ذكر معهد واشنطن أن السلفيين هم الورقة السياسية الأكثر تأثيرًا وإثارة للقلق في الوقت نفسه في مصر، وأن حجم إقبالهم على الاستفتاء هو الذي سيحدد مستقبل مصر على المدى البعيد. وأشار المعهد في المقال الذي نشره للبتجث إريك تراجر، أن نتيجة الاستفتاء على الدستور لن تؤثر على المسار السياسي في مصر على المدى القصير، فالحكومة ستستمر في ملاحقة جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، والذين سيصرون بدورهم على رفض العملية السياسية التي تلت 30 يونيو، ولكن إقبال السلفيين على الدستور هو الذي سيؤثر على العملية السياسية على المدى البعيد، وليس على نتيجة التصويت. وأوضح المعهد أن الإقبال لو كان قويًا، فسيعني ذلك اعتراف حزب النور بالعملية السياسية لمصر ما بعد مرسي وقراره المشاركة فيها، ولو كان الإقبال ضعيفًا فسوف يعكس ذلك شعور السلفيين بالانفصال عن المشهد السياسي، وهو ما سيدفعهم للجهاد. وأردف «تراجر» أن حجم إقبال السلفيين على التصويت ستكون له تداعيات مؤثرة على مستقبل أمن مصر واستقرارها، فبرغم أن غالبية المحللين السياسيين يروا أن إقصاء «الإخوان» عن المشهد السياسي سيدفعها إلى الإرهاب، فإن التفسير الحرفي لقانون الحركات الإسلامية يجعل السلفيين بأيديولجيتهم السياسية هم الأقرب إلى تبنى فكرة الجهاد والعنف، وبالتالي فإن حجم مشاركتهم في الاستفتاء هي التي ستحدد موقفهم على الساحة السياسية. ورأى أن كل الاحتمالات قائمة، ففي حين نظم حزب النور السلفي حملة موسعة للدعوة للتصويت على الدستور ب «نعم»، فإن هناك أحزاب سلفية أخرى ومنها حزب الوطن، دعت إلى مقاطعة الاستفتاء. وأوضح المعهد أن وثيقة الدستور الأخيرة تعكس تحالفًا للأحزاب اليسارية ومؤسسات الدولة العميقة التي شاركت فى عزل مرسي، وتركز على دور الحكومة في تقديم الخدمات الاجتماعية، وتمنح المؤسستين العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى السلطة القضائية، سلطات غير مسبوقة، وتحد من دور الإسلاميين في الحياة العامة مقارنة بوثيقة الدستور السابقة التي صاغتها الجماعة، ورغم أنها تحتوي على الكثير من النصوص الخاصة بالحريات المدنية، فإنها تحد منها حين نصت و«ينظمها القانون». ورجح أن الكثير من البنود الخاصة بتحجيم نشاط الإسلاميين في مصر من أمثال (حظر قيام الأحزاب على أساس ديني، ورفع حجم الإنفاق الحكومي) لن تطبق، مشيرًا إلى أن الجدل في مصر تجاهل نصوص الوثيقة وانصب علي كونها تضفي الشرعية على المرحلة الانتقالية بعد عزل مرسي. وأوضح «تراجر» أن حجم إقبال الإسلامين سيحدد موقف السلفيين، ولكنه لن يؤثر على نتيجة التصويت، ذلك أن مصر لم تقل «لا» في أي من الاستفتاءات التي شهدتها على مدار تاريخها، وهو ما يفسر تركيز الرأي العام على حجم الإقبال، وما إذا كان سيتجاوز حاجز 32.8 % الذي شهده استفتاء دستور 2012، وليس على النتيجة. وأشار إلى صعوبة حساب حجم مشاركة السلفيين بدقة فى الاستفتاء، خاصة في ظل تضائل عدد المشرفين على الاستفتاء، حيث خصصت الحكومة 6000 مراقب لمتابعة التصويت في أكثر من 30 ألف مقر، وهو ما قد يشكك في مصداقية النتائج في الوقت ذاته، ولكن المقارنة التي ستجريها النوافذ الإعلامية المختلفة بين حجم المشاركة في2014 و 2012 قد تعطي تقريبات جيدة لحجم مشاركة السلفيين. واختتم «تراجر» أن الاستفتاء على الدستور قد يعطي الولاياتالمتحدة فرصة جيدة لمراجعة سياساتها الخارجية إزاء مصر، بما يخدم تحقيق مصالح استراتيجية للطرفين، بدلًا من أن تهدر جهدًا في توجيه المشهد السياسي المصري وتحقيق أهداف لن تنجح في بلوغها، مؤكدَا أنه أيًا كانت رؤية الإدارة لطبيعة تدخل الجيش في الحياة السياسية، فإن اللجوء للعنف والتطرف سيكون له تداعيات خطيرة على مصر وأمريكا على حد السواء، وهو ما لا يعني إظهار أمريكا الدعم للتدخل وللحكومة المدعومة عسكريا، ولكن عليها أن تحاول التوصل لسياسة تخدم الصالح الأعم.