رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    السعودية: السجن 15 يومًا و10 آلاف ريال غرامة ل25 شخصًا نقلوا حجاج بدون تصريح    البنك المركزي يفاوض 3 دول عربية لإتاحة التحويلات المالية لحسابات العملاء عبر "إنستاباي"    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    الاحتلال ينسف عدة منازل ومبان بمحيط بلدة المغراقة شمال مخيم النصيرات وسط غزة    ميلوني: دعم دول مجموعة السبع لكييف شرط لاتخاذ أي قرار    يورو 2024.. بايرامي لاعب ألبانيا يسجل أسرع هدف في تاريخ أمم أوروبا    ازدلاف الحجيج إلى المشعر الحرام    خادم الحرمين وولي العهد يبعثان برقيات تهنئة لقادة الدول الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    يورو2024| موعد مباراة سلوفينيا والدنمارك.. والقنوات الناقلة    يورو2024| إيطاليا يسجل الهدف الثاني في مرمي ألبانيا    أصغر من 6 لاعبين.. مدرب برايتون الجديد يحقق أرقامًا قياسية في الدوري الإنجليزي    وزير الشباب: القيادة السياسية والحكومة تدعم الرياضة المصرية    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    انكسار في درجات الحرارة.. تعرف على حالة الطقس أول أيام عيد الأضحى المبارك    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    عمرو دياب وتامر وشيرين.. أبرز حفلات عيد الأضحى 2024    صفية العمري تؤدي مناسك الحج ب «كرسي متحرك» | صورة    القاهرة الإخبارية: تظاهرات تل أبيب الليلة الأكبر خلال الأسابيع الماضية    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    ما حُكم قضاء صلاة العيد لمن فاتته الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    هكذا ذبح الرسول صلي الله عليه وسلم أضحيته؟    «مكنش معايا فلوس للأضحية وفرجت قبل العيد» فهل تجزئ الأضحية دون نية    فريق طبي من مستشفيات دمياط لتعزيز الخدمات الطبية بشمال سيناء    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    أفضل طريقة لتحضير «الفتة» الأكلة الرسمية لعيد الأضحى    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    الإنتاج الحربي: الرد على 762 شكوى واردة للوزارة بنسبة 100%    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    تضامن بورسعيد تعلن شروط التقدم لمسابقة "الأب القدوة"    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    بعثة المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    الإسماعيلى متحفز لإنبى    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    يورو 2024.. أسبانيا تسعى لانطلاقة قوية أمام منتخب كرواتيا الطموح    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لورانس داريل: أميرون.. ملجأ الأوروبيين الهاربين من النازية وملهمة «رباعية الإسكندرية»
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 02 - 2014

يكاد شارع المأمون الهادى الواقع بمنطقة محرم بك بالإسكندرية يخلو من المارة، فى الوقت الذى تعانى فيه باقى شوارع المدينة من زحام ذروة الظهيرة.
يشبه الشارع فى هدوئه أغلب الأحياء المصطلح على تسميتها الراقية، لكنه على العكس منها يمتلئ بعمارات ربما لا يتعدى عمر أقدمها خمسين إلى ستين عاما، رغم تاريخ الحى الذى يشهد بكونه من أبرز أحياء الأجانب وميسورى العهد الملكى. لا يبق على هذه الحقبة البعيدة سوى شاهد يكون وحيدا، فيلا أمبرون الواقعة فى العقار رقم 19 من ذلك الشارع الهادئ.
يكثر الحديث فى دراسات الفن والدراسات التاريخية عن «الإسكندرية الكوزموبوليتانية»، التى كانت شاهدا على كون مصر ملتقى للحضارات والثقافات والهويات التى كانت تصطرع فى مناطق أخرى من العالم، بينما تتعايش مع بعضها البعض بسلام فى الإسكندرية. ويجتهد كُتاب الدراما فى ابتكار صور وشخصيات تعبر عن هذا المفهوم وتلك الحقبة الغاربة، غير ملتفتين إلى نماذج تمثل حالة واقعية مثالية فى دراميتها لتلك الفترة التى يسود نحوها الحنين.
