرات الفرز الأولية والحصر العددى لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد بالدقهلية.. فيديو    مدير تعليم دمياط يجتمع بموجهي عموم المواد لمتابعة الاستعدادات النهائية للامتحانات    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    كشف حقيقة منشور تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى تضمن استغاثة القائم على النشر بتغيب شقيقه بسوهاج    ضُبط 11 طن دقيق أبيض وبلدى مدعم خلال 24 ساعة    جامعة عين شمس تشارك في اجتماعات معاهد كونفوشيوس وتعزز تعاونها مع الجامعات الصينية    خالد جلال: برنامج كاستنج يحقق تسويق للمواهب بعرضهم على الملايين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    المستشفى الجوى التخصصى يستضيف خبيرًا عالميًا فى الأشعة التداخلية    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    إيران: التهديدات الأمريكية لفنزويلا انتهاك للقانون الدولي    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    حكم الإدارية العليا يشرح الفرق بين إلغاء الشهادات المهنية وتثبيت الأكاديمية    لجنة استشارية من فنون تطبيقية حلوان لإبداء الرأي في ترميم جداريات سور حديقة الحيوان    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق البساتين بشبين الكوم    إلهام شاهين: عشت أجمل لحظات حياتي في عرض كاليجولا مع نور الشريف    رمضان 2026.. نيللي كريم وشريف سلامة ينهيان تحضيرات مسلسل أنا    10 علامات تخبرك أن طفلك يحتاج إلى دعم نفسي    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    جديد سعر الدولار اليوم بعد ارتفاعه القوي    جامعة القاهرة الأهلية تنظم أول رحلة جيولوجية ميدانية لطلاب كلية العلوم    حريق يحاصر أشخاصا في مبنى شاهق في هونج كونج وإصابة شخص بحروق خطيرة    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    يوسي كوهين يكشف كيف اخترقت إسرائيل قلب حزب الله واغتالت عماد مغنية    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    إلهام شاهين: تكريمي في مهرجان شرم الشيخ تتويج لمشواري الفني    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاق الوطنى قبل الدستور
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 03 - 2011

انزعجت كثيراً من أداء بعض رموز النخبة السياسية وتصريحاتهم طوال الأسبوع الماضى، فقد أثار قلقى أن بعض من انتموا لفريق «نعم» فى الاستفتاء خرجوا علينا بلغة إقصائية ونبرة تتعالى على كل التيارات السياسية الأخرى، وانزعجت بالقدر نفسه من بعض من انتموا لفريق «لا»، الذين استخدموا هم أيضا لغة استعلائية ولا ديمقراطية تقول تلميحا تارة وتصريحاً تارة أخرى إن عامة المصريين يسهل اقتيادهم كالقطيع بينما هم لا يفهمون ما صوتوا عليه أصلا. وموقف هؤلاء وأولئك فيه إهانة للثورة التى شاركت فيها كل التيارات السياسية، ولم يكن من الممكن أن تنجح لولا انضمام «عامة المصريين» لها ووعيهم السياسى أثناءها. ما أخشاه هو أن يستغرق فريق «لا» فى بكائه ويتملك الزهو من فريق «نعم»، فينخرط الجميع فى مواقف غير مسؤولة لا نملك ترف غض الطرف عنها، لأنها تمثل استقالة من المهام الجسيمة التى تفرضها هذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر.
فالتراجع الشامل والمخيف الذى ألم ببلادى خلال العقود الأخيرة قد جعل مصر تعانى مشكلات بالغة التعقيد يستحيل معها أن يتمكن تيار سياسى بمفرده من أن يحل معضلاتها، ففى المرحلة الراهنة لا تحتاج مصر فقط لجهود كل أبنائها على اختلاف انتماءاتهم، وإنما إلى تركيبة متكاملة من رؤى التيارات المختلفة وأفكارها، وهو ما يوضح بجلاء «الأهمية» القصوى للوفاق الوطنى لا التمترس وراء الأيديولوجيا أو الطائفية على حساب مصر.
