مر 30 يوماً على تولى الدكتور عصام شرف الوزارة، فلننتظر حتى الأربعين، وأمامه حتى المائة يوم أو يزيد حسب الفترة الانتقالية التى قد تطول حتى يناير المقبل، تسليم السلطة لأول رئيس منتخب سيكون مناسباً فى عيد الثورة الأول 25 يناير (العيد عيدين). 30 يوماً لا تكفى للحكم على الرجل، يحتاج حتما فسحة من الوقت، شهر يكفى لاستطلاع المجال الحيوى المصرى، لكن ولوج المجال الحيوى والاشتباك مع الواقع المصرى بمشكلاته الراهنة يحتاج إلى وقت، وقبل الوقت خيال، وقبل الخيال عزيمة لا تلين رغبة فى إنقاذ من نحب وتهوى القلوب (مصر). شعار ما ينقص هذه المرحلة، شعار الشعب والحكومة يد واحدة، رئيس وزراء مختار على أعين الثوار، حملوه على الأكتاف، قدموه هدية الثورة إلى شعب مصر، والرجل لم ينكر الجميل الثورى ووصف حكومته- وأحسن الوصف- بحكومة الثورة، واختار شرف بعناية أعضاء حكومته بمقاييس الثورة، الشرف والأمانة والاستقامة السياسية (كنا نتمنى أن يكون المتوسط العمرى للوزارة أصغر كثيرا). مصر التى تعوّل على «شرف» الكثير، مصر التى اختارت شرف لمهمة تنوء من حملها الجبال، وحملها شرف باقتدار، لا يعاقب شرف على حملها، فلنعنه عليها، أعانه الله عليها وعلينا، طالما تلك حكومتنا، وهى أول حكومة يختارها الشعب ولا يعينها الرئيس، على الشعب أن يوليها عنايته ورعايته ويسندها فى الشدائد والمكائد التى تتعرض لها (الحكومة شايلة قربة مخرومة). ليس سراً أن الخزانة خاوية ومخزون القمح بدأ ينفد، ووعود الدعم الخارجى صارت محل شك كبير، من أقبل من حكومات الغرب قد أدبر، وليكن معلوما إذا كانت الحكومة نجحت فى تدبير رواتب شهر مارس من لحم الحى، هناك مشكلة فعلية فى تدبير رواتب شهر أبريل بالعلاوة 15 فى المائة، إذا استمر وقف الحال، وقف حال رئيس الوزراء وحكومته بالاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات الفئوية وغير الفئوية (قد لا نجد قوت يومنا هذا فى شهرنا هذا فى عامنا هذا فى بلدنا هذا). ما كنت أحبذ صدور مرسوم تجريم الاعتصامات والاحتجاجات، كنت أتمنى قناعة شعبية بأن درء الخطر المحدق بمصر مقدم على جلب المنفعة التى يتقاتل عليها البعض ممن سنحت لهم الفرصة التى كانوا ينتظرونها، ولن يفوتوها من بين أسنانهم. لم نكن فى حاجة إلى قانون بمرسوم، كنا فى حاجة إلى تفهم شعبى، إلى جدولة المطالب الشعبية على نحو لا يهوى بنا إلى الظلمات، ويوفر قدرا من الاستقرار الذى يجتذب الاستثمارات ويمتن ثقة المؤسسات الدولية فى الحالة المصرية، كنا نحتاج إلى ثقة أكبر بحكومة ورئيس حكومة اخترناه على أعيننا، فلنصطبر عليه، فلنصطبر عليهم، فلنفسح الطريق أمامه وأمامهم لينقذوا ما يمكن إنقاذه، التركة ثقيلة لو تعلمون. بعض من الحق فى موقف البعض، يقولون صدقا، حكومة الثورة لماذا هى ليست ثورية، ليست منجزة، ولا فاعلة، حكومة الثورة لا تكف عن حكى الفضائيات، تفكك وتحلحل المشكلات على الهواء مباشرة، ثلاثون يوماً مرت على شرف الثورى، أين منهجه الثورى، شرف يعمل بنفس الوجوه، بنفس السياسات بنفس الآليات، الحكومة تجر أكياس رمل فى قدميها، مقيدة لا تعرف من قيدها، حكومة شرف معها تفويض شعبى، صك شعبى، لماذا لا تستخدمه جيدا فى التواصل الشعبى الحميد؟! عجيب وغريب شباب شعب صنع المستحيل فى التحرير فى 18 يوما، لا يستطيع أن يصنع الممكن فى 180 يوما مدة الفترة الانتقالية. أكثير على الشعب أن يلتفت لنفسه لشغله لمصنعه لمتجره لديوانه لمعمله، يلتفت لمصلحة بلده، الموظفون هجروا دواوينهم، الشعب يقضيها «مسك سيرة» دردشات المقاهى لا تسد الرمق، محاكم التفتيش لن توفر القوت، أخشى أن يعز القوت فيصير كالياقوت، المثقال بدرهم مما يعدون.