سوريا وقطر.. صداقة التهمتها نيران الثورة

رغم التوتر الحاد الذي باتت تشهده العلاقات «القطرية– السورية» منذ اندلاع الثورة السورية في مارس2011 على خلفية الموقف القطري المساند والداعم للمعارضةالسورية والمناوئ لنظام الرئيس بشار الأسد، فإن هذا التوتر لم يكن السمةالرئيسية التي ميزت العلاقات «القطرية- السورية» قبيل اندلاع ما عرف بثوراتالربيع العربي وإنما مثّل انحرافًا مفاجئًا في خط سير العلاقات بين البلدين.
ما قبل الثورة السورية.. صداقة وتعاون
اتسمت العلاقات «القطرية- السورية» قبيل اندلاع الثورة السورية بالتقارب والتعاون على الصعيدين السياسيي والاقتصادي. فعلى مستوى العلاقات السياسية فقد شهدت التفاعلات بين البلدين دفئاً على ضوء الزيارات المتبادلة التي قام بها كبار مسؤولي البلدين لبحث سبل تعزيز التعاون وتدعيم العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا المشتركة فيما بينهما.
أبرز هذه الزيارات كانت زيارتي «الأسد» للدوحة عامي 2003 لمناقشة تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير علي سوريا،‏ والعقوبات الأمريكية المفروضة علي دمشق وكيفية حشد الجهود العربية لمواجهة هذه التداعيات، و2010 لحضور افتتاح فعاليات احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية عام 2010، وزيارتي الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثان المتتاليتين لدمشق في العام 2008.
وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية فقد تمثلت أبرز التطورات الإيجابية بين البلدين قبيل الثورة، حسبما أشار تقرير حول مصير الاستثمارات الخليجية في سوريا في إعطاء سوريا الضوء الأخضر للدوحة للاستثمار في القطاع المالي بدمشق بحيث بات لقطر نصيب الأسد من الاستثمارات الخليجية في دمشق فبات بنك قطر الوطني يمتلك نسبة تزيد على 50% من بنك «قطر الوطني- سوريا» والذي يعمل برأسمال قدره 300 مليون دولار. كما يمتلك بنك قطر الدولي الإسلامي 30 % من «بنك سوريا الدولي الإسلامي».
ما بعد الثورة السوية.. توتر وعداء
مع اندلاع الثورة السورية في مارس2011 اتخذت العلاقات «القطرية- السورية» منحى مغايراً تمامًا ومفاجئاً بالنظر إلى ما كانت عليه حيث باتت أكثر توتراً واحتراباً، وقد تمثلت أبرز مظاهر هذا التغير في إغلاق قطر لسفارتها بدمشق وتعليق أعمالها لأجل غير مسمى إثر مظاهرات نظمها مؤيدون لنظام «الأسد» أمام مقرها في حي «أبورمانة»، احتجاجاً على طريقة تغطية قناة «الجزيرة» القطرية للأحداث والاحتجاجات التي تجري في سوريا.
بالإضافة إلى مساندة قطر للمعارضة السورية في المؤتمرات والمحافل الدولية كان أبرزها إعلان حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، الدعم القطري المطلق للمعارضة السورية لكونها لا ترى أي آمال في أن يجري الرئيس بشار الأسد إصلاحات، وأن الحل العسكري هو الحل الوحيد المجدي.
وبمراجعة بسيطة للدعم المالي القطري للمعارضة السورية منذ اندلاع الثورة بها يتجلى هذا بوضوح، حيث أشار تقرير ل«فايننشنال تايمز» إلى أن الدوحة أنفقت ما يربو من 3 بلايين دولار أي ما يعادل 21 مليار جنيه خلال العامين المنصرمين لدعم المعارضة السورية، متفوقة على الدعم السعودي للمعارضة السورية، ولتصبح أولى الدول الداعمة للمعارضة السورية.
وعلى ضوء الموقف القطري من الثورة السورية اختلفت التفسيرات حول الدور القطري المساند للثورة والمعارضة السورية فبينما أشار عدد من المحللين الأجانب في تقرير ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن السياسة القطرية في التعامل مع الأزمة السورية والاضطرابات التي شهدتها بلدان الربيع العربي إنما تعكس عفوية وعشوائية من قبل بعض أصحاب القوة والنفوذ لكسب الأصدقاء وللتأثير على الأحداث أكثر منها سياسة منظمة قائمة على التخطيط الجيد والمدروس تنحاز للأحزاب والحركات الإسلامية.