تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    استهداف قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغداد وأنباء عن قتيل وإصابات    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    مدرب ريال مدريد الأسبق مرشح لخلافة تشافي في برشلونة    أمن القليوبية يضبط المتهم بقتل الطفل «أحمد» بشبرا الخيمة    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    عيار 21 الآن فى السودان .. سعر الذهب اليوم السبت 20 أبريل 2024    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    «أتمنى الزمالك يحارب للتعاقد معه».. ميدو يُرشح لاعبًا مفاجأة ل القلعة البيضاء من الأهلي    بركات: مازيمبي لديه ثقة مبالغ فيها قبل مواجهة الأهلي وعلى لاعبي الأحمر القيام بهذه الخطوة    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    شفتها فى حضنه.. طالبة تيلغ عن أمها والميكانيكي داخل شقة بالدقهلية    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    لأول مرة.. اجراء عمليات استئصال جزء من الكبد لطفلين بدمياط    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    إعلام عراقي: أنباء تفيد بأن انفجار بابل وقع في قاعدة كالسو    وزير دفاع أمريكا: الرصيف البحري للمساعدات في غزة سيكون جاهزا بحلول 21 أبريل    خبير ل«الضفة الأخرى»: الغرب يستخدم الإخوان كورقة للضغط على الأنظمة العربية المستقرة    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 أيام فى جنيف عاصمة حقوق الإنسان
نشر في صباح الخير يوم 13 - 12 - 2011

كنت على أعتاب المرحلة الثانوية عندما سمعت لأول مرة عن جنيف أحد أشهر مدن سويسرا وكان ذلك بداية التسعينيات عندما رفضت الولايات المتحدة بضغط إسرائيلى إعطاء الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات تأشيرة دخول إلى نيويورك لإلقاء كلمة منظمة التحرير الفلسطينية التى كان يرأسها فى ذلك الوقت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقتها قررت الجمعية العامة بأغلبية أعضائها. نقل اجتماعاتها إلى مقر الأمم المتحدة فى جنيف لكى يتمكن الزعيم الفلسطينى من إلقاء كلمة شعبه أمام الأمم المتحدة. فسويسرا لن تمنع تأشيرتها عن عرفات كما فعلت أمريكا.. فإذا كانت نيوريورك هى الوجه السياسى للأمم المتحدة فإن جنيف هى وجهها الإنسانى.
وقد تمنيت من وقتها أن أزور جنيف أحد أشهر مدن سويسرا حتى إن الكثيرين فى مصر والعالم العربى يحسبونها العاصمة، فنحن نعرفها أكثر من بيرن عاصمة سويسرا.. وقد تحققت الأمنية أخيرا بدعوة من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومعهد جنيف لحقوق الإنسان للتعرف على الآليات الدولية لحقوق الانسان فى الفترة من30 أكتوبر وحتى 5 نوفمبر.. خاصة ما يتعلق بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذى تم إنشاؤه فى عام 2006 بديلا عن لجنة حقوق الإنسان والتى كانت تتعامل بطريقة انتقائية مع قضايا حقوق الإنسان فى الدول المختلفة بسبب غلبة السياسة والمصالح الدولية على عمل اللجنة.
وقد أعطتنى زميلتى الأستاذة ثناء الكراس الكاتبة الصحفية بجريدة الأحرار كثيراً من المعلومات عن جنيف والأماكن التى يمكن زيارتها هناك، حيث سبق لها زيارتها العام قبل الماضى للتعرف على نفس الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وهو ما فعلته أيضا الأستاذة مرفت قاسم مديرة البرامج بمكتب فريدريش إيبرت بالقاهرة والتى زارت جنيف أكثر من مرة من قبل..
لذلك كان كل همى بعد نزولى من الطائرة فى جنيف مع الأستاذة سحر مسعد المحامية التى كانت معى فى الزيارة هو الحصول أولا على تذكرة المواصلات العامة المجانية من الماكينة الخاصة قبل مغادرة المطار، حيث توفر الإدارة المحلية فى جنيف خدمة الحصول على تذكرة مواصلات مجانية تمكن القادم للمدينة من ركوب أى وسيلة مواصلات عامة (قطار.. ترام.. أتوبيس) مجانا لحين وصوله إلى مقر إقامته حيث تستمر صلاحية التذكرة لمدة 80 دقيقة فقط.
