... وحسبما توقفنا فى السابق ... فما أوسع المسافة بين موقف (الشعبين) المصرى من مجريات الأحداث فى عصر النكسات الأول فى عهد عبد الناصر وعصر النكسات الثالث فى عهد مبارك .. ولقد حدثت الثورة المعجزة التى كنا ننتظرها على الجمر بالفعل ولكن استغرقت ثلاثون سنة لتحدث .. وفى عهد ناصر والله كانت الأحداث لأوقع وأشد ولكنها - أى الثورة فى نفوس المصريين - لم تلوح حتى فى الأفق , ولو كانت لحدثت لربما ما احتجنا للأخيرة .. ولا يفهمن أحدا كلامى على إنه تجديف فى ما لم يعد وقته .. أو إرهاص لمن أدمن طعم الهزيمة فترك النصر وراح يخوض فى حديث الهزيمة .. لا والله .. ولكن احكم ما يفعل المرء عند النصر أن يعلم مقوماته ليصونه من خلالها , وأن يبصر بعمق ما معوقاته وخصوصا إذا أخرت هذه المعوقات هذا النصر لمة 56 سنة كاملة .. فهى جديرة جدا بمعرفتها وفحصها بل وحفظها عن ظهر قلب لنلقنها لأولادنا ليحذروها كما يحذرون الموت لأتها تؤدى بنا الى ما هوأقسى منه وهو الهوان وغبره الكثير .. بل أن حتى ثورتنا كما هو جلى جاءت عفوية لم يكن لها قائد معلوم وتدعمت ببراكين قهر استعر على مر السنين تحت وطأة ذل وخداع ومحاولات دؤوبة لترويض هذا التراكم ولكن هيهات .. فانفجر ولكن عفويا فى حركة فيزيائية طبيعية تستقيم لها وتهىء قوانين الطبيعة , ولكن الحركات الفيزيائية لاينبغى لها أن تحدث إلا فى سنين طويلة ذلك أنها استجماع واستقواء بكل مكونات البيئة المحيطة بالحدث فى تغير ها نحو التغير ولا تصح من خلال التغير فى موطن الحدث ذاته دون بيئته , بينما العقل يختصر لنا طريق الطبيعة السلحفائى وعندما يكون العقل عاقلا يعمد للتغيير فى موطن الحدث فورا بل ويسخر له من عوامل البيئة المحيطة ماييسر ذلك وهو فى هذا اقوى كثيرا من الطبيعة االتى هى اسيرة التغير بينما العقل هو الذى يحدث التغير وبالتالى فهو يغير الطبيعة ذاتها أحيانا.. فهو وليد الحرية ..ومع ذلك وجدنا العقل الفاعل المغير جاء دوره بعد الإنفجار ليوجهه وليس قبله ليفجره لأنه كان مغيب .. فإذا كان نشوء الثورة هكذ ,االعفوية لها النصيب الأعظم منه فإن أسباب الهزبمة والرضا بالقهر والصبر الطويل على االذل (إن صحت كلمة الصبر)وكل هذا الذى أدى بنا الى كل هزائمنا فى كل االمجالات لم يكن عفوى مطلقا بل إننا إخترناه تماما وركنا اليه فى ظل حالة من خداع االنفس الجماعى لم تحدث فى التاريخ .. فنذ ا الوهلة الأولى كما ذكرنا فى مقال سابق كنا شهود بل وموثقين لعملية سرقة كبرى هى فى حقنا بالفعل .. عندما سرق عبد الناصر الثورة , ولم نسأل أنفسنا جميعا ( والنون تشير إلينا نحن الذين لم نعيش فى عهد عبد الناصر وفى الحقيقة أنه للمستقبل يجب أن نوجه هذه الأسئلة لأنفسنا لنتخلص من آثار وراثية نشبت فى ضمائرنا من جراء عدم مواجهة اباؤنا أنفسهم بهذه الأسئلة فى وقتها فصاروا الى ما صاروا اليه) , هل هذا حق؟؟ بهذا الخطأ التاريخى بدأ آباؤنا سلسلة أخطاؤهم التاريخية التى تعمقت فى نفوسهم بل وامتدت فيهم حتى النخاع لتصير فى دمهم لنتوارثها بعدهم إلى أن فعل الله امرا كان مفعولا ..والى لقاء