ارتفاع الدولار أمام الجنيه بنحو 40 قرشا بالبنوك خلال تعاملات اليوم    شركة مياه الشرب في المنيا تكشف سبب انقطاع المياه في بعض القرى    ارتفاع حصيلة توريد القمح 260 الف طن في الدقهلية    تايوان تنتقد استفزازات الصين مع بدء مناورات تحاكي حصار الجزيرة    وزير الدفاع الأمريكي يطالب نظيره الإسرائيلي بإعادة فتح معبر رفح    إعلام إسرائيلي: إطلاق رشقة صاروخية من لبنان باتجاه الجليل    الزمالك يطالب اتحاد الكرة بتأجيل مواجهة بروكسى في كأس مصر    أحمد شوبير يوضح حقيقة تفاوض الأهلي مع حارس مرمى جديد    انهيار عقار من 4 طوابق خالية من السكان بالإسكندرية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة المنيا    الحماية المدنية بالفيوم تسيطر على حريق نشب في مخزن للأخشاب دون وقوع إصابات بشرية    باقٍ جثة واحدة.. قوات الإنقاذ النهري تعثر على جثة ضحية في حادث سقوط ميكروباص معدية أبو غالب    تركتها في الشارع حتي توفت من البرد.. حيثيات حكم أم تسببت في وفاة طفلتها    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع تكتيكي بجنود بالذخيرة الحية    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    "5 أساطير سبقوه".. هل يسير صلاح على نهجهم وينضم للمنتخب الأولمبي؟    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    وفاة عصام ابو ريدة شقيق رئيس اتحاد الكرة السابق    رئيس جهاز تنمية المشروعات يستقبل وفد «الجايكا» اليابانية    إزالة مخالفات بناء وتعديات على أراضي زراعية بمساحة قيراطين بالبدرشين    "شوف جمال بلدك".. النقل تعلن تركيب قضبان الخط الأول للقطار السريع - فيديو    تراجع واردات التصديري للورق والتغليف ب 16% خلال الربع الأول من 2024    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    الكل مضروب.. حوادث الامتحانات فى المحافظات لا تفرق بين طالب ومدرس    حريق يلتهم منزلًا فى سوهاج.. تعرف على الخسائر    تمريض القناة تنظم مؤتمرا حول "القبالة والصحة النفسية للمرأة" (صور)    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    تعرف على إيرادات فيلم "عالماشي" بعد 6 أسابيع من طرحه بالسينمات    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    صحة المنيا: علاج 7 آلاف مواطن على نفقة الدولة خلال أبريل الماضي    ضبط فني أشعة انتحل صفة طبيب وأدار مركزًا ببني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    البث العبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تبكير موعد الانتخابات العامة    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    صدمة في الزمالك بسبب مكافأة الكونفدرالية    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على شمال غزة    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    انتظام أعمال الامتحانات بكلية أصول الدين بطنطا والشريعة والقانون بتفهنا الأشراف    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    أتالانتا يضع حدا لسلسلة ليفركوزن التاريخية    رسميا.. انطلاق فيلم "تاني تانى" فى دور العرض اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروس «الطائفية»
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 01 - 2011

«مصر!.. لى صديق مصرى.. هو قبطى.. هاجر وعائلته بعد فقدانه الكثير من ثروته فى ظل سياسات التأميم.. شخص رائع حقا.. هم أقباط أتعرفين؟».
هكذا انتبهت منذ ست سنوات لوصف أستاذى لصديقه بأنه «قبطى».فتساءلت هل يرانى «مسلمة» إذن؟
وكيف لى أن أفهم ذلك كليا، وأنا لم أفصل فى ذهنى من قبل ماهية المصرى المسلم من المصرى المسيحى؟ فهويتى الدينية نتاج تعليمى فى مدارس الراهبات وكتب الوزارة فى التربية الإسلامية وأسرة منفتحة على الآخر المسيحى واليهودى واللادينى. فمن أين لى أن أسمع فى أمريكا وصفاً «يميز» المصرى إما «قبطيا» أو «مسلما»؟!
قلت له: «جميل فعلا.. المصريون بالقطع مسيحيون ومسلمون.. وأنا شخصيا أفتقد تواجد يهود مصر رغم أن جيلى لم يعاصرهم.. ولكن جدى كان يحكى عنهم قصصا.. ولكنى التفت لوصف المصرى بالقبطى أو المسلم.. لا أظن أننا نفعل ذلك عادة! فالمسيحيون يمثلون ما بين 10 و13%، وأنا عشت كل حياتى المدرسية فى جو مسيحى مسلم يبدو أقرب لأن يكون 50%-50%، إن لم يكن أغلبية مسيحية مُحتضنة لى...».
الآن أتذكر إحساسى بضرورة «الشرح» أن ليس لدينا «مسائل طائفية» فى مصر وأنا أتحدث إلى أستاذى المتخصص فى النزاعات العرقية! فحين رد «ولكن هناك إشارات إلى بعض المشاكل» شعرت بتخوف مقترن بنزعة «الإنكار» كأن أرفض الطرح أساسا أننا فى مصر قد نواجه خطرا «طائفيا» ما - فليست هذه مصر.
أكدت «نحن فى سلام فى مصر تجاه تلك الأمور الخاصة بالتعددية الدينية.. وسعداء حقا بذلك.. فهذه ميزة عظيمة لشعبنا..» لكن بعد هذا الحوار أصبت بهاجس أن نكون نحن المصريين، مسيحيين، ومسلمين، فى أزمة ما ولا أدرك.