قصر ويلسون مقر مفوضية حقوق الانسان
ولحسن الحظ كان يوجد معنا فى نفس الرحلة عدد من المصريين تعرفنا على اثنين منهم أثناء انتظار الحقائب فى المطار وهما هبة ونيس وجاءت لحضور بعض اجتماعات منظمة الصحة العالمية ومروة شحاتة وتعمل فى مجال التنمية البشرية وبفضلهما تم حل المشكلة الأولى وهى معرفة رقم القطار الذى سنركبه من المطار للوصول للفندق، حيث قالتا لنا إننا سننزل فى محطة كونافال فالفندق قريب منها.. لتبدأ المشكلة الثانية فى كونافال فأنا لا أعرف إلا اسم الفندق أما المنطقة التى يوجد فيها أو حتى اسم الشارع فلم أتذكرها.. وزاد من صعوبة المشكلة أننى لا أتكلم الإنجليزية جيدا ونزلت فى مدينة لا يتكلم معظم أهلها أو الموجودين فيها إلا الفرنسية.. يعنى اختلاف اللسان يسجن بنى الإنسان.. ولكن ربك بيساعد فلا يخلو الأمر من مقابلة واحد مغربى يتكلم عربى مكسر يتولى السؤال نيابة عنك بالفرنسية عن مكان الفندق.. ليقول لك فى النهاية تمشى كده على طول لحد الميدان ومن هناك تدخل شمال فتجد الشارع الرئيسى الذى يوجد به معظم الفنادق والمطاعم فى المدينة وتدور براحتك على الفندق اللى إنت عاوزه.. لتبدأ رحلة جديدة من السؤال وصعوبة التواصل بين الإنجليزى المكسر بتاعى والفرنساوى اللبلب بتاعهم.. وبعد عدة أسئلة وعدة وصفات وسير على الأقدام لمدة 15 دقيقة وصلنا إلى فندق DRAKE-LONGCHAMP
عاصمة حقوق الإنسان
ومنذ اللحظة الأولى التى تطأ قدمك جنيف تدرك أنك فى عاصمة حقوق الإنسان العالمية أو مدينة السلام كما يطلقون عليها، فهى ثانى أكبر مدن سويسرا وأكبر مدن الجزء الناطق بالفرنسية وتقع على بحيرة جنيف ونهر الرون، والكثير من المنظمات والهيئات الدولية تقع مقراتها الرئيسية فى جنيف أو لها فروع أساسية بالمدينة، منها الأمم المتحدة «المقر الأوروبى» ومنظمات العمل الدولية والصحة العالمية والتجارة الدولية والعفو الدولية والملكية والصليب الأحمر واليونيسيف ومفوضية حقوق الإنسان الفكرية ومجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى العديد من المنظمات غير الحكومية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان والتى تعد جنيف أنسب مكان لها ،حيث القرب من المنظمات الدولية.. وهناك من يعتبر جنيف مدينة دولية فقليل جدا ما تقابل فيها أحدا من أهل سويسرا نفسها، لذلك فليس غريبا أن يدخل جنيف يوميا حوالى80 ألفا من العاملين الأجانب الذين يعملون فى مختلف المجالات منهم حوالى 35 ألفا من العاملين فى المنظمات والهيئات الدولية المنتشرة فى المدينة.
وفى 28 أبريل عام 1919 اختيرت جنيف لتكون مقرا لعصبة الأمم، وفى19 نوفمبر استضافت المدينة فى قصر ويلسون أول اجتماع لعصبة الأمم، ويعود تاريخ إنشاء قصر ويلسون إلى عام 1873 وعرف باسم الفندق الوطنى ويحتوى على نحو 225 غرفة قبل أن تهديه الحكومة السويسرية ليكون مقرا للمنظمة العالمية الوليدة.
وفى عام 1924 أعيد تسمية المبنى إلى قصر ويلسون تكريما لرئيس الولايات المتحدة «ويلسون» صاحب المبدأ الشهير وقتها ويتعلق بحق الشعوب فى تقرير مصيرها.