وإذا كان الوفاق الوطنى هو فى الوقت ذاته شرطاً لا غنى عنه لكتابة دستور جديد يليق بمصر، يصبح لذلك الوفاق «الأولوية» القصوى وليس فقط «الأهمية» القصوى، فأى دستور فى العالم يكون فى جوهره نتاج عملية توفيق جادة بين القوى والمصالح المتعارضة فى المجتمع، وهو ما يعنى أن كتابة دستورنا تستلزم التوصل لوفاق وطنى ينتهى للتوصل إلى حدود أدنى متفق عليها بشأن كل القضايا الخلافية، وعلى رأسها قضايا ثلاث هى العلاقة بين الدين والدولة، والقضية الاجتماعية الاقتصادية ومسألة الاستقلال الوطنى، ومثل هذا الوفاق لا يتأتى إلا بحوار وطنى ديمقراطى مسؤول تشارك فيه التيارات والقوى السياسية المختلفة كلها دون إقصاء بشرط الإصرار على محاصرة محاولات التخوين والتكفير.
لكن هذا الحوار المؤدى للوفاق الذى سينبنى عليه الدستور الجديد يحتاج لجهود جادة ووقت كافٍ لإنضاجه من أجل بناء وفاق غير موجود أصلا، الأمر الذى يعنى أنه يستحيل أن نؤجله للحظة كتابة الدستور، فهو ينبغى أن يبدأ فوراً، لأن المدة المتاحة من الآن وحتى كتابة الدستور فعليا تتراوح بين التسعة أشهر والعام، وهى وفقا للإخفاقات المختلفة عبر تاريخنا المعاصر مدة قصيرة أصلاً للتوصل لوفاق وطنى.
وينبغى أن يكون واضحاً أن الحوار الوطنى الذى تجريه القوى المختلفة مع بعضها البعض وجهاً لوجه أكثر فاعلية بكثير بالمقارنة بالحوار، الذى تجريه القوى والتيارات السياسية مع مجلس الوزراء. فالحوار المباشر وحده والقائم على الندية، ولايوجد فيه رأس أعلى تحسم الأمر فى النهاية، هو الذى ينطوى على تفاعلات لا غنى عنها لبناء الثقة التى هى أهم مفاتيح الوفاق الوطنى. بعبارة أخرى، فإن الحوار الذى يجريه نائب رئيس مجلس الوزراء ليس بديلاً عن الحوار الوطنى ولا يمكنه فى الحقيقة أن يخلق الوفاق الوطنى المطلوب، فهو على أقصى تقدير قد يسهم فى بنائه إذا ماتوافرت الإرادة السياسية.
غير أن الدستور حتى نضمن بقاءه بل وفاعليته فى إدارة المجتمع لابد أن تحميه القوى الحية فيه، خاصة أن الثورة غيرت بالفعل الواقع على الأرض، ومن هنا تصبح هناك ضرورة قصوى اليوم لتحرير النقابات العمالية والمهنية والجمعيات الأهلية والمحليات مما لحق بها من تزوير لإرادة الناخبين حتى مات دورها، ولم تعد تعبر إلا عن أولئك الذين يديرونها. والتحرير هو المرحلة الأولى نحو إطلاق الطاقات المبدعة التى تم حصارها سنوات طويلة، وهو ماينبغى بدهيا أن يحدث بالتزامن مع عملية بناء الوفاق الوطنى، أى قبل كتابة الدستور بل وقبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
كل هذا معناه أن هناك مهام جساماً ملقاة على عاتق المصريين عموما والنخبة السياسية خصوصا، وهى كلها مهام لابد أن يتم القيام بها بالأمس وليس اليوم، لذلك فإننى لا أفهم على الإطلاق استغراق النخبة السياسية فى الاهتمام فقط بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية بل والإعلان المستمر عن «ما ينبغى» أن يتضمنه الدستور الجديد وكأن ذلك الدستور سيحتوى على ذلك المضمون من تلقاء نفسه أو بفعل فاعل مجهول، ودون القيام بالمهام الكبرى اللازم إنجازها حتى يكون الدستور ديمقراطياً بحق، ويضمن تحصين مصر من الحكم الفردى.
لقد آن الأوان لأن يرتفع الجميع إلى مستوى المسؤولية، فلم يعد ممكنا لأحد أن يفرض رغباته من أعلى، وبناء الديمقراطية معناه أن لا بديل عن الوفاق الوطنى، ولا أظن أن التاريخ سيرحم أولئك الذين لم يستوعبوا درسى الماضى والحاضر ولا يزالون يغلّبون مصالحهم الضيقة، أيديولوجية كانت أو حزبية أو طائفية على مصلحة مصر فى هذه المرحلة الفارقة فى تاريخها، والتى يتوقف عليها مستقبلها لسنوات وربما لعقود طويلة قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.