أصدقائي القراء ، أكتب إليكم اليوم لأن صوتي أصبح - مثلكم - له قيمته ووزنه في تشكيل ملامح الحياة السياسية المصرية في المرحلة القادمة ، ولذلك كان لزاماً عليّ أن استمع بإنصات شديد لكل الآراء ، والتفكير بها والمفاضلة بينها والبحث عن إجابة للأسئلة المطروحة حولها ، وقد شغلت نفسي طيلة الأسبوع الماضي بالتعديلات الدستورية بين قراءة للجرائد والتصريحات والتدوينات ومتابعة للقاءات التليفزيونية وحضور للندوات المعنية بالموضوع ومناقشات حية وإليكترونية مع أصدقائي ومن لا أعرفهم أحياناً في المواصلات العامة كي أخلص إلى قرار نهائي اقتنع به واستعد لتحمل تبعاته .. واكتب إليكم الآن بعد قدومي من ندوة للمستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وقبل أن أعلن عليكم رأيي الذي يعلمه بعضكم دعونا نتفق - قبل أن نختلف - على بعض النقاط : * كلنا نحب مصر ونتمنى لها كل خير سواء وافقنا على التعديلات أو رفضناها ، ومن هذا المنطلق فلا داعي لتسفيه الآراء أو السخرية من المخاوف المشروعة أو حتى الكلام بطريقة إذا كنا بنحب مصر فلازم نصوت ب (.....) فذلك يحمل بين طياته معنى مرفوض تماما لأنك تصنف - بطريقة غير مباشرة - من يختلف معك على أنه لا يحب مصر * هذا أول موقف نتعرض فيه للديمقراطية الحقة ، هذا أول استفتاء لا نعلم نتيجته مسبقاً ، فلننعم بهذه الحرية ولنستمتع بالتجربة الديمقراطية الجديدة ولنثبت لمن قال أننا شعب لم ينضج بعد لممارسة الديمقراطية أنه أخطأ في حق شعب أضاف لكتاب الثورة فصلاً جديداً * رأيي نابع عن قناعة تامة - حتى الآن - ولا ألزمك باتباعه لكني أنصحك أن تقرأه للنهاية وتفكر فيه حتى لو اختلفت معه والآن حان دور الاختلاف : أنا أوافق على التعديلات الدستورية وسأذهب للتصويت ب ( نعم ) إن شاء الله يوم السبت القادم ، وإليك أسبابي : 1- أحتاج لدستور جديد يحصن مكتسبات الثورة من الصلاحيات الغير محدودة لرئيس الجمهورية ، والتعديلات الدستورية الحالية هي أسرع الطرق لتنفيذ ذلك المطلب 2- مادة 189 مكرر ، تلزم البرلمان بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد 3- إذا كنت من ضمن القائلين بأن انتخاب برلمان الآن سينتج برلمان مشوه يضم الإخوان والحزب الوطني فقط فدعني أطرح عليك بعض الأسئلة : بالنسبة للحزب الوطني أو ما تبقى منه ، فما هي شعبيته أصلاً التي تجعلنا نخاف من تواجده ؟ وهل منعت شعبيته تلك مقاره في المحافظات المصرية العديدة من الهجوم والحرق والهدم ؟ هل تتذكر في ( عز ) قوة وتجبر الحزب في انتخابات مجلس الشعب 2005 أنه في المرحلة الأولى كان هناك اكتساح للمستقلين - الذين تم ضمهم للحزب بعد دخولهم المجلس - ومرشحي الإخوان ؟ ثم لماذا أصلاً يترشح عضو الحزب الوطني لمجلسي الشعب والشورى ؟ قديماً كان ترشحه من أجل التستر على حكومة فاسدة بالاضافة لاستغلال الحصانة في جعله فوق القانون والمحاسبة وبالتالي تسهيل مهمته في نهب ثروات البلاد والعباد ، هناك سبب آخر هو المكانة الاجتماعية التي يرفعه إليها لقب النائب ... أما الآن فالمطلوب من البرلمان مهمات واضحة تتمثل في وضع دستور جديد و مراقبة نشاط الحكومة الانتقالية ولعب دور الوساطة بين المواطن البسيط ومديري شئون البلد ، بمعنى آخر لا وجود لمنافع اجتماعية كانت أو مالية من المنصب بل سيكون نائب مجلس الشعب القادم تحت تسليط أضواء الرأي العام فلا سبيل أمامه للفساد أما الحديث عن الإخوان المسلمين بهذه الطريقة فهو يجلب للأذهان الصورة القديمة التي روج لها نظام مبارك وما اصطلح على تسميته ب " فزاعة الإخوان " .. لقد رأينا في ميادين التحرير أن الإخوان كانوا فصيلاً مشاركاً غير مهيمنٍ على الثورة المصرية .. كما يجب ألا ننسى أن هناك العديد ممن كان ينتخب الاخوان في الماضي كان