وبعد أن ضاق القصر على عصبة الأمم تم نقلها إلى مقر آخر «قصر الأمم» واستخدمته الحكومة السويسرية كمكاتب إدارية ثم استأجره بعض الأشخاص وعانى من الإهمال وتعرض للحريق مرتين إلى أن قامت الحكومة السويسرية وشركة فنادق ويلسون العالمية بتجديد القصر التاريخى فى منتصف التسعينيات وتم تخصيصه كمقر فخم لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. ويوجد أمام القصر تمثال للبرازيلى «سيرجو ديمللو» ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الراحل فى العراق والذى اغتالته القاعدة فى عملية انتحارية شهيرة فى بغداد عام 2003 وجنيف مدينة تتنفس حقوق الإنسان وأبسطها ابتسامة الناس الذين تقابلهم فى أى مكان رغم أنك لاتعرفهم.. فلا تقابل أى شخص فى المطعم أو الأسانسير أو الترام أو الأتوبيس إلا ويبتسم فى وجهك موجها لك تحية الوقت المناسب من اليوم «بنجور.. بنسوار.. هالو».
وعندما أنشأ البرلمان السويسرى لجنة لحقوق الإنسان قبل سنوات اتفق أعضاء اللجنة مع مكتب منظمة العفو الدولية على إعداد تقارير عن حالة حقوق الإنسان فى سويسرا.. فبحكم أعمالهم الخاصة كرجال بنوك وأعمال قد تغيب عنهم بعض أو حتى كل تفاصيل أوضاع حقوق الإنسان فى بلدهم فى جميع المجالات لذلك طلبوا المعاونة وهذا ليس عيبا.
ومن حقك فى چنيف أن تنظم مظاهرة فى أى وقت للاعتراض على أى شىء ولكن لابد أن تحدد مكانها الذى لا يعيق حركة الناس فى الشارع أو الميدان الذى تتظاهر فيه.. طبعا تعطيل المرور خط أحمر لا يجرؤ أحد على مجرد التفكير فيه وكذلك موعد بدايتها ونهايتها والأخير مهم جدا، حيث لا يمكن أن تؤخر موعد نهاية المظاهرة الذى وضحته فى إخطار التظاهر للشرطة المحلية دقيقة واحدة.. وقد شاهدت إحدى هذه المظاهرات التى نظمتها المعارضة الإيرانية فى چنيف أمام مفوضية حقوق الإنسان بقصر ويليسون اعتراضا على إغلاق العراق لمخيم أشرف للاجئين الإيرانيين وكان عبارة عن وقفة أمام القصر من جهة بحيرة چنيف استمرت لمدة ساعتين رددوا خلالها هتافاتهم ضد إغلاق المخيم ثم انصرفوا بعد انتهاء الوقت المحدد للمظاهرة.. وكذلك الحال عندما نظموا اعتصاما أمام الأمم المتحدة لچنيف لنفس السبب، استمر الاعتصام لعدة ساعات لمدة ثلاثة أيام على أحد الأرصفة البعيدة المقابلة للمقر دون تعطيل لحركة سير المواطنين والمرور بطبيعة الحال.. حيث كانوا ينصرفون بعد انتهاء ساعات الاعتصام ويعودون فى اليوم التالى.
والترام والأتوبيسات العامة هى وسيلة المواصلات الرئيسية للنسبة الأكبر من المواطنين فى چنيف فهى نظيفة ومنتظمة ورخيصة وهو ما يساهم فى انسياب الحركة المرورية لأن شوارع المدينة لا تتسع لأن يستخدم كل مواطن السيارة الخاصة فى الذهاب إلى عمله وقد استبدلوا السيارة بالدراجات أو العجلة كما نطلق عليها.. حيث يركبون الدراجات إلى أقرب محطة ترام أو أتوبيس ثم يتركونها فى مواقف خاصة ويستقلون الترام أو الأتوبيس.. الأغليبة تفعل ذلك كباراً وصغاراً حتى إنى رأيت رجلاً عجوزاً يتخطى عمره 70 عاما وهو يصعد الترام حاملا سكوتر صغير، حيث لم تسمح له قدرته البدنية على ركوب الدراجة.. فهل يمكن أن نطبق هذه التجربة فى القاهرة!
