جلست امام رجل مسن فى الترام الزرقاء بالأسكندرية وتكلم معى عن عصر الزمن الجميل عاش عصراً من أزهى العصور كانت فيه أسعار الشقق فى متناول الجميع والانسان كان يتزوج برخص التراب وكان المصريون يلتفون حول قائدهم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وكان مشروعهم القومى هو بناء السد العالى كانت المشاعر الوطنية فى تلك الفترة ملتهبة يريدون من خلالها إثبات أن الانسان المصرى قادر على تحدى الصعاب من العثرات التى يضعها الغرب من أجل عدم استكمال مصر للمشروع وفى نفس الوقت كانت القرار بتأميم قناة السويس يعبر عن ارادة وطنية بعدم تبعية مصر بعد الاستقلال لإى دولة تحاول ان تفرد هيمنتها عليها و الشعور الوطنى الذى داعب المصريين قى بناء اقتصاد وطنى يعتمد على السواعد الوطنية فتدخلت الدولة فى بناء القطاع العام الذى عاش فى كنفه ملايين من المصريين عبر العقود المختلفة وحصل العمال على الكثير من الحقوق فى ظله وكانت الدولة تقوم بدعم السلع الاستراتيجية مثل الخبز والطاقة وتحديد اسعار ايجارات المساكن وقوانين الاصلاح الزراعى التى تمتع فيها الفلاح البسيط وقتها بالملكية لاول مرة فى حياته هذا ليس دفاعا عن عصر بعينه او اننى اشتراكيا او ضد الرأسمالية ولكننى ادافع عن حقوقا اكتسبها الشعب وهى تضيع فى عالم اليوم هباءا منثورا فتزداد الوطأة التى يعانى منها المواطن محدود الدخل دون سابق انذار ورثت الدولة القطاع العام وبدلا من ان تحافظ الدولة على تلك الاصول والممتلكات التى لا تقدر بثمن فكان على الدولة ان تحارب الفساد الموجود باجهزة القطاع العام وان تساعده على القيام بواجبه الوطنى اتجاه المجتمع قامت الدولة بالحل السهل وهو البيع كالابن السفيه الذى ورث عن أبيه شركات تقدر بملايين الجنيهات تعب الاب فى تأسيسها وتنمية ثروته وكان له نظرة مستقبلية لانشاء مشروعات جديدة من خلال تلك الثروة ولكن ظهر تحت يديه بعض الفاسدين فمات الاب ولكن الابن عندما ورث تلك التركة لم يكن يملك الرؤية للحفاظ على هذا الكيان الضخم ووجد الفاسدون قابعون على ثروته فلم يحاول محاربتهم وطردهم من تلك المملكة ولكنه أستسهل الأمر وباع ما يملك من أصول وممتلكات بأبخس الأثمان لأن رؤيته قاصرة فوجد مالاً يكتسبه من جراء عمليات البيع ولكن سرعان ما فقد تلك الأموال وأصبح فقيراً بعد أن كان غنياً هكذا فعلت الدولة بالقطاع العام ولكن بدلا من أن تقضى على الفساد من خلال تغيير شكل الملكية من العام إلى الخاص ظهر لنا فساداً آخر من جراء عمليات البيع غير المدروسة والسريعة أولاً : فساد المسئولين فى البيع بأبخس الاثمان لأصول وممتلكات القطاع العام مما أهدر الملايين من الجنيهات التى كان من الممكن أن تعود على الدولة لو كان هناك دقة فى عملية تقييم الأصول وأمانة من قبل المسئولين فى عدم إهدار المال العام بتلك الصورة الفجة ثانياً : ظهور مشكلة المعاش المبكر للعاملين فى القطاع العام والأستغناء عن خدماتهم وهم فى عز قوتهم وعطائهم ثم تعويضهم بملاليم لا تسمن ولا تغنى من جوع ومعاش زهيد لا يمكنهم من العيش بطريقة كريمة فساعدت الدولة على زيادة نسبة البطالة فى المجتمع وما ينتج عنه من مشاكل تؤثر على المجتمع بالسلب ومفاسد كثيرة نتيجة ضيق عيش هؤلاء بعد أن كان لهم عملاً شريفاً يتكسبون منه ثالثاً : من قام بشراء القطاع العام كان تاجر أراضى وليس مسثمراً سوف يطور تلك الصناعات ويضخ فيها أموال من أجل تنمية تلك الصناعات لأنه قام بشراء تلك الأصول والأراضى بهدف هدم تلك المبانى وبيع الأراضى وحصد هؤلاء ثروة هائلة من بيع تلك الأراضى ولكن أضاعوا على الوطن عوائد صناعات أقتصادية ضخمة كانت تضخ إلى الأقتصاد الوطنى منتجات تخدم المجتمع رابعاً : أما بقية المستثمرين فبخسوا حقوق العمال بحجة أرتفاع نفقات التشغيل وقلة الأرباح وعدم كفاءة تلك العمالة وتلك كانت الطامة الكبرى وهى ضياع حقوق العمال خامساً : عدم قدرة القطاع الخاص على أمتصاص الأعداد السنوية الزائدة من الخريجين مما أدى إلى تفاقم نسبة البطالة فى المجتمع وأرتفاع معدل الجريمة طبعا وللأسف تخلى الدولة يوما بعد يوم عن دورها الاجتماعى فى حماية الطبقات الضعيفة والمهمشة فى المجتمع وهناك مؤشرات خطيرة تدل على أتجاه متصاعد نحو إلغاء الدعم فى كل المجالات، ضياع كافة المكتسبات التى حصل عليها العمال فى عهود سابقة، أرتفاع معدلات الضرائب على المواطنين وغلاء الأسعار بطريقة غير مسبوقة، عدم قدرة الناس على شرائهم لشقق سكنية بسهولة ما يعنى عدم قدرتهم على الزواج وتكوين أسر مما يؤدى إلى مشاكل نفسية خطيرة لدى الشباب وأرتفاع معدل العنوسة لدى الأناث الحلم الذى عاشه المصريين خلال العقود الماضية قد أنزوى وأختفى وأصبح سراباً بعيداً قد نتكلم عنه مع الأجداد ومن عاصروه ولكننا جميعاً نفتقد لأن نعيش هذا الحلم الجميل على أرض الواقع مرة أخرى ولكن أعتقد أن الحلم بحياة كريمة فى مصر فى ظل حكومات لا تتكلم لغة المصريين وتعبر عنهم وتأتى بأرادة فوقية من قبل الحاكم قد ذهب مع الريح وكأن لسان حالنا فى عالم اليوم يقول لو لم أكن مصريا لأرتحت نفسيا .