عزاء الشهيد

انتقل إلى جنة عرضها السماوات والأرض ومقام الشهداء والصديقين والأبرار، زهرة شباب الوطن، كل من: محمد ومينا وسالى وحسين وكريم وإسلام وخالد وليزا وممدوح ومحمود وياسر وهداية وريحان والصاوى وسليم وربيع والسقا وصالح والوردانى وأبوزيد ومنصور وتميمى وزكى وعبدالفتاح ونور وعبده ورجب والفقى وعبدالكريم وزهران وموسى ونور وعبده وشعيب ورضوان وحماد، وغيرهم كثير، وقد استشهدوا وهم يؤدون واجبهم تجاه وطنهم وأهليهم0
فقد غرق الوطن فى الخراب والبؤس تحت حاكم فاسد ظالم مستبد، أحاطت به طغمة أشد ظلما وفجورا عاثت فى البلاد فسادا، فأهلكت الحرث والنسل واستباحت كل شىء.. الأرض والثروة وجعلوا ديدنهم وهمهم تحصيل الثروات الحرام من أى سبيل وبأى طريقة لا يرعون فى وطنهم إلاَّ ولا فى شعبهم ذمة، وزورت إرادة الناس فى حراسة آلة الإعلام المبتذل وآلة الأمن العربيد، فتدهورت الأحوال وسادت البطالة وانتشرت الأمراض الفتاكة،
وانهار التعليم وعربدت الطائفية وغلت الأسعار وانعدمت فرص الحصول على المسكن الكريم والحياة المطمئنة وانسدت أبواب الأمل أمام الناس. وهكذا اتفقت إرادة هؤلاء الأبرار من الشباب على أنه لا شىء يستعصى على التغيير إذا صدقت النوايا وشحذت الهمم وعلت الإرادة، فخرجوا موقنين بأن الحق ينتصر وأن إرادة الحياة تعلو على جبروت الجبابرة وتربص خفافيش الفساد، ومضوا مسالمين بعد ظهر الجمعة 28 يناير، يطالبون «بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، ومضوا فى طريقهم قاصدين ميدان التحرير، ليراهم العالم ويسمعهم ويعرف أن فى مصر شباباً لم ينل العطب أرواحهم النقية ولم يقتل اليأس شوقهم إلى الحياة الكريمة، ولكى يصل صوتهم إلى الطاغية القابع فى قصر العروبة تحيط به بطانة الخراب من اللصوص والمرتشين والمزورين والقتلة.
وبينما تتقدم جماعات الشباب، مؤكدين أن مسيرتهم «سلمية..سلمية.. سلمية» لم يدهسوا زهرة أو يقطعوا وردة، ولم يكسروا فرع شجرة أو يخدشوا حائطا أو سيارة، تربصت بهم جحافل الأمن الأسود بقيادة قاتل محترف (مسجون حاليا) وتصدت لهم فى محاولة لكسر عزيمتهم وشل إرادتهم، وسعت لتفريق جمعهم باستخدام العصىّ المكهربة والهراوات الغليظة ففشلت،
وتقدمت مسيرة الشباب السلمية المدفوعة بإرادة الحياة، فراحت جحافل الأمن تستخدم خراطيم المياه وقنابل الغاز والخرطوش، وفشلت أيضا، وتقدمت المسيرة بثبات أشد، فراحت تستخدم الرصاص المطاطى والرصاص الحى، فاستقبلها الشباب بصدورهم العارية وهم يهمسون لأنفسهم، بينما يلفظون أنفاسهم الأخيرة: «ما أهون أن ينهار الجسد، وتنقطع الأنفاس، إذا كانت البطولة كاللواء المخضب بالدماء، ستنتصب عالية فوق رؤوس الجلادين والقتلة!
ما أهون أن يموت الجسم ويعيش الموقف والمبدأ والاختيار الحر النبيل» وسقطوا على الأرض مضرجين بدمائهم الزكية بينما ارتفعت أرواحهم وأسماؤهم فوق نتن الديكتاتور الفاسد وعفن عصابته ووزرائه اللصوص، هكذا قضى هؤلاء الأطهار وفتحت أرواحهم فى ليل الظلم واليأس فرجة تنفذ منها شمس الأمل وعبير المستقبل0
والشهداء أبناء وأقارب عائلات: المصرى والصعيدى والبحيرى والجيزاوى والإسكندرانى والسويسى والبورسعيدى والمنياوى والكفراوى والمنوفى والطنطاوى والدمنهورى والفيومى والسوهاجى والبنهاوى والشبينى والمنصورى والدسوقى والشربينى والباجورى والأشمونى والسمالوطى والطهطاوى والمراغى والقناوى والنوبى والأقصرى والإسناوى وجميع عائلات البلاد0
وقد أقيمت صلاة الشهيد فى جميع مساجد مصر، وأقيم قداس الشهيد فى جميع كنائسها، وعهدنا للشهداء الأبرار أننا على العهد باقون.. المجد للشهداء، وكل الحرية للشعب، وكل التفانى للوطن.
kmougheeth@yahoo.com