وقد بدأ برنامج الزيارة بتسجيل أسماء المشاركين فى الأمم المتحدة للحصول على تصاريح دخول قصر ويلسون، حيث كنا نلتقى قى القاعة رقم 181 بالقصر وكان معنا عدد من المهتمين بقضايا حقوق الإنسان فى بعض الدول العربية مثل السودان واليمن والأردن ولبنان وتونس والمغرب والجزائر.. وكانت البداية مع فرج فنيش رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكتب المفوض السامى لحقوق الإنسان الذى عرض أنشطة مكتب المفوض السامى فى المنطقة ودوره فى تعزيز حالة حقوق الإنسان بها.. وكالعادة سأل الحاضرون عن الدور الغائب للمفوضية فى حماية حقوق الإنسان الفلسطينى فى موجهة الجرائم المستمرة للاحتلال الإسرائيلى.. ولم يكن هناك رد شافى أو محدد كالعادة أيضا.
وقد تركزت جلسات النقاش اليومية على قضايا نظام الحماية الدولية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال اتفاقيات حقوق الإنسان التسعة الرئيسية والهيئات التعاقدية الثمانى الأساسية وكيفية إعداد الدول للتقرير الوطنى لحالة حقوق الإنسان فى كل بلد والجهات التى يجب أن تشارك فيه، ثم كان هناك ورشة عمل عن لجنة مناهضة التعذيب وكانت هناك مناقشة لحالة المغرب التى حضرنا جلسة مناقشة تقريرها فى الجلسة السابعة والأربعين للجنة مناهضة التعذيب.
بالإضافة إلى التعريف بآليات عمل مجلس حقوق الإنسان وهو ما استفدت منه على المستوى الصحفى، حيث كنت أريد أن أكتب على المجلس وكيفية تعامل الدول العربية معه على مستوى الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى خاصة أن البعض يطلق عليه خطأ المجلس الدولى لحقوق الإنسان ولا أعرف من أين جاءوا بكلمة الدولى فاسمه «أى مجلس حقوق الإنسان». Human Rights Council
عايز حقى وحقوق الإنسان بالدراما
وقد قدم جلسات الدورة وأدار ورش العمل نزار عبدالقادر المدير التنفيذى لمعهد چنيف لحقوق الإنسان ويتميز بقدرته الفائقة على إيصال المعلومة لمستمعيه من خلال إشراكهم فى النقاش كما أنه يعطى دائما أمثلة من الواقع على ما يقوله، لذللك تجد الجميع يحرص على أن يشارك فى المناقشة التى تزداد سخونة بتنوع آراء المشاركين وتنوعها.
ودائما ما يلفت النظر إلى قضايا حقوق الإنسان التى لا تجد اهتماما من منظمات المجتمع المدنى، فمثلا عقب زيارة منظمة العمل الدولية.. أكد أن الفكرة الأساسية أن نربط اتفاقيات العمل بحقوق الإنسان فمثلا آخر اتفاقية تم التوقيع عليها خاصة بخدم المنازل ولكن جمعيات حقوق الإنسان تتعامل مع هذه الشريحة باستعلاء شديد حيث لاتعتبرها مهمة فى عمل هذه الجمعيات.. فليس مهم عندهم الفلبينية والسيريلانكية رغم أنها تمثل أزمة فى 8 دول عربية على الأقل مثل دول الخليج بالإضافة إلى الأردن ولبنان.. وتنحصر أطراف الأزمة فى الدول المصدرة للخادمات ومكاتب التخديم فيها وأخيرا الدول المستقبلة.. فمثلا يتم الاتفاق مع الخادمة فى نيبال أو الفلبين على أجر 700 دولار ثم ينخفض المبلغ شيئا فشيئا حتى تأخذ فى النهاية حوالى 150 دولاراً.
ويشير نزار إلى اتجاه جديد فى معهد چنيف يعمل على التوعية بقضايا وموضوعات حقوق الإنسان عن طريق الدراما ويضرب مثالا بفيلم «عايز حقى» لهانى رمزى الذى جعل المواطنين يعرفون حقوقهم فى الدستور ببساطة شديدة.. فاستمتعوا بمشاهدة فيلم كوميدى أضحكهم كثيرا وعرفوا حقوقهم فى وقت واحد.
