لا تهملوا الملف الاجتماعى

فى خضم النقاش حول الفساد وإلغاء الدستور والملفات السياسية الأخرى تاهت الملفات الاجتماعية، بل أصبح الكلام فيها رجساً من عمل الشيطان، من ضمن هذه الملفات الحساسة، التى سيتهم من يفتحها الآن بأنه من أزلام وأذناب سوزان مبارك، ملف مشكلات المرأة والطفل، ارتباط الحديث طيلة السنوات الماضية عن هذه الملفات بحرم الرئيس السابق خلق حالة عدائية انتقلت من سوزان إلى الملفات نفسها، من أجل إعادة الاهتمام بهذه الملفات وصلتنى رسالة من موظفة ناشطة تعمل منذ سنوات فى هذا المجال فى مجلس الأمومة والطفولة.
تقول الرسالة «حققت مصر خطوات جادة فى ملفات حقوق المرأة والأطفال على الصعيد الوطنى والدولى، ورغم التيارات المحافظة فإن الدولة المصرية نجحت فى كسر حاجز الصمت حول الكثير من الممارسات التقليدية التى تقهر الفئات الضعيفة خاصة فى الريف والصعيد، بعض الأمثلة فى ملف المرأة تضم النقاط التالية: تعيين القاضيات، تمثيل المرأة فى البرلمان، ملف التحرش، مساندة المشروعات الصغيرة الخاصة بالمرأة فى الريف.
فى ملف حقوق الطفل قفزت مصر على الصعيد الوطنى والإقليمى والدولى من خلال تمرير تعديلات قانون الطفل الذى يعد وثيقة اجتماعية متكاملة تؤيد حقوق الفئات المهمشة والضعيفة والفقيرة فى أصغر نجوع مصر، ويعتقد بعض المهتمين فقط بالملف السياسى أننا لا نحتاج لمثل هذه المواثيق اليوم حيث إنها من بقايا العهد البائد، والحقيقة أن خط نجدة الطفل مازال يتلقى مكالمات من جميع المحافظات حول مشاكل الأطفال، خاصة أن هناك ازدياداً فى مظاهر العنف التى تفاقمت مع الانسحاب الأمنى من الشارع المصرى وأحداث الفتنة الطائفية الأخيرة، أهم وأبرز موضوعات الأسرة والطفولة التى نريد إلقاء الضوء حولها هى: الاهتمام بتعليم البنات فى ريف الوجه القبلى، رفع حد السن الأدنى للمسؤولية الجنائية للطفل من 7 سنوات إلى 12 سنة، حماية الأطفال ضحايا وشهود الجريمة، زواج الأطفال خاصة حالات الاتجار فى مناطق الحوامدية والفيوم وبعض محافظات الوجه البحرى، مناهضة ختان الإناث، سد منابع التسرب من التعليم للقضاء على عمل الأطفال (خاصة المهن الخطرة) وأطفال الشوارع، قبول الآخر والتنشئة المتوازنة للطفل فى المدرسة، الاهتمام بصحة الطفل وخاصة ملف شلل الأطفال الذى نجحت مصر فى القضاء عليه، استخدام الأطفال فى الأعمال الإباحية على الإنترنت، ملف الاتجار فى الأطفال والذى شهدنا فى السنة الماضية معاقبة الذين يتاجرون فى أعضاء الأطفال.
للأسف تقف مصر الآن عند مفترق الطرق، حيث إن البعض قرر ربط ملفات المرأة والطفل بسوزان مبارك، ونسى المجتمع أن ملف المرأة مفتوح فى مصر منذ بداية القرن الماضى وهناك خبرات تراكمية بنيناها فى هذه المجالات، لابد أن نفصل هذه القضايا عن شخص سوزان مبارك أو غيرها، خاصة أن أول المعارضين لهذه الملفات كانوا هم أنصار الحزب الوطنى وأعوان أمن الدولة فى جميع محافظات مصر بالإضافة للتيارات المحافظة الأخرى، دائماً عندما كنا نتحدث عن أى موضوع اجتماعى جاد فأول المعارضين كانوا هم أنصار الحزب «أصل دى عاداتنا وتقاليدنا» أو ضباط أمن الدولة، لابد وأن نوضح أن شباب التحرير لم يخرجوا لحرمان أى طفل من المدرسة أو لتشجيع اضطهاد الفتيات فى الريف والوجه القبلى بل خرجوا ينادون «نريد عدالة اجتماعية» و«لا للتمييز الدينى» و«حرية الرأى والديمقراطية» وكل هذا لن نحققه إذا أطحنا بالملفات الحقوقية التى لابد وأن تكون حجر أساس ثورة شباب «25 يناير».
info@khaledmontaser.com