فقد سمعنا عن صراعات بين «مسيحيين» و«مسلمين» فى البوسنة، «هوتو» و«توتسى» فى رواندا، «شيعة» و«سنة» فى العراق، «عرب» و«أفارقة» فى دارفور. والسبب هو وصف الإعلام طرفى النزاع فى صراعات «سياسية» بمسميات «طائفية» رغم أن دراسات عديدة حول بؤر الصراع أشارت إلى ضرورة عدم اختزال الأسباب فى «الكره التاريخى» Ancient Hatred نتيجة فروق دينية أو اثنية أو طائفية أو عرقية، مؤكدة أن ما «ينفجر» من صراعات ينتج عن عمليات سياسية معاصرة «تُفعّل» أوجه الاختلاف داخل الشعب الواحد لتصبح الفروق «خطوطا فاصلة» تقسّم عناصر المجتمع رغم تاريخ الامتزاج والوحدة. وتماما كما تُفصَل العناصر الكيميائية لاستخراج «النقى» قد تصل عمليات الفصل داخل المجتمعات لأقصى حالات «التطهير العرقى».
ما علاقتنا نحن فى مصر بكل هذا؟
علاقتنا أولا، أننا جزء من هذا العالم، الذى يبدو مصابا ولعدة عقود «بفيروس ما» قادر على «تفعيل» الطائفية فى بقاع مختلفة. ثانيا، «مناعتنا» التاريخية المتمثلة فى «الوحدة الوطنية» لا تبدو كافية وحدها للتصدى «للفيروس الطائفى» فى شكله المعاصر. فالنقطة الرئيسية هى أن الصراعات ليست نتيجة «كره تاريخى» أو «حب تاريخى»، وإنما نتيجة «سياسات دولة» و«سلوكيات مجتمع» تجاه مفاهيم معاصرة مثل «التنوع الثقافى» و«التعدد الدينى» و«حريات الأقليات»، بالإضافة إلى ذلك المصطلح، الذى كاد يفقد معناه وهو «حقوق الإنسان». فهذه المسميات أفرزت خطابا حقوقيا دوليا مصر ليست «محمية» منه تحت شعارات «سيادة الدولة» أو «عدم التدخل فى الشؤون الداخلية».
أما «الإنكار» كأن نقول جميعا، دولةً ومجتمعاً، بتفاخر بل غرور أحيانا: «نحن عراق لا طبعا! صراع شيعى- سنى؟ لسنا طرفا فيه! سودان يتفكك؟ أزمة فى دارفور؟ ليس لدينا مثل تلك الأشياء! بوسنة أو صرب؟ بالتأكيد أمور ليست ذات صلة بنا! 300.000 «توتسى» يُبَادون جماعيا من قبل «الهوتو» فى 100 يوم؟ فقد نقول باستعلاء كما قال الجميع فى حينها «أفارقة يتصرفون كالأفارقة»، ونسى أو تناسى الجميع أن مأساة «رواندا» كانت نتاجاً لعلاقات دولية «آنية معاصرة حديثة» استُخدمت فيها التكنولوجيا المتاحة فى حينها مثل «راديو السيارات» لتحريض الأفراد على قتل الأصحاب والجيران بعد إشعال الفتنة.
الآن.. هل الشائعات ورسائل المحمول هى ما يحرك شعوبا ضد نفسها؟
بمعنى آخر رغم إيمانى الكامل برسوخ مبدأ «الوحدة الوطنية» كما حدثت أستاذى، فأنا أصر الآن على طرق جرس إنذار للمجتمع وللدولة، التى يبدو أن الجميع قد ملّ تصرفاتها فى الداخل والخارج، فباتت تُوصف بالدولة الفاشلة Failing State - أى دولة مفككة فاقدة للشرعية، غير عابئة بتوفير الحاجات الأساسية لشعبها، غير قادرة على حماية الأفراد بشكل عام، وحماية الأقليات بشكل خاص - وهذا هو بيت القصيد فى الخطاب الدولى بعد حادث تفجير الكنيسة فى الإسكندرية، ولا يجب أن يُتهم بنشره المسيحيون فى مصر أو فى الخارج فهو خطاب قائم بالفعل، نابع من المناخين العالمى والمحلى اللذين نعيشهما وموجه «للدولة» المصرية.
فما العمل إذن؟
أولا: مصارحة أنفسنا أننا لسنا بالضرورة أفضل من غيرنا ممن عانى مرارة الطائفية. فنحن نعيش فى منظومة عالمية تدفع إلينا «فيروس الطائفية» دفعا كسمةٍ من سمات العولمة السياسية.
ثانيا: نحن نستطيع التصدى «للفيروس» إن لم ننكر «الإصابة»، وإن اعترفنا بأن هناك تغيرات ثقافية شعبية جذرية يجب أن نحدثها تعتمد على احترام الاختلاف والاعتراف بالآخر. فأداتنا الوحيدة فى التصدى للخطر الطائفى، التى تتمثل فى شعار «الوحدة الوطنية التاريخية» لم تعد أداة كافية - فلا نستطيع أن نعيش فى ماضٍ جليلٍ خلقته أجيال قبلنا وتوارثناه، ولكن بددنا منه ما بددناه بتهاوننا كمجتمع تجاه أهمية التنوع الدينى والثقافى والفكرى.
ثالثا: مازال علينا تصور السيناريو الأفضل لمستقبلنا السياسى فى مصر والتفاؤل تجاه قدرتنا على تحقيقه، لأننا إن لم نتفاءل ونعمل على تصحيح المسار المصرى ككل فقد نكون بالفعل مقدمين على مرحلة نزاع طبقى، عرقى، دينى مقلقة للغاية.
أين «الدولة» من تلك الحقائق؟
لا أدرى صراحةً ولا أعبأ فى الوقت الحالى. «فالمجتمع» أهم.
زميل مركز دراسات الشرق الأوسط
جامعة واشنطن، سياتل، الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.