كما يتميز نزار عبدالقادر بأنه يخلق مساحة من الود مع سامعيه ويستوعب طبيعة تفكيرهم واهتماماتهم بسرعة كبيرة فمثلا فى بداية إحدى ورش العمل تفهم انشغال زميلنا توفيق عبدالله بمتابعة تطورات الثورة اليمنية فى بلدته تعز ووقوع عدد كبير من الشهداء بعد هجوم مليشيات عبدالله صالح على المعتصمين والمتظاهرين السلميين فى ساحة التغيير ومن بينهم زميل وصديق لتوفيق وقال له أنت مشغول بما يحدث فى تعز يا «توفيق» سنؤجل بدء ورشة العمل لبعض الوقت..
وتوفيق من تعز بشمال اليمن التى انطلقت منها الثورة اليمنية.. ويعمل توفيق محاميا وناشطا حقوقياً وكان له دور كبير من خلال منظمات المجتمع المدنى التى يعمل بها فى توثيق الجرائم التى ارتكبتها أجهزة عبدالله صالح ضد الشعب اليمنى وهو أيضا أحد الذين دعوا اليمنيين فى تعز للثورة والتظاهر فى ساحة التغيير وكان ذلك فى 11 فبراير الماضى.
وكان معنا من اليمن أيضا شفيع العبد وهو ناشط حقوقى ويعمل أيضا بالصحافة كاتبا فى صحيفتى النداء والديار وسبق أن هاجم عبدالله صالح فى عام 2008 وتم حسبه لفترة.. وهو أيضا عضو مجلس محلى شبوة جنوب اليمن فهو من الجنوب أصلا ورغم ما يقال عن الخلافات بين الشمال والجنوب فى اليمن بسبب رغبة أبناء الجنوب فى الانفصال فإن صداقة شفيع وتوفيق قوية جدا حتى إنك تشعر أنهما يسكنان نفس الشارع وربما نفس البيت فى اليمن.
ومن الأردن ميس نوايسة والتى شاركت فى إدارة بعض ورش العمل وجلسات النقاش ورغم هدوء الطبع والملامح الذى تتسم به «ميس» إلا أن قدرتها على إدارة النقاشات بين الحاضرين مميزة جدا.. وهى عملية صعبة وليست سهلة بالمرة خاصة مع مجموعة شباب جاءوا من دول عربية مختلفة لكل منهم آراؤه ووجهة نظره الخاصة وأولوياته فى قضايا حقوق الإنسان المختلفة.. وتعمل ميس مسئول حماية فى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين وتهتم بقضايا حقوق الإنسان منذ عام 2008 وتعمل مع معهد جنيف منذ عام 2009 .
أما مارينا خورى فهى من لبنان وتعمل منسق مشروع الاحتجاز التعسفى فى جمعية ألف.. وهى تتقن الإنجليزية والفرنسية وكانت كثيرا ما تساعدنا فى الترجمة إلى العربية خاصة فى زيارتنا للأمم المتحدة بجنيف.. وتدهشك مارينا عندما تقول إن أوضاع المرأة فى لبنان ليست متقدمة فى مجال المشاركة فى الحياة السياسية أو التمثيل السياسى فى الحكومة والبرلمان أو حتى الأحزاب وتشير إلى أن تمثيل المرأة فى البرلمان ضعيف جدا كما أنها لا تحتل مرتبة متقدمة فى قوائم الأحزاب كذلك فى الحكومة اللبنانية هناك وزيرة واحدة فقط.. وللأسف النساء البارزات فى مجال السياسة فى لبنان وصلن لذلك بالوراثة والانتماء لعائلات سياسية كبيرة.
ومن لبنان أيضا رياض عيسى رئيس جمعية «متطوعين بلا حدود» وهو أيضا عضو مؤسس فى الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات ويعمل على حاليا على إقرار قانون جديد للانتخابات فى لبنان يوفر عدالة تمثيل جميع اللبنانيين فى البرلمان وذلك من خلال طرح مجموعة من الإصلاحات فى قانون الانتخابات القديم.. ورياض مجنون تصوير فلم يترك مكانا فى جنيف لم يتصور فيه خاصة حديقة بوتنيك والأمم المتحدة.. وهو يقول إن الصور تسجل ذكرى وجوده فى جنيف التى ربما لن تتكرر مرة أخرى.
