■ ككل الناس.. أفرح وأنا مقدمة على رحلة.. ويزداد فرحى كلما كان تمنينى بشقاء أقل من مثيلاتها.. وأقضى الساعات فى توضيب الشنطة واختيار الأنسب والأليق والأكثر أناقة.. أفعل ذلك وخيالى يمرح بين ما سأرى من مناظر غير بتاعة كل يوم.. وأتذوق طعاما مش شبه كل يوم.. وأتحدث لغة ليس بها ماشى وفكك ومعلش والشاى بتاعنا فين.. ■ وتحين ساعة الذهاب.. الآن علىّ أن أمد أصبعى لأكبس زر النور فتغرق غرفتى فى الظلام.. بينما باب البيت ينادينى لأترك وأرحل.. ولكن قبل أن يلمس أصبعى زر النور أتوقف.. الغرفة تنادينى.. سريرى ينظر لى بشفترة طفولية وأكاد أسمعه يسألنى «حاتفوتينى؟؟.. أهون عليكى؟؟».. وكذا تفعل كل تفصيلة فى الغرفة.. أتوقف لأنظر حولى وأتساءل بصيغة تشاؤمية: هل سيكتب لى أن أعود لغرفتى وسريرى وتفاصيلى؟؟.. وأغرق فى الطقس الدائم الذى يجعل لحظة الوداع مصحوبة بحزن وميل للدموع.. طالما كنت أعانى من هذا الإحساس.. نحن عندما نقبل على رحلة أو تغيير ما، لا ننظر أمامنا لنسعد بمجرد المغامرة والتوقع.. إنما هناك دائما شىء يجذبنا للخلف.. لنتوقف وننظر.. وقد نتردد.. وقد لا نذهب.. ■ الليلة مساء.. نمد أصبعنا لنكبس زر النور.. فتغرق اللحظة فى الظلام.. بينما تضىء لحظة أخرى.. فى منتصف الليل.. نبدأ الرحلة الجديدة فى الزمن الجديد.. وكلنا حذر من أن يشدنا القديم للخلف.. نقفز فوق عتبة سنة جديدة تاركين القديمة وراءنا.. ■ وتقف القديمة بنت القديمة لتشفتر فى طفولة عبيطة: حاتسيبونى؟؟.. أنا اللى أخدت من عمركم 365 يوم بالتمام والكمال.. ترمونى بالساهل كده؟؟.. ■ ولأول مرة قد نتوقف فى تمرد واضح على الطقس السائد.. أيوه نرميكى.. جاك داهية فى اللى خلفوكى.. إحنا شفنا منك إلا كل خيبة؟؟.. ■ وكالزوج الذى يعدد لزوجته أسباب هجره لها وقد طفح به الكيل واتفكت عقدة لسانه ودخل فى نوبة شردحة تشجعه على الانفلات والنجاة بجلده من هذه الولية السئيلة.. ياما جبتى م الأرض وحطيتى فوق لبة نافوخنا.. مشفترة على إيه جاك حمى لما تضرب فى فصوص دماغك.. إلهى يجيلك جرب فى صرصور ودنك وتينيا فى شعر باطك.. ■ ليه؟؟.. وأنا عملتلكوا إيه؟؟.. شوفى كم الأحداث اللى حصلت.. وهى السنة إيه غير شوية أحداث.. لكن كلها كانت فى العضل.. وبعض منها كان فى مقام الحقنة الشرجية.. إنتى سبتى حاجة ما عملتيهاش فينا؟؟.. ■ داحنا شفنا على إيديكى فتنة طائفية ما وردتش علينا من يوم ما اتنفضنا.. وانصابنا فى عقر معتقداتنا وصلب عمودنا الفقرى.. عشنا عصر كاميليا ووفاء والمظاهرات المنادية بالاسترداد.. كل واحد عايز يسترد.. يسترد إيه؟ هو نفسه مش عارف.. جنازات حارة ووجع قلب واشتباكات وإصابات واعتقالات.. وخطابات وتصريحات تودى ف داهية وتولع فى البلد.. ومدونات وبلوجات وردح وقدح ف زيت مغلى.. ■ شفنا على إيديكى تزاوير فى انتخابات شورى وشعب.. ودعايات انتخابية من عينة اقلع البنطلون والبس الشورت.. عبدالعزيز نائب شامورت.. وإشى ستة أبريل وإشى خالد سعيد.. وإشى أزمة مياه النيل.. والحق استحمى قبل الميه ما تشح لا يصيبك العفن.. وأنفلونزا خنازير.. وكل واحد يخللى باله من خنازيره.. ■ واللحمة نار والطماطم شرار والكوسة والفاصوليا الخضرا اللى أكلهم بقى عار.. ■ وراعيتى قوى يا أم ضمير حى أن تستمر الأوضاع السابقة فى محاولة للحفاظ على هدوئها واستقرارها.. زى الفساد الإدارى والرشاوى اللى حايدرسوا فى الدورة الجديدة احتمالية تقنينها وتحديد نسبتها من الدخل القومى حتى يتم تحصيل ضريبة عليها.. وأهو شيلنى وأشيلك مادام كله على حساب الزبون المقطف.. وبلا وجع قلب بقى.. مع استمرار المظهر الحضارى لتلال القمامة التى تشى بيسر حال المصريين والقدرة على اللغ المتواصل والتلمظ ومباريات سوء الهضم والتخمة.. ولاّ المرور بقى.. أزمته وقانونه اللى كان جديد.. لا لحق يقدم ولا اتنفذ يا عين أمه.. وأصبح الخروج إلى أى مشوار لا يستقيم دون اصطحاب جرابندية وزمزمية وقصرية.. وعلبة أقراص مهدئة.. ■ جيبتلنا معاكى شوية فكاهات لطيفة برضه.. مناظرات طويلة وتبادل شتائم وسيديهات وفضائح ما بين الشخصيات اللى المفروض إنها إعلامية ورموز اجتماعية.. لتثبتى لنا أن لفظ الرمز لا ينطبق إلا على عينات الرمز الانتخابى أبوطشت وقُلة وبلتكانة وسيفون.. وجلسات محاكمات أشبه بنمرة النسانيس فى السيرك القومى لما استعرضته من مظاهرات ووقفات وتصريحات تليفزيونية.. والنبى ما ننسى القضية المصيرية التى توقفت لها مسيرة البلاد بسبب صباع بركات.. ■ ده غير الحركة القومية الشبابية الطوفانية المستميتة فى الحفاظ على طقس التحرش الجنسى والعبث بتضاريس الإناث فى الطريق العام والخاص.. وظواهر هتك العرض فى المدارس.. والاغتصاب بجميع أنواعه.. ووصلنا يا مفترية لأن العيال تقطع أعضاء بعضها.. يا نهار أزرق.. ■ أتحفتينا بشوية تخلف ورجعية.. ومظاهر تشعرك وأنت تمشى فى شوارع المحروسة أنك فى طالبان.. عشنا وشفنا لحظة يجمع فيها سادة أفاضل يمثلون شارة الاستنارة فى مصر على خنق المرأة القاضية خنقا يفضى إلى الموت.. انتشرت فى أنحاء الوطن مجموعة من الغربان السود يطالبون بحقهم فى التواجد وإرهاب المجتمع تحت دعاوى الحرية الشخصية فى تمريض العيانين والتدريس وإخافة العيال وتطفيش السياح، وإطفاء أى ملمح للبهجة والتحضر، ونسف أى ثروة ثقافية.. شفنا وسمعنا وقرينا كم من الهذى والهلفطة وإطلاق الغازات الطبيعية تحت مسمى الفتاوى والدروس الدينية، لم ينتج عنه لا دين ولا معاملة ولا نهضة.. إنما مجموعة من المعاتيه الموتورين الذين يطلقون ألسنتهم ولحاهم على خلق الله أينما ذهبوا.. وشوية نسوان مرعوبة مختبئة وراء خرمين فى طرحة ليأمنوا شر العنوسة ويتاوو فى ضل حيطة وخلاص.. نقول إيه ولاّ إيه.. ■ بقولك إيه يا دى السنة الكبيسة.. القلب ياما صارر منك ومتعبى.. امشى اطلعى بره وماتوريناش وشك تانى.. ■ الساعة اتناشر.. حاكبس زر النور فتتوه القديمة فى الظلام وتذهب بلا رجعة.. ■ أما إنتى يا جديدة.. فإذا كنتى تحملين نفس الملامح الغامقة.. عليا النعمة ما أنا مولعة النور.. هه.. بس.. [email protected]