الحب الحقيقى يصنع المعجزات، كل واحد يتحمل عيوب الطرف الآخر، خاصة أن الحياة مليئة بالمتاعب، والأكثر عشقاً والأكثر تحملاً، بل يعمل على إسعاد نصفه الآخر، الذى اختاره بقلبه وعقله، فلا يكتفى فقط بالصبر على عيوب حبيبه! الحب نوعان.. واحد مجرد كلام وتمنيات طيبة، والآخر واقعى عملى وله إشارة على الأرض.. الأول لا قيمة له، وللأسف تراه الأكثر انتشاراً فى مجتمعنا، حيث نكثر من الكلام عن الحب، ومع ذلك تجد عندنا أزمة أخلاق حادة يشعر بها الجميع! والغريب أن تلك العاطفة النبيلة ضاق مفهومها جداً عن الكثيرين فأصبحت مرادفة للغرام!! روميو وجوليت، أو قيس وليلى بالطبعة العربية!! والنوع الثانى أناس عمليون يرفضون الحب النظرى، فهو عندهم قصة بناء متكامل مع المحبوبة، وتلك العقلية تخلق الإنسان الناجح، وهكذا يكون الحب الحقيقى والنجاح مترادفين أو توأمين لا ينفصل أحدهما عن الآخر. وأذكر لك أمثلة من الدين والدنيا تؤكد ما أعنيه.. الغالبية العظمى من الناس بتحب ربنا! لكن ماذا يعنى ذلك؟ مجرد تمنيات طيبة عند الكثيرين! والواحد منا يبرر ذلك قائلاً: ما دام الله فى قلبى فهذا يكفى!! ولذلك لا يعطى للعبادات حقها، بل ربنا الذى يحبه تجده فى مرتبة ثانوية عنده!! وحجته فى ذلك تلك الفلسفة الكاذبة سالفة الذكر. والفريق الآخر الذى يحب الله «بحق وحقيقى» تجد سلوكه مختلفا عن أولئك الذين يكتفون بالقول إن ربنا فى قلبى!! فالتدين عندهم سلوك متكامل يشمل العبادات والأخلاق والمعاملات، يعملون على إرضاء خالقهم فى كل أحوالهم.. إنه حب واقعى عملى، وليس بطريقة «أى كلام»، بل عاطفة عظيمة يضع صاحبها إرضاء ربنا من أولوياته. وأنتقل إلى موضوع آخر يتعلق بآدم وحواء، أو الشباب والصبايا حيث يختلط الحابل بالنابل!! والحب الحقيقى لا تجده إلا قليلاً رغم كثرة الكلام عنه، بل إن سمعته بصراحة أصبحت سيئة، بسبب الفضائح التى تتم باسمه! وكثيراً ما يفاجأ المجتمع بوقوع الطلاق بين شاب وفتاة تزوجا حديثاً بعد قصة حب رائعة!! ولمعلوماتك أغلب حالات فشل الحياة الزوجية تكون عند الشباب وفى السنوات الأولى من الزواج، وهذا ما تؤكده الإحصاءات الرسمية.. والسؤال: لماذا؟ هل هو نقص خبرة؟ الإجابة عندى بالتأكيد بالنفى أو كلمة «لا»، بل يتمثل فى حب غير واقعى يقوم على الأحلام والأوهام وسهر الليالى، فإذا جاء وقت الاختبار الجدى عند الارتباط سقط سريعاً، وانكشف الوجه الحقيقى لكل طرف وظهر على حقيقته، وانطبقت عليه أغنية عبدالوهاب الشهيرة: أنا من ضيع فى الأوهام عمره!! والحب الحقيقى يصنع المعجزات، كل واحد يتحمل عيوب الطرف الآخر، خاصة أن الحياة مليئة بالمتاعب، والأكثر عشقاً والأكثر تحملاً، بل يعمل على إسعاد نصفه الآخر، الذى اختاره بقلبه وعقله، فلا يكتفى فقط بالصبر على عيوب حبيبه! وفى عصرنا النكد، حيث تدهورت الأخلاقيات رأينا الدنيا وقد تغيرت كثيراً، وهناك نغمة عالية سائدة.. تقول: أحب بقلبى وأتزوج بعقلى!! والمقصود أن تلك العاشقة تريد العريس الجاهز، وترفض أن تتزوج من دق قلبها له لأنه فقير، ولا تتصور لنفسها البهدلة باسم الحب! وحكاية أن تبدأ مع حبيبها من القاع أو أول السلم لتصعد معه إلى القمة فى قصة كفاح رائعة أمر مرفوض فى عصر المادة، وكل شىء فيه محسوب بالفلوس، وكان يمكن تصوره فى الزمن الرومانسى الجميل! وأسأل بدورى حضرتها: إذا كنت على استعداد للتخلى عن حبيبك عند أول محطة، والزواج بغيره فهل فعلاً كانت بينكما قصة حب حقيقية، أم أنه الانحلال بعينه؟، وصدق من قال: يا أيها الحب كم من الجرائم ترتكب باسمك! ومن هنا تتبين أهمية محاسبة النفس التى تحدثت عنها الأسابيع الماضية.