ولا ينافس رياض فى حب للتصوير إلا عبدالمنعم القرينى من السودان إلا أن عبدالمنعم يتفوق فى أنه يريد أن يصور كل شىء لزملائه.. الشوارع، الحدائق.. وهو يعمل مدرس ثانوى للجغرافيا وعضو جمعية البيئيين ومنبر السودان لمنظمات المجتمع المدنى.
ومن السودان أيضا كانت معنا خديجة الدويحى وتعمل بالجمعية السودانية للبحث والتنمية (سورد) وهى من المهتمات أيضا حقوق المرأة والشباب كما أن لها بعض الكتابات فى الحوار المتمدن بصحيفة الميدان، كما أنها عضوة فى الاتحاد النسائى السودانى.
أما على الدجيلى سكرتير منظمة تموز للتنمية الأجتماعية فيجسد قدرة أشقائنا العراقيين على الحياة رغم التفجيرات والأعمال الإرهابية التى لم تنقطع عن العراق منذ الاحتلال الأمريكى فى مارس 2003 .. سألته كيف تعيشون والموت يحيط بكم من كل جانب قال الحياة لازم تستمر وقد تعودنا على الحياة وسط الأخطار.. وتهتم منظمة تموز كما يقول على بالمرأة والطفل والارتقاء بمهارات الشباب.
أما علاء الفزاع من الأردن فهو رئيس تحرير موقع'' خبر جو» الذى يهتم بنشر أخبار الأردن بصورة يومية.. وقد تسببت مقالاته التى ينتقد فيها السلطات الأردنية فى كثير من المتاعب التى وصلت إلى حد الحبس.
ومن تونس الثورة كان معنا عماد الزواوى سكرتير منتدى تونس للتمكين الشبابى ويهتم بالشباب فى المناطق المهمشة «قضاياهم واهتماماتهم» ويحضر عماد حاليا دراسات عليا فى موضوع تاريخى مهم جدا وعنوان الرسالة «صورة الأمويين فى المصادر العربية من بداية الدولة وحتى القرن الخامس الهجرى» ويدهشك عماد عندما يقول إن بعض المصادر الشيعية كانت نظرتها أكثر موضوعية فى نظرتها وتقييمها للأمويين من بعض المصادر السنية.
أما سعيد صالح من الجزائر ورغم دراسته للهندسة وعمله كمهندس فى أحد المكاتب الخاصة منذ عام 1995 فأنه من المهتمين بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية خاصة حقوق الأمازيغ وهو عضو المكتب الوطنى للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان.
وحدى فى جنيف
ومن الزيارات المهمة التى قمنا بها زيارة منظمة العمل الدولية حيث قابلنا فؤاد بيطار الخبير القانونى بدائرة معايير العمل الدولية بالمنظمة وذلك للتعرف على دور منظمة العمل الدولية فى مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
وأجمل ما فى هذه الزيارة أننى ذهبت إلى مقر منظمة العمل الدولية بمفردى، حيث تأخرت فى الفندق للبحث عن تذكرة المواصلات التى تتيح استخدام المواصلات العامة مجانا «ترام وأتوبيس» طوال فترة وجودنا فى جنيف وحصلنا عليها من إدارة الفندق فور وصولنا.. وبعد أن ذهب مجموعة الزملاء بدونى إلى مقر المنظمة مع مرافقنا عماد حمزو وهو سورى مقيم ويعمل فى جنيف.. كان علىّ أن أختار بعد أن نزلت إلى المكان المفروض أن نلتقى فيه أمام الفندق ولم أجدا أحدا، أما أن أنتظر حتى تعود المجموعة إلى قصر ويلسون للقاء المصرى إبراهيم سلامة رئيس وحدة آليات الأمم المتحدة بمفوضية حقوق الإنسان وهو الاختيار الأسهل أو أعتمد على نفسى فى الذهاب إلى منظمة العمل الدولية للحاق بالمجموعة هناك، وكان هذا صعبا بالفعل فإنك معرض لأن تتوه فى ظل عدم معرفتك اسم