جامعة العاصمة تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول وفق الضوابط المعتمدة    «الرقابة المالية» توافق ل3 شركات لمزاولة أنشطة التأمين متناهي الصغر والتمويل العقاري والاستهلاكي    «برومتيون» الصينية تؤسس مصنع للإطارات باستثمارات 300 مليون دولار    الزراعة تواصل أعمال مشروع تطوير ري قصب السكر في قفط وقوص بقنا    حماس: نطالب بالتحرك العاجل لردع الاحتلال عن استمرار خروقاته    بي بي سي تعتزم الطعن في دعوى ترامب القضائية بشأن مقاطع معدلة من خطابه    السيسي يهنئ تميم بذكرى اليوم الوطني لدولة قطر    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ووزير الخارجية الصيني    حسام حسن يفكر بالدفع بمصطفى فتحي بديلًا ل"تريزيجيه" أمام نيجيريا    جوائز ذا بيست - زاخو العراقي يتوج بجائزة أفضل جماهير في العالم    مانشيني: أحترم اللاعبين الأكبر سنا أكثر من رامون    البدء في إصلاح واجهات المنازل المتضررة بحادث قطار طوخ    علماء بالندوة الدولية الثانية للإفتاء: التطبيع الذي يقرُّ بالاحتلال ويُمكِّن له مُحرَّم شرعًا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يبحث سبل التعاون المشترك في مشروع مدينة النيل الطبية    محافظ كفر الشيخ يتفقد عدداً من اللجان الانتخابية لمتابعة جاهزيتها لجولة الإعادة    أفواج شاحنات المساعدات تغادر معبر رفح البري لإغاثة قطاع غزة    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة    وزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان يتفقدان 6 مدارس بإدارة إدفو التعليمية.. صور    مباحث الغربية تضبط المتهم بقتل شاب وإصابة شقيقه بكفرالزيات لخلافات بينهم    ديفيد فان فيل: هولندا ستكون مقر لجنة المطالبات الدولية المرتبطة بحرب أوكرانيا    محاكمة "الست"    دار المعارف تحتفي باليوم العالمي للغة العربية.. خصومات خاصة لعشاق لغة الضاد    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    أيمن أبو عمر: بروتوكول الإفتاء والقومى للطفولة يهدف لتعزيز حماية الأطفال    آداب السعال خط الدفاع الأول.. 6 خطوات للتعامل المنزلي مع مريض الإنفلونزا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    جامعة قناة السويس تُنفذ قافلة شاملة بمركز أبوصوير لخدمة المواطنين ودعم الصحة والتعليم والزراعة    نائب وزير الخارجية الروسي: موسكو تسعى لإنهاء الأزمة الأوكرانية وترحب بالجهود الأمريكية    فوز 24 طالبًا في أيام سينما حوض البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية للتواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    وزارة الأوقاف: التفكك الأسرى وحرمة المال العام موضوع خطبة الجمعة القادمة    تباين مؤشرات البورصة المصرية بمنتصف تعاملات الثلاثاء    غرفة السياحة: "مفاتيح الترويج للمقصد المصري" مهم لخدمة السياحة ويكشف أهمية المنصات الرقمية    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    محمد ممدوح يعرض كليته للبيع في «حته مني»    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة طبقًا لعمرو دياب
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 01 - 2015

في نهاية عقد التسعينيات، كان عمرو دياب حولنا في كل مكان، وعلى النواصي وفي النادي ذئاب صغيرة يلبسون ملابس تتشبه بما يرتديه عمرو دياب، ويقفون أمام أكشاك بيع شرائط الموسيقى في انتظار ظهور بوستر ألبوم عمرو دياب ليقوموا بتغيير قصة شعرهم على حسب قصة عمرو، ثم يفاجئهم عمرو في الفيديو كليب بقصة شعر جديدة، فيحتارون داخل عالم مستنسخات دياب، أي نسخة يتبعون.
كنت على طرف آخر من تلك المجموعة، والتي كانت جماعة كبيرة تحمل اسم «شباب مصر» يعبر عمرو عن أحلامهم في حياته كما أغانيه، جمل لحنية وشعرية قصيرة، تحمل تكراراً وكلمات عادية، وبتكرار بثها في الإذاعات والمحلات تتحول لإفيهات ثابتة وجزء من اللغة اليومية. كان الواحد يقابل صديقه فيسأله: «وهي عاملة إيه من تحت؟» فيرد الثاني تلقائيًا «ومين هون عليها الفحت». وسيارات المصريين تتفكك وتتداعى على الطرقات غير الممهدة والكباري المليئة بالحفر والفجوات «الزمكانية».
