دابودى مات حزنا على صديقه الهلالى والعزاء يجمع القبيلتين

الصداقة والعِشرة الطويلة التى جمعت بين رجب، الذى ينتمى لقبيلة دابود، وعبدالرؤوف، من قبيلة بنى هلال، كانت أقوى من الفتنة التى تسببت فى إراقة الدماء بين أبناء القبيلتين، فالاثنان لم تُفرق بينهما الأحداث، عاشا معاً، وماتا معاً، ودُفنا فى قبرين متجاورين، وأقيم لهما عزاء مشترك فى مكان واحد.
رجب خليل الدابودى، 60 عاماً، كان يعمل فى شركة المقاولون العرب، ولم يتبق على خروجه إلى سن المعاش قبل رحيله سوى 48 ساعة، وافته المنية إثر إصابته بسكتة قلبية، بعد ساعتين من حزنه الشديد على وفاة صديق عمره وجاره بمنطقة الشلال، عبدالرؤوف حمادة الهلالى، 65 سنة، كان يعمل موظفاً بميناء السد العالى، وتربطه به علاقة صداقة قوية، وبعد أن شاهد الراحل رجب صديق عمره على فراش المرض ينازع الموت أصابه حزن شديد، فلحق به، وتم دفنهما فى قبرين متجاورين.
وفى دار مناسبات جبل شيشة بمنطقة الشلال جنوب مدينة أسوان، أُقيم عزاء مشترك جمع بين أبناء قبيلتى دابود وبنى هلال. عامر محمود عباس، ابن عم زوجة الراحل الدابودى، قال عن وفاته: «عم رجب قبل الوفاة علم بمرض صديقه الهلالى، بعد إصابته بجلطة، فتوجه إليه لزيارته فى منزله للاطمئنان على صحته، وعندما شاهده حزن بشدة على حالة صديقه، وقبل أن يغادر منزله احتضنه بحرارة، ثم غادر المكان، وتوجه إلى جمعية جبل شيشة، وجلس مع أصدقائه يملؤه الحزن، بسبب ظروف صديقه الصحية، وظل يبكى، ثم غادر دار المناسبات، متوجهاً إلى منزله، وخلد إلى النوم وهو مهموم، وفى فجر اليوم نفسه، عندما ذهبت زوجته لإيقاظه لتخبره بوفاة صديقه الهلالى وجدته لا يحرك ساكناً، ثم جاءوا بالطبيب الذى أكد وفاته».
وأضاف: «بعدها تم حفر قبرين متجاورين، ودفن عم عبدالرؤوف، بعد أن شارك أبناء دابود وبنى هلال فى حفر القبرين للفقيدين، اللذين لم يفصلهما عن بعضهما سوى 50 سنتيمترا، حيث تم دفن رجب بجوار صديقه، وتوجهنا إلى دار مناسبات جبل شيشة التى تم فتحها لاستقبال واجب العزاء فى الراحلين، وجلس أبناء دابود وبنى هلال معاً داخل دار المناسبات لتلقى واجب العزاء».
وأشار زكى إدريس، من قبيلة الدابودية، أحد أهالى المنطقة، إلى أن المتوفيين كانا نموذجاً للصداقة والأخوة والجيرة الطيبة، وكذلك أهالى الشلال سواء من الدابودية أو الهلالية الذين يعيشون لأكثر من 150 سنة فى هذه المنطقة كأسرة واحدة فى السراء والضراء.
ورفض محمد سيد رمضان، من قبيلة بنى هلال، أحد أهالى المنطقة، التفرقة بين أهل أسوان، وتأجيج العصبية والقبلية، لأن الجميع مصريون، وليس بينهم ما يستدعى التناحر أو الوقوف فى وجه بعضهم بالسلاح، مشيراً إلى أن جمعية جبل شيشة التى يتلقون فيها العزاء للفقيدين هى دار مناسبات مشتركة لجميع أهالى المنطقة التى تحتاج إلى المزيد من التنمية، وإتاحة فرص عمل لشبابها، حتى لا يتكرر ما حدث.
من جانبه، قدم اللواء مصطفى يسرى، محافظ أسوان، واجب العزاء فى وفاة الفقيدين، ورافقه وفد من القبائل العربية وعبدالله مبارك، رئيس الاتحاد النوبى العام. وقال المحافظ إن ما حدث للصديقين الراحلين آية من السماء تساهم بشكل كبير فى احتواء الفتنة الأخيرة بين القبيلتين، والتى تعتبر حدثا عارضا سيتم تجاوزه من خلال حكمة قيادات القبائل الأسوانية، وتجسيد روح الأخوة والود التى جمعت بين الفقيدين وكذلك ذويهم، ليعكس ذلك التماسك والتآلف بين جميع أطياف المجتمع الأسوانى الذى كان ومازال جبهة واحدة ضد العنف والتعصب والقبلية.