المنطقة التى توجد فيها المنظمة الدولية فضلا عن أننى أزور چنيف للمرة الأولى ولا أستطيع أن أمشى فيها شارعين على بعض بمفردى.. ولكن دافعى للذهاب كان أقوى وكانت البداية عندما سألت موظف الاستقبال فى الفندق عن كيفية الذهاب إلى هناك فأخرج خريطة ورقية، فالناس فى جنيف لا ترد على عنوان أى مكان تسألهم عليه إلا بعد النظر فى الخريطة سواء كانت ورقية أو على الموبايل.. أخبرنى الرجل أن المنظمة توجد فى منطقة «نسيون» وهى المنطقة التى توجد فيها جميع المنظمات والهيئات الدولية التى توجد مقراتها فى جنيف وأولها الأمم المتحدة.. مما يتطلب ركوب ترام رقم 13 أو 15 من الشارع الرئيسى وبالفعل وصلت إلى هناك لكنى وجدت ميدانا كبيرا ويتفرع منه أكثر من شارع والمبانى الضخمة تنتشر فى كل مكان، فسألت مرة أخرى بالإنجليزى المكسر الذى أتحدثه فتجد واحداً يقولك معرفش والتانى لا يتكلم الإنجليزية أصلا إلى أن أشار لى ثالث إلى محطة أتوبيس قريبة من الترام وقال لى اركب من هناك أتوبيس « if » «فالمواصلات العامة فى جنيف تحمل أرقاما أو حروفا وأنزل ثانى محطة.. وبعد أن ركبت الأتوبيس سألت السائق وكان من أصل مغربى عن منظمة العمل الدولية فقال لا يعرف فسألت راكباً آخر ومن حسن حظى أنه كان متوجها لعمله فى المنظمة فأخذنى معه وعرفت أن اسمه «ماجنسيوس» من النرويج وعندما عرف أنى من مصر قال لى إنه زار مصر من قبل ويعرف حى الزمالك الذى أقام فيه وهو حى مشهور كما هناك فريق للكرة باسم الزمالك فقلت له مفتخرا أنا أشجع الزمالك!!
وعندما وصلنا إلى المنظمة سألت عن مكتب فؤاد بيطار فصعدت إليه فى الدور السادس وجلست معه لمدة 15 دقيقة تقريبا قبل أن يطلب منى أن ننزل لانتظار باقى المجموعة فى مدخل المنظمة والذين قد ذهبوا أولا لزيارة مكتب فريدريش إيبرت فى جنيف.. وكانت مفاجأة لهم جميعا عندما وجدونى أستقبلهم فى منظمة العمل الدولية مع أنهم تركونى فى غرفتى بالفندق وذهبوا بدونى وكان السؤال كيف جئت لوحدك؟! وكانت الإجابة المصرى لا يغلب ولا يتوه أبدا حتى لو كان وحيداً أو بمفرده فى بلد لا يعرف فيها أحدا!!
قصب السكر فى حديقة بوتنيك
ما أجمل المناطق التى زرناها فكان مقر الأمم المتحدة فى جنيف فى ميدان «نسيون» والذى يوجد أمامه ذلك الكرسى العملاق الذى أقامته الأميرة الراحلة ديانا مكسور الساق وذلك فى إطار قيادتها للحملة الدولية لمكافحة الألغام وهو الكرسى الذى أصبح من معالم جنيف حيث يحرص على زيارتة أغلبية الزائرين للمدينة.
وقبل التوجه إلى الأمم المتحدة ذهبت مع عبدالمنعم ومارينا ورياض إلى حديقة بوتنيك وهى من أشهر الحدائق فى جنيف وتقع أمام اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية وبجوار مقر الأمم المتحدة وهى أشبه بالحدائق البحثية ولكنها مفتوحة للجمهور مجانا يدخلونها فى أى وقت.. حيث يوجد بها نباتات وأشجار من جميع دول العالم حتى قصب السكر شاهدته فيها وتمت زراعته داخل إحدى الصوب وتمثل الحديقة بأشجارها وزهورها لوحة فنية طبيعية لايمكن أن تمل من مشاهدتها وتأملها وهو ما جعلنى أذهب إلى الحديقة مرة أخرى بمفردى قبل مغادرتنا جنيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.