تتجه الأنظار الاثنين مجدداً إلى مدينة «جنيف» السويسرية، مع استضافتها الجولة الثانية من مفاوضات مؤتمر «جنيف 2» حول الأزمة السورية، وسط تجدد الآمال بتحقيق أى تقدم ملموس باتجاه حل الأزمة، التى حصدت أرواح نحو 130 ألف سورى على مدى نحو 3 أعوام، وذلك بعدما فشلت الجولة الأولى فى تحقيق أى اختراق يذكر. وتفتخر «جنيف» بأنها تقوم بدور مهم فى مجال حقوق الإنسان وإنقاذ ضحايا الأزمات والحروب، إذ أنها تملك موروثاً تاريخياً طويلاً من محادثات السلام. فقد اختيرت مقراً ل«عصبة الأمم» التى أنشئت عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبنى لذلك الغرض قصر عرف باسم «قصر الأمم»، الذى أصبح فيما بعد المقر الأوروبى لمنظمة «الأممالمتحدة»، واستضاف العديد من جولات مفاوضات السلام. وارتبط اسم «جنيف» بأهم الفعاليات والاتفاقيات الدولية، إذ كانت فأل خير لأكثر من طرف، وفى أكثر من تحدٍ عالمى. وذاع صيتها كمدينة للسلام مع استضافتها مؤتمر توقيع اتفاقية جنيف، التى تضمن حماية حقوق الإنسان فى حالات الحرب. واستضافت المدينة أيضاً مؤتمر نزع السلاح عام 1978، ومعاهدة جنيف الخاصة باللاجئين، كما شهدت العديد من جولات المفاوضات، من أهمها مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، واجتماع «جنيف 1» حول سوريا، ومؤخراً، اتفاق جنيف بشأن الملف النووى الإيرانى. وتقع «جنيف»جنوب غربى سويسرا، وهى عاصمة كانتون جنيف، على النهاية الغربية لبحيرة جنيف، حيث ينبع نهر الرّون. وهى ثانى أكبر مدن سويسرا، وأكبر مدن الجزء الناطق بالفرنسية. وتحيط بها قمم جبال الألب القريبة والتضاريس الجبلية فى يورا. ولأسباب عديدة، أصبحت «جنيف» وجهة مفضلة لإجراء محادثات السلام، باعتبار سويسرا دولة محايدة مقبولة لدى الجميع، حيث إنها امتنعت عن المشاركة فى أى حرب أو نزاع عسكرى خارجى منذ إعلان حيادها آواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، كما أنه من الناحية العملية فإن رحلات الطيران إلى جنيف سهلة انطلاقاً من موسكو أو واشنطن. وتقول شبكة «سكاى نيوز» البريطانية إن منظومة الأمن والأمان التى تتمتع بها جنيف شكلت العامل الأبرز الجاذب لمقار العديد من المنظمات الدولية. فقد اتخذت فيها منظمة الأممالمتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصليب الأحمر، ومنظمة الملكية الفكرية، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة حقوق الإنسان، ومجلس الكنائس العالمى، والاتحاد الدولى للاتصالات، مقاراً تتيح لها ممارسة أعمالها بأمان وحيادية. وتوضح «أنا ثى»، الموظفة فى مكتب المراسم بمطار جنيف، لهيئة الإذاعة البريطانية (بى. بى. سى) أنها تعتبر محادثات «جنيف 2» حول سوريا حدثاً خاصاً ومهماً، وتضيف: «إنها تجعلنا نشعر بأننا جزء من التاريخ، العديد من القرارات التاريخية تم اتخاذها هنا فى جنيف». ومن ناحيته، قال مايكل مولر، المدير العام الحالى لمقر الأممالمتحدة فى جنيف، من داخل «قصر الأمم»: «هذه الحوائط تعيش التاريخ وتتنفسه، أنت ستشعر بذلك حينما تسير فى هذه الممرات. أعتقد أنه لا توجد أزمة كبرى خلال القرن الماضى إلا وقد تم حلها هنا.. أزمات البلقان، والشرق الأوسط، وقبرص وجنوب شرق آسيا». ويأمل «مولر» أن تكون جنيف هى المكان الذى يشهد على الأقل بادرة لإنهاء الصراع الدموى المتواصل فى سوريا، بقوله ل«بى. بى. سى»: «الجميع يأمل أن يتحقق هذا، وإن لم يحدث، فإننا لا يمكننا التفاؤل بمستقبل أصدقائنا الذين يعانون فى سوريا».