كان عمرو دياب يعدنا دائماً بحياة أحلى، حياة أجمل، في عينيك حبيبي شفت الأيام. وكانت أيامنا كلها تتشابه تحت وقع السأم المباركي قبل 2011، الحدث الأهم في عام تتشابه أيامه كان صدور ألبوم جديد لعمرو دياب. ليس لأننا ننتظر شيئًا جديدًا من عمرو دياب، بل لأننا ننتظر «نيولوك» جديدًا. مثلما كان البعض ينتظر من جمال مبارك ومن الإصلاح من الداخل «نيولوك» جديدًا. لكن تبين بعد ذلك أن مشاكل البواسير والصرف الصحي لا يمكن حلها ب«نيولوك»، بل بتغيير في شكل التركيبة الحاكمة ينحي أي تمثيل مدني، ويعيد البلد مرة أخرى إلى حضن الجيش حاميها والأدرى فقط بمصلحتها.
عمرو دائمًا كان بعيدًا عن التعليق عن السياسة ومقلًا في أغانيه الوطنية المباشرة. كان المذيعون والنقاد والصحفيون يلومونه على ذلك رغم أن لديهم عشرات وربما مئات المغنين الآخرين لا يتوقفون عن الصياح والغناء للنيل والعلم والمقاتل الخطير والجو الجميل. رأوا في عمر انحرافًا عن خط الغناء الهادف أو ذي المحتوى الوطني، بينما الحقيقة لا شيء أسخف من الأغاني الوطنية غير خطب الرؤساء ونواب البرلمان. وحتى حينما كان دياب يغني ما يُصطلح عليه بأغانٍ وطنية كانت تخرج مضحكة فالحزق العاطفي الجميل والمؤثر الذي يقدمه يظل واحدًا، سواء كان يغني للقدس أو لحبيب عاش قبل منه يومًا، ثم لما جاء له عاش عمره مرة أخرى في يوم. الحزق العاطفي الذي لا يدعي الصدق كان جوهر مشروع عمرو، ورسالته لنا كيف أن المشاعر بالأساس لا تقوم إلا على الإيهام والاستهام.
لكن عمرو ظل مخلصاً لحلمه الفردي، لجسده الذي يحافظ عليه ولعائلته وللحياة الحلوة الجميلة التي يحبها. على العكس من مغنين آخرين صغار وكبار، لم يُغنِّ عمرو دياب لرؤساء أو زعماء، ولم يتزحلق للانتخابات والصراعات السياسية فيغني «مصر محتاجة ربان». لم يظهر عمرو دياب في احتفالات السيسي، ولا احتفالات مرسي، ولا احتفالات ثورة يناير. كنا كشباب منفعل نرى في مواقفه جُبنًا أو جهلًا أو تخاذلًا.
لكن الآن حينما ننظر لأجسادنا التي تتقدم للثلاثين تتهدل الدهون من كل جانب منها، بينما عمرو تلمع جبهته ويتحول جلده للون البرتقالي. نقول ربما كانت الخيارات غير صحيحة أحياناً. ربما كان مسار الحياة الذي عبرناه ليس أفضل ما يمكن السير فيه. يصاب الناس بالإحباط يفقدون الطاقة ويسقطون في العديمة السلبية، يرمون بالذنب على مصر أو السيسي أو مرسي والإخوان والجماعات الإرهابية، بعضهم يرى أن إحباطه سببه البلد التي ودعها سعد زغلول قائلاً «مفيش فايدة». لكن عمرو دياب يخبرنا أن لا حزن حقيقي إلا حزن الفراق، ونسيان الحبايب وهجر الأشواق، أو لقاء الحبايب بعد الفراق بلا سلام ولا نظرة في العيون وكأن حباً لم يكن.
ربما كان الاندماج العاطفي خلف المُثل العليا والقيم هو خطأ جعل العاطفة تتبع القلب، بينما العواطف وكما كان دياب يكرر بلا ملل ولا كلل، لا تكون صادقة إلا بين فردين، وجميعها تتشابه في دائرة تبدأ بفرحة اللقاء والعيش سعيداً ثم العتاب والرجوع وربما الفراق ثم بداية جديدة بنظرة وفرحة والليلة دى سيبنى أعيش وأحب فيك.
لكن الحياة، كما أغاني عمرو دياب، تحتوي على مساحات فراغ كثيرة، يملؤها دياب بالذهاب إلى الجيم، نقش أسماء أبنائه على أعضاء جسده، تكوين الأسرة العائلية والزواج والطلاق، السخرية دائماً من عمرو مصطفى ثم مصالحته ثم السخرية منه مرة أخرى. وبالنسبة للبعض فلا شيء مثير في هذه الدائرة سوى السخرية من عمرو مصطفى. لكن يمكن خلق نمط حياة جديدة مزيج من الروح السعيدة المتفائلة المحبة للحياة واهتمامات آخر يغير الذهاب للجيم، كالرغبة في هدم الدولة المتعفنة، أو السخرية من هيبتها أو نظامها العبثي حيث قضاة يرتدون النظارات المعتمة لإخفاء العيون المجوفة.
يا عمرو، نحن آسفون لم نعطِك حقك، ولم نقدر فلسفتك في مواجهة البؤس، ولم نحترم ضعف قدراتك أمام الكاميرا أو في مواجهة الإعلام، سخرنا من ضعف قدراتك اللغوية والكلامية ورأينها امتدادًا للإطناب والملل المتكرر في كلمات أغانيك. سنعود للملل مرة أخرى، ونشوف الأيام.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.