طبيعى جدا أن ينطق الصغار بسفيه الكلام.. ليس مستغربا أن يحتمى الجاهل بكرباج السلطة.. المدهش أن يبتسم المهزوم، فيفقد المنتصر لذة إحساسه بانتصاره!! تخيلوا أن دولة تملك أكثر من 30 محطة وقناة تليفزيونية.. وتملك أكثر من 30 صحيفة ومجلة.. فضلا عما يملكه حزبها الحاكم من أغلبية ساحقة، ويحرك حكومة قادرة على تحقيق الإنجازات على الورق وفى الغرف المغلقة!!.. وخلال فترات الاستراحة يحدثون أنفسهم عما يقدمونه للشعب بين الحدائق الغناء فى قصورهم أو عبر التليفونات خلال ترحالهم بالسيارات الفاخرة!! تلك الدولة تتوجه بما تملك من ترسانة إعلامية بكل أمل فى أن تسحق صحيفة أو صحيفتين أو قل عشراً من الصحف- المعارضة والخاصة-، وفى الإطار ذاته نجد أن أغلبية كاسحة تتشدق بما أنجزته أو ستقدمه للمواطن.. هى مشغولة بقتال نفر من النواب الذين تحاول الترويج بأنهم «فاشلون».. والدولة ذاتها بكل ما تملكه من إمكانيات وأدوات تنزعج لمجرد خروج بضع عشرات فى مظاهرة.. تواجههم بالمئات من جنود الأمن المركزى.. فضلا عن غرف عمليات ومتابعة وتقارير واتصالات للتأكد من أن الجنين مات فى بطن أمه أمام المارد الذى يخنقها ويركلها ويضربها ويذبحها!! تلك صورة قد تبدو واقعية.. هذا صحيح.. مرعوبا.. أدعى أنها صورة خيالية!!.. أخرج منها إلى الحقيقة لأشير إلى اسم النائب السابق- والحالى- «علاء عبدالمنعم».. فهو عضو مجلس الشعب عن دائرة «الدرب الأحمر» فى برلمان طوينا صفحته.. لم نسمع عنه قبل أن يحيا تحت قبة البرلمان.. تابعناه.. سمعنا ورأينا أداءه.. أصبح ملء السمع والبصر.. تعامل مع السياسة بنقاء وجدية شديدين.. فقد كان مستقلا، ونجح فى الحفاظ على الطريق الذى قرر السير فيه.. دافع عن مصر عندما استلزم الأمر فى مواجهة الحكومة، ولم يرتعش عند اتهامه بأنه فى خندق المعارضة.. دافع عن مصر لحظة أن فرض عليه الموقف الانحياز إلى النائب «مصطفى السلاب» ولن أقول عنه الراحل.. فهو بيننا بما أعطى للناس وبقدر صدقه فى العمل السياسى.. أى أن «علاء عبدالمنعم» يمثل حالة فريدة فى الأداء السياسى المصرى.. قد لا يكون ذلك مستغربا إذا علمنا أنه وريث الرائع «علوى حافظ» فى الدائرة ذاتها.. وليس غريبا عليه أن ينضم إلى حزب الوفد اقتفاء لأثر المستشار الرائع «ممتاز نصار».. فقد اختار «علاء عبدالمنعم» الانضمام لحزب الوفد بكل ما فيه من رائحة الوطنية المصرية.. حمل تاريخه البرلمانى المشرف، وموقفه العظيم بالانضمام إلى حزب يتجه نحو الديمقراطية بالفعل وليس بالقول.. استشعر الخطر.. أعلن رفضه دخول المعركة، لثقته فى أنها لن تكون نظيفة ولا شفافة ولا حرة.. وافق على ما تمت ممارسته عليه من ضغوط جماهيرية وسياسية.. ذهب إلى الانتخابات.. فاز بلقب «فاشل» حسبما يراد الترويج له من صغار الصحفيين، وإن اعتقدوا أنهم كبار!! نجح «علاء عبدالمنعم» سياسيا بقدر نجاحه محامياً بارعاً.. تفوق جماهيريا بشهادة الرأى العام، الذى لا يسمعه أصحاب القرار.. فعل كل المطلوب فى المقدمات لتخرج النتائج صحيحة.. جاءت النتيجة أن منافسه، بما خلفه من حسابات تسأله عنها البنوك هو الفائز.. أى أن «علاء عبدالمنعم» يمثل كل المقدمات الصحيحة.. لكن النتيجة تم إعلانها على أنها خطأ!! «علاء عبدالمنعم» نائب الشعب، هو عنوان الحقيقة.. فالذين نجحوا فى الانتخابات هم عكس هذا النموذج، والذين رسبوا يمثلون صورة ضوئية منه- إلا قليلاً-.. وعليه، يمكن القول بأن نواب الشعب بداية من «حمدين صباحى» مرورا بالنائب «مصطفى جندى» وغيرهما من أمثال «منى مكرم عبيد» و«ضياء رشوان» ثم «طاهر أبوزيد» و«مصطفى بكرى» و«عبدالفتاح دياب»- حزب وطنى- ثم الدكتور «مصطفى السعيد» و الدكتور «شريف عمر» وهما يمثلان الحزب الوطنى.. وغيرهم عشرات من الذين أكد الإعلام نقلا عن الرأى العام مكانتهم ووزنهم الثقيل.. كلهم «فاشلون»!!.. وجاءت لحظة الحقيقة.. فالدكتور «أحمد فتحى سرور» رئيسا لمجلس الشعب بلا أى تغيير بأغلبية كاسحة.. نافسه فى معركة الرئاسة نائب لم نسمع عنه سياسيا ولا مرشحا.. فوجئنا به ناجحا فى الجولة الأولى، ثم سمعنا عنه منافسا لرئيس البرلمان «الكبير»!!.. فإذا بالنتيجة أن الدكتور «فتحى سرور» يحصل على 505 أصوات.. وهذا المنافس- لا أذكر اسمه مع سبق الإصرار والترصد- يحصل على صوته فقط.. وهنا كان عنوان آخر للحقيقة، فهم يتحدثون عن مجلس شعب يضم أحزابا معارضة ومستقلين- أى أن فيه معارضة- فإذا بالخطوة الأولى تؤكد أنه برلمان من زمن «الاتحاد الاشتراكى»!!.. وعلى النهج ذاته سيمضى البرلمان بمباركة نجم المرحلة.. كما قالت الفنانة «شويكار»: «إنت بتقول عز.. يبقى إنت اللى قتلت بابايا»!! [email protected]