فى هذا المنزل عينه وفى برجه الجنوبى الخاطف للأبصار، سكن لورانس داريل، الكاتب البريطانى الذى رشح لنوبل مرتين، وظلت روايته الكبرى التى ذاع صيته من خلالها هى رباعية الإسكندرية، التى كتب أحداثها وشخصياتها من وحى هذا البيت المهجور الذى كان يعج وقتها (فى أربعينيات القرن الماضى) بالحياة، تلك الحياة التى توشك على أن تفقد كل ذكرى لها، بينما يستعد رجل الأعمال السكندرى عبدالعزيز أحمد عبدالعزيز وشقيقه لهدم الفيلا، تنفيذا لقرار استصداره من المحكمة الإدارية يقضى برفع المبنى من قائمة المبانى ذات القيمة التراثية.
فى هذه الفيلا، قضى صاحب رباعية الإسكندرية فترة الحرب العالمية الثانية ضمن عدد من الفنانين والكتاب الأوروبيين الذين وجدوا فى مصر وقتها ملجأ آمنا من التنكيل الذى تعرض له اليهود والأفارقة وذوو الجذور الغجرية فى العواصم الأوروبية التى اجتاحتها قوات الفوهرر.
وصل داريل للإسكندرية عام 1943 ضيفا على ألدو أمبرون، المهندس المعمارى ورجل الأعمال الإيطالى يهودى الديانة. كان بيت ألدو المعروف بفيلا أمبرون هو ملجأ الكتاب والفنانين الفارين من تنكيل القوات النازية باليهود فى العواصم والمدن الأوروبية المحتلة، ساعد على ذلك كون ألدو أمبرون شغوفا بالفنون والكتابة، حتى إنه كان شريكا للأمير يوسف كمال «مؤسس وراعى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية» فى تأسيس رابطة محبى الفن، التى ساهمت فى نهضة الحركة الفنية المصرية خلال بدايات ومنتصف القرن الماضى.
عاش داريل فى هذا المبنى واستلهم منه ومن ساكنيه ومن طبيعة الإسكندرية الحاضنة (وقتها) لكل الثقافات والأعراق عمله الفنى الأهم والأشهر «رباعية الإسكندرية»، ولكن فى عام 1991، آلت ملكية المبنى لمقاولين سكندريين، قاما بإزالة حديقة الفيلا والمبانى الملحقة بها والتى كانت عبارة عن استديوهات لعمل الرسامين والنحاتين الذين استضافتهم الفيلا، لبناء عمارتين سكنيتين ضخمتين. واستصدر الأخوان عبدالعزيز وحسين أحمد عبدالعزيز قرارا من المحكمة الإدارية فى مارس الماضى بإزالة مبنى الفيلا نفسه، الذى سيتيح مساحة تكفى لبناء بضع عمارات سكنية أخرى. لتكون فيلا أمبرون ذات القيمة التاريخية والفنية المهمة هى المبنى رقم 36 من المبانى ذات الطابع التراثى بالإسكندرية، التى تم إنهاء وجودها بقرار من المحكمة.
فى عام 1999، زارت إيف داريل (إيف كوهين)، زوجة لورانس داريل، فيلا أمبرون خلال جولتها فى الإسكندرية، بصحبة الكاتب والمؤرخ البريطانى مايك هاج، المتخصص فى أدب وحياة لورانس داريل. يقول هاج فى مدونته الرسمية إنه رصد خلال تلك الزيارة (وثقها فى كتابه الإسكندرية مدينة الذاكرة الصادر عن جامعة يال الأمريكية) محاولات من المالك لتخريب أساسات الفيلا والاستديوهات عبر استخدام المياه ومراكمتها حول المبانى سعيا لدفع قواعد البناء للتآكل تمهيدا لهدم الفيلا والاستديوهات، لكنه لم ينشر ما يؤكد هذا الزعم.
فى رباعيته، انشغل داريل بالمدينة قدر انشغاله بساكنى البيت الموشك على التلاشى، تنبأ داريل بأنه لن يبق من المدينة سوى ما حفرته فى أذهان من مروا بها، كانت الإسكندرية له ذات أثر كمس الحرير على الحرير أو كبقايا عطر خابٍ على معصم الحبيبة «جوستين»، ظن أنها ستبقى «عاصمة للذاكرة».. لتشهد أرملته فى أخريات أيامها انهيار نبوءته البعيدة، بينما تودع الإسكندرية ذاكرتها أمام معاول الهدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.