«ماسبيرو وإم بي سي».. تحالف ب«نكهة صراع المصالح»

كيان مصري رسمي عمره 54 عامًا قرر التحالف مع آخر سعودي يقترب عمره من ربع قرن، لكن الجدل دار حولهما بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة.
الكيان المصري اسمه اتحاد الإذاعة والتليفزيون ونظيره السعودي ممثل في شبكة قنوات «إم بي سي»، والتحالف بينهما عبارة عن مذكرة تفاهم للتعاون فيما بينهما، لكنها أثارت ردود أفعال واسعة انقسمت بين مؤيد ومعارض.
الكفة المؤيدة ترى أنه تعاون يصب في مصلحة التليفزيون المصري، الذي يعاني من أزمة مالية حقيقية، فيما يبدى البعض الآخر تخوفه من استغلال مكتبة التليفزيون وبيع تراثه.
ويشمل بروتوكول التعاون العديد من الجوانب الإعلامية، منها الجانب البرامجي، وما يفتحه من بابٍ حول تبادل بعض ال«فورمات» و«الصِيَغ البرامجية التي يمتلكها الطرفان من ناحية حقوق الملكية الفكرية والاستفادة منها والبناء عليها وإنتاجها وبثها».
«المصري اليوم» استطلعت رأي عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فرفض التعليق على مطالبة البعض بإبلاغ الأمن القومي بالاتفاق، الذي تم توقيعه مع «إم بي سي»، وقال: «لست بعيدًا عن الأمن القومي، وفعلت ما أراه في صالح التليفزيون المصري، كما أنني لست مطالبًا بالرد على من لا يعجبهم الاتفاق».
الكفة المعارضة كانت ممثلة في القنوات الخاصة، فيما كان رد علاء الكحكي، الوكيل الإعلاني لقناة «النهار»: «لسنا طرفًا في الصراع الدائر بمجال الإعلانات، وليس لدي تعليق على اتفاق وزيرة الإعلام مع مجموعة mbc، لأن هذا الأمر يخص الوزيرة، فهي صاحبة القرار وتعرف عيوبه ومميزاته».
في الوقت نفسه، كان رأي خبراء الإعلام هو خروج الدكتورة درية شرف الدين على المصريين في مؤتمر صحفي، لشرح ملابسات الأمر.
وقال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن «الاتفاق مجرد مذكرة تفاهم من أجل مصلحة الطرفين، خاصة أن التليفزيون يعاني من أزمة إعلانات منذ فترة، ويواجه حربًا شعواء شنتها بعض القنوات الفضائية بهدف القضاء على الإعلام الرسمي، والسيطرة هي على الإعلام كله، رغم أن تلك القنوات الخاصة تقوم على أكتاف أبناء التليفزيون».
ويرى «مكاوي»: «كان لابد أن تكون هناك وسيلة للتليفزيون المصري حتى يحصل على أموال، خاصة أنه يمتلك قوة كبيرة من الخبرات والإمكانيات الهندسية والبرامجية، وسيستفيد من القوة التسويقية لمجموعة mbc، وستستفيد mbc أيضاً من النايل سات ومدينة الإنتاج والتبادل الإخبارى والهندسة الإذاعية».
ومع تعدد الآراء ظهرت تقارير صحفية تشير إلى «إلغاء الاتفاقية»، لكن السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، نفى الأمر، وبعدها أوضح رئيس الحكومة، المهندس إبراهيم محلب، أن اتفاقية التليفزيون المصري مع شبكة «إم بي سي» لم يتم إلغاؤها، ولكنه أوقفها لدراستها فقط.
وسط هذا الجدل حصلت «المصري اليوم» على نص مذكرة التفاهم بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومجموعة قنوات «إم بي سي»، التي شملت 9 بنود، خلت جميعها من أي نص على بيع التراث المصري، بينما شدد البند السابع على أن المذكرة غير ملزمة لأي من الطرفين إلا بقدر ما يتفقان عليه صراحة بموجب عقد أو اتفاقيات مكتوبة، ويمكن قراءة تفاصيلها من هنا.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل دخل مالكو القنوات الفضائية في لقاء استمر عدة ساعات، مع محلب، الخميس، بناء على طلبهم للاستماع إلى رؤيتهم حول اتفاقية «ماسبيرو وإم بي سي».
الاجتماع حضره مالكو ومسؤولو القنوات الفضائية الخاصة، وهم: محمد الأمين، والسيد البدوي، وأحمد بهجت، وطارق نور، وعمرو الكحكي، وألبرت شفيق، ومحمد أبوالعينين، وحسن راتب، وعماد جاد.
كما حضر اللقاء أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية.
وعلمت «المصري اليوم» أن رئيس الوزراء لم يدع إلى اللقاء وأن أصحاب القنوات الفضائية هم من طالبوا رئيس الوزراء بالاجتماع معهم.
وقال مصدر مسؤول بمجلس الوزراء إن «ملاك القنوات الفضائية عرضوا خلال لقائهم مع رئيس الوزراء اتفاقًا بديلًا للتعاون مع التليفزيون بدلًا من مذكرة التفاهم الموقعة مع قناة (إم بي سي)، ورئيس الوزراء وعد بدراسة طلبهم على أن يكون القرار للصالح العام».
وأضاف المصدر ل«المصري اليوم» أن «عرض القنوات الخاصة يتضمن أن يحصل التليفزيون المصري على 30 مليون جنيه في رمضان مقابل التعاون مع الفضائيات الخاصة، فيما ينص بروتوكول التعاون مع (إم بي سي) على أن يحصل التليفزيون المصري على محتوى إعلامي ودرامي وأن يتم تقاسم نسب الإعلانات، التي تأتي للتليفزيون المصري بعد ذلك».
وأوضح المصدر أن «مالكي الفضائيات ناقشوا عددًا من القضايا منها أسعار الاستديوهات بمدينة الإنتاج الإعلامي، والمشاكل التي يعاني منها الإعلام بشكل عام، ودوره في المرحلة المقبلة».
وأشار إلى أن «محلب طالبهم بالتكاتف من أجل مصلحة مصر حتى تعبر هذه المرحلة المهمة مع قرب إجراء ثاني استحقاق انتخابي بإجراء الانتخابات الرئاسية، وأكد أن الحكومة تدعم حرية الرأي وتقدر دول الإعلام في نشر الوعي بين المواطنين».
بدوره، قال الدكتور السيد البدوي، مالك قنوات «الحياة»، إن لقاءهم مع رئيس الوزراء «تناول دور الإعلام في المرحلة المقبلة ودوره في حشد المواطنين للمشاركة في انتخابات الرئاسة»، معتبرًا أن «مصر تواجه خطرًا داخليًا وخارجيًا، وأن نزول المواطنين بكثافة في الانتخابات الرئاسية المقبلة من شأنه أن يحبط المخططات التي تحاك ضد مصر».
وحول مذكرة التفاهم بين التليفزيون المصري و«إم بي سي»، قال «البدوي»: «الاجتماع لم يتطرق لها، وإن كنا نحن كقنوات خاصة مستعدين للتعاون مع التليفزيون المصري دون أن يكون هذا التعاون على حساب أحد».
ورفض عدد من مالكي القنوات الفضائية الإدلاء بتصريحات إعلامية عقب انتهاء اللقاء، فيما قال ألبرت شفيق، رئيس قنوات «أون تي في»: «يُسأل رئيس الوزراء في تفاصيل الاجتماع».