أنا ثائر ... إذاً ..أنا موجود ثائر .. متشكك .. متخوف ..متوجس ..متقلب كلها صفات لطالما تلبستني قبل أن أتقمصها وذلك منذ أن تسلم الجيش مقاليد الأمور بعد رحيل الطاغية وإن كان من حقي بعد الثورة أن أتشكك في كل شيئ وفي أي شيئ شأني في ذلك شأن الكثيرين من حماة الثورة فأنه من حق المعارضين علي الجانب الآخر أن يوقعوا علي صك الثقة بالجيش .. حتي ولو كان علي بياض وحديثي هذا أذكر به نفسي قبل أن أرد به علي من خالفوني-وهم محقون- بخصوص مقالتي "الجيش المصري وجمعة العين الحمرا" وإن كنت قد أتبعت مقالتي برد توضيحي علي بعض الأخوة أوضحت فيه ما عنيته من فساد بعض قادة الجيش وليس الجيش كله ويعلم الله تعالي أنه ما حملني علي مقالتي السابقة إلا ذلك البطء الذي فرضته الأحداث والمواقف علي حركة الجيش حتي خدع منا الكثيرين وبدء التشكك وليس التشكيك في نوايا الجيش تجاه الثورة وأنا في هذا لا أنصب نفسي قاضياً في محكمة تفتيش أفرزتها ثورة25 يناير .. كما أنني لست بصدد لوم الجيش علي خلق حالة البطء وعدم وضوح الرؤيا.. فهو في الأساس لم يعد لخوض مثل هكذا معارك وكيف يفترض بنا أن نتوقع مردوداً إيجابياً من الجيش علي الصعيد الداخلي وهو الذي حرصت قيادته الأعلي وبصورة تآمرية علي تقليم أظافره خارجياً وأجزم برأيي المتواضع بأن الجيش الآن في وضعية لا يحسد عليها جراء تسارع سقوط أحجار هرم الدولة فوق رأسه تلك الأحجار-إن جاز التعبير- والتي يسقط بعضها بشكل عفوي نتيجة إنهيار دولة بلا مؤسسات فيما يسمي بطبيعة الأشياء ومنها من يسقط بتوجيه أذناب النظام البائد سواء من بقايا منتفعي الحزب"اللاوطني" أو "جماعة أمن الدولة المحظورة" فبين التظاهر لمجرد التظاهر ..والإعتصام لنيل "الجنسية التحريرية" لا أكثر مروراً بالفئويات التي تنتهج مبدأ ما لن تأخذه اليوم فلن تناله أبداً..ونهايةًًًًً بتعليق الدراسة تجد الجيش يقف مشدوهاً حائراً لايدري ماذا يفعل بل لا أبالغ إن قلت أن قادته أصبحوا لا يدرون ماذا يريدون وهم الذين لم يرو مأزقهم هذا حتي في أسوأ كوابيسهم وعندما وجد الجيش المبررات ففض التظاهرات "بالقوةالمقبولة في الظرف الراهن" وهدد "الجماعات الفئوية المغيبة" وإستأنف الدراسة تبين له أن ما أنجزه لم يتعدي تمهيدا نيرانياً لمعركة شرسة وطويلة لا يعلم مداها ولا منتهاها إلا الله تعالي فشعبنا الأبي قفزت أحلامه فوق المنطق وإنتظر من جيشه القيام ببناء الدولة المصريةالحديثة والتي ستحتل بنهاية الفترة الإنتقالية الحالية المرتبة الثالثة عالمياً كقوة إقتصادية وعسكرية عظمي قبل الصين و بعد الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبي ولا أدري هل يستحق الكثيرين منا أن يحيا كمواطن في دولة حديثة متقدمة لا نأمن فيها جهل جاهل يشعل فيها النيران ولا شر متعصب يهدمها تماماً كما حدث في كنيسة أطفيح .. فهناك تحالف محورالتعصب والجهل والغوغائية مع فلول الجماعة المحظورة من أجل إغتيال أحلام .. ثورة الأحلام وتناسي الشعب نفسه أن بناء الدولة التي يرجوها يحتاج في أول ما يحتاجه إلي تكاتف أبنائها وإلي صهر مصالحهم في بوتقة الصالح العام تناسي أبناءالشعب دماء الشهداء جاحدين بنسيم الحرية الذي ملئ رئاتهم وراحوا يلهثون وراء مطالب شخصية تثقل كاهل أعتي الحكومات قدم "الفئويون" و"مدمني الإعتصام" و"جهال الطائفية" و"قضاة محاكم التفتيش" مكتسبات الثورة علي طبق من فضة لأذناب النظام المترنح ليستجمع عافيته للإلتفاف علي الثورة والثوار..والقيام ب"صوملة" البلاد إنتقاماً ممن تجرأ ورفع يده علي سيده كما قالوا وإذا كنا قد قرأنا -وياللعجب - عن إعتصام تلاميذ مدرسة إبتدائية من أجل تغيير وكيل المدرسة .. فهل نطالع غداً بالصحف أو علي الإنترنت أن زوجاً قد قام بإستدعاء الجيش لمجرد أن المدام أكثرت من الملح "في دقية البامية"!!؟ نعم هاجمت الجيش ..أو قل بعض قياداته المحسوبة تاريخياً علي جناح والي عكا المخلوع والمتربص والمتحفز للقفز علي السلطة مجدداً ولكن لي في كل ما ذهبت إليه كل العذر..بعد أن تركتنا قيادات الجيش نهباً للهواجس والظنون بتبنيها لمواقف لا وقت فيها لإختبار النوايا فتوسلات طنطاوي للوالي بترك البلاد حقناً لدماء المصريين لم تخرج إلي النور إلا بعد شهر كامل من خلع الوالي وتصريحات سامي عنان التي تسطر بماء الذهب ضن بها علينا طيلة شهر ..ثم تصدق بها علينا فأراح وإستراح وتفاهمات عتمان مع إئتلاف الثورة خرجت قيصرية متعثرة ..وفي الأخير مبتسرة وإقالة حكومة "شفيق ياراحل" إستغرقت وقتاً كان كافياً جداً لربط المواقف بالأحداث ومن ثم تصور حياكة المؤامرات فهل كان الجيش بطيئاً بليداً في تحركاته علي الصعيد الداخلي حسبما تفرض عليه طبيعته وتكوينه؟؟؟ أم أن بعض قيادات الجيش كانت حتي وقت قريب تتحسس مواضع أقدامها قبل "الإنحياز الكامل " لأحد الفسطاطين ؟؟؟ وأياً كان موقف الجيش ومهما كانت نوايا قادته ..يظل الجيش بالنهاية هو الحصن الحصين والملجأ الأمين لثورة 25يناير ومهما تجاذبنا أو تنافرنا مع قيادات الجيش المصري ..يبقي وحده ذلك الجيش هو المؤسسة الحقيقية الوحيدة بالبلاد ويشفع لي أنني لست من أتباع النظرية "التشكيكية" .. أنا أشك إذاً أنا موجود ولكنني مجرد مولود خرج من رحم الثورة وهو يصرخ .. أنا ثائر .. إذا أناً موجود بقلمي /أيمن المصري