عادة متأصلة في لا أعرف إن كانت عيباً أم ميزة، فحتى في أيام الأجازات أو العطلات الرسمية أستيقظ مبكراً، الكل نيام مستمعين بالدفء أما أنا فآخذ اليوم من أوله، وحتى نهايته، في ذلك اليوم ذهبت إلى الميكانيكي بناءً على الموعد المحدد بيننا، فوقت الصيانة الدورية قد حان . في العاشرة صباحاً كنت أقف أمام الورشة ... المغلقة بالضبة والمفتاح، مازال نائماً ذلك المحظوظ، إتصلت به لأخبره بوصولي، أخبرني أنها ربع ساعة وسيكون واقفاً أمامي بشحمه ولحمه، ذكرني ذلك بأحد الأشخاص الذي عندما كنت أسأله عن مكانه حالياً يخبرني أنه على باب الشركة، مع أنه كان مازال يغسل وجهه في الحمام. لتضييع الوقت بحثت عن ما يسليني، فكرت في الإستماع إلى بعض الأغاني لكني تذكرت أن تسجيل سيارتي كأي صديق وفي مخلص، يتخلى عني في وقت الأزمات، هو الآن لا يعمل، لقطت عيني سلسلة المفاتيح، تذكرت على الفور كلام كثير من الأصدقاء عن ضخامة هذه السلسة و أني أحمل معي الكثير من المفاتيح على غير العادة البشرية، فكرت في إعادة جدولة هذه " الكبشة " و التي ستكون بالتأكيد أسهل من جدولة ديون رجال الأعمال اللي خدوا اللي فيه النصيب وهربوا. أول مفتاح كان مفتاح سيارتي، هي ليست آخر موديل إلا أني أعتز بها كثيراً، على الرغم من أعطالها المؤثرة أحياناً و التي جعلتني أفكر في شراء سيارة أخرى إلا أنها أصيلة، كثيراً ما كنت تقيني سوء الأحوال الجوية، و سوء المواصلات، و سوء الحظ و سوق على مهلك سوق، هذا المفتاح هو علامة من علامات الرفاهية إذاً. المفتاح الثاني هو مفتاح شقتي، فبعد أن كنت أعزباً مسؤولاً عن نفسي فقط، تغيرت الأحوال و تبدل الوضع و أصبحت مسؤولاً عن أسرة بكاملها، تغير في نظام المعيشة و حياة جديدة يقبل عليها كل شاب بصدر مفتوح و عقل ملهوف و قلب محبوب، كنت أنا كذلك. المفتاح الثالث هو مفتاح دولابي في العمل، عندما تسلمت وظيفتي سلموني ذلك الدولاب لأضع به متعلقاتي الشخصية، أخبرني الأشخاص الأكبر سناً أنه يحبذ وضف قفل نحاسي على الدولاب لأن ولاد زبيدة لم يتركوا شيئاً يمكن سرقته إلا و سرقوه، من أول الشاي و السكر وصولاً إلى دهان الحائط. المفتاح الرابع كان أثقل المفاتيح، هو مفتاح مقابر العائلة، عندما لمسته أطراف أصابعي تذكرت على الفور كم من الأشخاص ذهبت بنفسي لأهيئ لهم المدفن، كم من الأشخاص ودعتهم و هو ذاهبون إلى مثواهم الأخير، مفتاح لا أتمنى إستخدامه أبداً، إلا أنها طبيعة الحياة، اليوم أنا أستخدمه و غداً سيتخدمه أحد آخر ليهيئ لي المكان أنا أيضاً. لم أكمل باقي السلسلة، فلقد علمت أنها ليست مجرد سلسلة من المفاتيح ألقيها في أي مكان بلا إهتمام، بل إنها حياتي، الماضي الذي عشته بحلوه و مره، بفرحه و حزنه، و حاضري الذي أتناطح معه كثيراً حالياً، و مستقبلي الذي أجهله فلا أعلم ما يخفيه عني القدر. بقلم م / مصطفى الطبجي [email protected]