قال الكاتب بول هوكينوس في مقال له نشرته مجلة «فورين بوليسي»، الخميس، أن ألمانيا الآن أصبحت لاعبا محوريا في الأزمة الأوكرانية، والعالم يراقب، بالرغم من اعتيادها انتهاج السياسة الخارجية السهلة، تاركة الأحمال الثقيلة لحلفائها في واشنطن وباريس، ولندن. ويرى «هوكينوس» أن المعضلة ليست أن ألمانيا قد تسيئ استخدام هذه السلطة، بل أنها لا ترقى إلى مستوى المهمة، لأنه منذ تولي «ميركل» السلطة قبل 9 أعوام تجنبت انتهاج سياسة خارجية استباقية بعيدة النظر، واختارت بدلا من ذك انتظار ردود فعل الولاياتالمتحدة أو حلفائها الأوروبيين. وأوضح الكاتب أن العلاقات بين برلينوموسكو معقدة، وتحديدا فإن العلاقة بين المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أكثر تعقيدا، ولكن الكرة الآن في ملعب في ألمانيا، وليس هناك بديل سوى مواصلة جهودها الدبلوماسية بشكل صحيح. وقال الكاتب إن ألمانيا لديها علاقات أقرب مع روسيا، أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، كما أنها هي ثالث أكبر الشريك التجاري لروسيا، ما يعتبر عنصر للتأثير وهو ما لا تملكه الولاياتالمتحدة. ويرى أن فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألمانية، الذي يحتفظ بعلاقة جيدة مع روسيا، له دور كبير فيما يحدث، خاصة بعد أن توسط فى المفاوضات الأوكرانية، وتوصلوا إلى إبرام اتفاقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وتعتبر ألمانيا، من وجهة نظر الكاتب، أنها الوحيدة التي تستطيع التوسط في الأمر، خاصة بعد موافقة «بوتين» على اقتراح «ميركل» بإنشاء فريق خاص للمفاوضات، وبعثة تقصي الحقائق من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتقييم انتهاكات حقوق الإنسان، ما سيساعد في حل الأزمة، ومنح روسيا الوقت للانسحاب، لأن العقوبات يمكن أن تضعف من قوة موسكو، ولكن تدخل الناتو أو القيام بأي عملية عسكرية، مثلما تريد واشنطن، سيؤدي إلى تفاقم الصراع وخطورة الوضع. واستطرد الكاتب أن ألمانيا الآن تتصدر المشهد السياسي حيث توجه المفاوضون من برلين إلى روسيا لحل الأزمة الأوكرانية بعيدا عن من الأممالمتحدة ومجموعة الثماني، وترى ألمانيا أن الإدارة الأمريكية أخطأت حين طلبت استبعاد روسيا من مجموعة الثمانية، لأنه من الأفضل الجلوس على طاولة المفاوضات ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الروسية من القرم. وقال الكاتب إن الولاياتالمتحدة حتى وقت قريب كانت تحظى بألمانيا كحليف موثوق به، تتبعها بتواضع، ولكن هذا تغير، وواشنطن الآن تدفع ثمن إهمالها أوروبا لسنوات، والتنصت على الهواتف الزعماء، بدلا من إشراكهم في مشاورات وسياسات جادة ، فضلا عن تعاملهم المتعالي مع روسيا منذ نهاية الحرب الباردة، ما يعد مجرد جزء من تفسير الكارثة الحالية في شبه جزيرة القرم. وتابع: موقف ألمانيا لا تحسد عليه، لندرة الخيارات المتاحة، واستيلاء روسيا على القرم له جذوره في السياسات ما بعد الحرب الباردة في التسعينيات من القرن الماضي، حينما كانت هناك نافذه لأوروبا لإعادة التفكير وإنشاء هياكل من شأنها وقف الصراع بين الشرق والغرب.