ينتخبه لسبب وحيد هو إسقاط ممثلي الحزب الوطني .. أضف إلى ذلك أن من قاطع الانتخابات طيلة الفترة الماضية لعلمه أنها لا تسمن ولا تغني من جوع سيشارك هذه المرة وهو يعلم أن صوته سيذهب لمن يريده هو لا من يريده أمن الرئيس المسمى زوراً بأمن الدولة لا أنكر أن البرلمان يمكن ألا يعبر عن كافة الأطياف السياسية في مصر وأننا نحتاج لنشر الوعي السياسي والثقافي عن طريق إطلاق حرية تشكيل الأحزاب ومنح بعض الوقت للشباب الثائر كي يحول منبر رأيه من ميدان التحرير لحزب سياسي يعبر عن توجهاته وأفكاره ورؤاه تجاه وطنه .. ولكن هل يمكننا تحديد موعد سيتوقف عنده البرلمان أن يكون مشوهاً ولا يعبر عن كافة الأطياف ؟ .. أعتقد أن التشوه الناتج عن البرلمان القادم لن يكون بالشكل المخيف الذي يروج له معسكر "لا" ولكن المعقول الممكن خير من الأمثل المستحيل 4- أما عن صلاحيات رئيس الجمهورية التي نخشى من أن يُساء استغلالها من قبل الرئيس القادم ، فينبغي العلم بأن مثلث الاستبداد يتكون من طول المدة ( حُددت ب 4 سنوات فقط لا تتجدد إلا مرة واحدة والتجديد يعتمد بشكل رئيسي على الأداء خلال هذه السنوات الأربعة ) و تغييب الوعي و الرأي العام ( وهو ما لن يتكرر بعد 25 يناير ) و البطانة الفاسدة ( ويكفي أن تستمد الحكومة شرعيتها من الثوار والبرلمان يستمد شرعيته من حرية الإدلاء بالأصوات والإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية ، ولذلك فإن أبواب الفساد والاستبداد موصدة في وجه من يرغب فيها 5- رفض التعديلات لا يضعنا أمام سيناريو واضح للمرحلة المقبلة وإن كنا نرغب في مدة زمنية تكفي لتكوين الأحزاب ونشر الوعي فهذه المدة تمنح الفرصة لفلول الحزب الوطني وأمن الدولة أيضاً لاستكمال ما بدآه من نشر للفوضى والبلطجة والفتنة الطائفية وخدش العلاقة الوثيقة بين الجيش والثوار وهو ما يسمح للثورة المضادة أن تقوى وتنشط وتلتهم ما أنجزناه 6- الحديث عن تشكيل مجلس رئاسي يطرح بدوره عدة أسئلة تتضارب الإجابات حولها مثل كيفية اختياره وضمانة تمثيله لطوائف الشعب بأكمله وصلاحياته وماذا يحدث عن الاختلاف بين أعضائه ومن سيكون صاحب الرأي الفصل في حالة الخلاف ؟ هل نسينا المثل القائل " المركب اللي ليها ريسين ، تغرق " ؟!! 7- المستشارة تهاني الجبالي قالت في ندوتها اليوم أنه بإمكان القوات المسلحة إصدار بيان بإعلان دستوري مؤقت يشمل المواد المعدلة حتى في حالة الإجابة ب " نعم " وهو ما يجعل الإعلان الدستوري خياراً متاحاً في حالة نعم مثلما هو الحال بالنسبة ل لا 8- قرأت بإحدى الصحف الصادرة أمس أن الدكتور عصام شرف وافق على صرف 80 مليون جنيها - على ما اتذكر - من صندوق الطوارئ لإنعاش حركة التداولات بالبورصة المصرية وهو ما يعطي دلالة واضح عما آلت إليه الشئون الاقتصادية في مصر 9- المشاكل الاستراتيجية على الحدود المصرية ( ليبيا واحتمال تدخل عسكري خارجي - جنوب السودان والانتشار الاسرائيلي فيه - دول حوض النيل ومشاكل المياه - تصعيد الموقف الإسرائيلي بغزة ) ، كل هذا يتطلب إنجاز الجيش لمهمته في الداخل ليعود إلى موقعه الطبيعي لحماية وتأمين الحدود المصرية 10- إذا كان مجرد تعديل 9 مواد الآن قد جلب كل هذه الأحاديث والنقاشات المحتدمة فماذا سيكون الموقف عند وضع دستور جديد يتآلف من بين أكثر من 200 مادة ؟ وماذا عن فتح ملفات ستجلب الكثير من الفرقة والتشتت الذي لا نحتاجه الآن بكل تأكيد في ظل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية السالف ذكرها ، فلنصبر قليلاً كي يعود الجيش لثكناته وترجع للشرطة هيبتها وللشارع استقراره وأمانه وتدور عجلة الاقتصاد والانتاج ثم "نتخانق براحتنا" ... أهلا بالحوار وتحيا مصر الحرة http://beta3a.blogspot.com/2011/03/blog-post_15.html