رئيس منتجي الحاصلات البستانية: الاتحاد نفذ العديد من المشروعات لصالح صغار المنتجين    قيادي في حماس: إسرائيل لا تستطيع فعل شيء في غزة إلا بموافقتنا أو رفضنا    داليا عبدالرحيم تكشف عن أخطر الوسائل الإلكترونية للجماعات المتطرفة    برشلونة يستهدف التعاقد مع نجم مانشستر يونايتد.. صفقة تبدو مستحيلة    استعدادا لاستقبال عيد الأضحى.. ضبط وإعدام أغذية فاسدة في حملات بدمياط    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    نقيب الأطباء البيطريين يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة الغذاء    وزير التربية والتعليم الأسبق يدعو لإنشاء مجلس أعلى للتعليم    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    «عالي عالي».. دويتو يجمع محمد رشاد وسلمى عادل | صور    الجفري: حقوق الإنسان صِيغت من وجهة نظر الثقافة الغربية    كيف منع زلزال 1992 سامية جمال من آخر ظهور إعلامي؟    جيش الاحتلال: محاولات لاعتراض مسيرة فى نهاريا فشلت ما تسبب باندلاع حريق    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    حظك اليوم 3 يونيو 2024 لمواليد برج القوس    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابنة تخاطب أباها
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 04 - 2010

كنت أتنقل عبر الكيبورد بين صفحات الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، فالتقت عيناى‎ على رسالة، أظن أن توقيت تحريرها ونشرها صادف يوم صدور الحكم على أبيها من محكمة‎ عسكرية، ابنة تخاطب أباها.. تخاطب نفسها، تقوى الإيمان فى قلبه وفى قلبها، بل تنثر‎ الإيمان فى قلوب الناس المؤمنين‎.
رسالة كتبتها زهراء خيرت الشاطر منذ ثلاث سنوات خلت، كأنها تصدر اليوم من صميم‎ فؤادها وحبة قلبها ودمعة مقلها.. حباً ووداً وتقوى وبراً وإيماناً بالذى فطر السماء‎ بلا عمد، وخلق الخلق ليعبدوه وابتلاهم ليرى قدرة إيمانهم ويسمع أنات ألسنتهم دعاءً‎ ونجوى وصبراً وشكراً واحتساباً‎.‎
استرجعت يوما من أيام تلك المحاكمة وأنا أرقب الأقفاص وبداخلها هؤلاء الأفذاذ من‎ المصريين، كتبت يومها سطورا فى هذا المكان من زاويتى، أحيى الإيمان فى وجوه الإخوان‎ وأستغرب كيف أنى لم أكتشف فيهم هذه المعانى من الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله‎ وقدره‎.
جيلاً وراء جيل يرفعون الراية، يمسكون بمعاصمهم على جمر من النار وهم يتمسكون‎ بدينهم.. بدعوتهم.. بالإسلام يُذكرون الناس به ويدعونهم إلى جميل أخلاقه وتعاليمه‎ وآدابه. شاهدت داخل تلك الأقفاص، التى طالما وقفت أمامها أو مكثت خلفها، ثلة من‎ عقول مصر المستنيرة المفكرة برباطة جأش واستقرار إيمان، لم أشعر بمثل هذا الشعور من‎ قبل على كثرة ما مكثت داخل القضبان أو خارجها فى قضايا كثيرة‎.
يختلف الناس حول الإخوان أو مع بعض فهمهم، لكننا نتفق على صبرهم وصدقهم مع‎ منهجهم، وأهداب الدين يشدونها فى زمن عزّ فيه من يمسك بدينه ويبقى على ولاءاته‎.
رجال أعمال مثلهم فى سدة الحكم، لكن بون شاسع جدا بين هؤلاء وأولئك، وصدق المولى‎ سبحانه (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون‎) أساتذة فى الجامعة.. مهندسون.. أطباء، وهكذا من كل شرائح المجتمع لا علاقة لهم بما‎ حاول أهل الحكم تصويرهم فيه من عنف أو جنوح إلى التسليح، اتهامات لم تعد تنطوى على‎ رجل الشارع.. لا يصدقهم، وأظن أن الذين أحالوهم إلى المحاكمة هم أيضا يعرفون قدر‎ هؤلاء ويحترمونهم‎.
ربما ظروف المحاكمة نفسها لم تكن طبيعية، ولا الإجراءات فيها كانت طبيعية، لست‎ من هواة النبش فى الماضى، لكن المزاج العام وقت إجراء المحاكمة وصدور الحكم فيها‎ كان مكدرا، وجاءت واقعة طلاب الأزهر تمثل صدمة لكثيرين من دوائر الرأى العام‎ المصرى، وبالطبع لدى دوائر السلطة‎.‎
يقول صديقى عبدالمنعم عبدالمقصود: «حاولت جماعة الإخوان عبر الكثير من قياداتها‎ تهدئة الأمور آنذاك عبر الإعلان أن ما تم كان خاطئا ولم يكن بعلم قيادة الجماعة،‎ لكن هذا التحرك لم يلق تجاوبا فى أوساط عديدة داخل القوى الفكرية والسياسية، وكانت‎ التربة ممهدة جدا للقيام بضربة قوية ضد الجماعة»، ويستطرد عبدالمقصود، الذى أحسده‏‎ كثيرا على دأبه وجلده وسط كل هذه الأنواء التى تحيط بمهمته: «حتى طلاب الأزهر الذين‎ قاموا بالعرض أصدروا بيانا يعتذرون فيه عن الصورة السلبية التى أعطاها العرض‎ الرياضى التمثيلى الذى كان ضمن فقرات الاعتصام للاعتراض على فصل ثمانية طلاب لمدة‎ شهر من الدراسة لنشاطهم فى الدعوة لانتخابات الاتحاد الحر بالجامعة‎».‎
وأنا بدورى وغيرى أيضا نعتقد أن المناخ لم يكن صالحا للفهم أو التفهم، كانت‎ أطراف كثيرة تدفع فى اتجاه الاحتقان واستكمال الشوط لآخره، هناك أقوام يتربحون من‎ الهجوم على الإخوان، وينتعشون بكل ما يحدث للإخوان من محن، تجدهم فى وسائل الإعلام‎ وفى أحزاب سياسية مناوئة أو منافسة أو كارهة، أنصاف موهوبين يجدون بغيتهم فى معاداة‎ الإخوان وهم أصفار لا تاريخ لهم ولا مستقبل إلا فى ظل هذه السياسة المعيبة «خالف‎ لُتعرف»، الاختلاف فى الرأى شىء آخر غير ما يمارسه هؤلاء الساقطون الملوثون، بوسعك‎ أن تختلف كيف شئت وأن تعبر عن هذا الاختلاف بكل صوت مسموع إلا التهجم والافتراء‎ والتلويث ونثر الشائعات والفُجر فى الخصومة‎.
أعتقد أنه من المناسب جدا البحث عن صيغة للتعايش بين أهل الحكم والإخوان من جهة،‎ وبين الإخوان وغيرهم من القوى السياسية من جانب آخر، وهذا كله مشروع لا شىء فيه ولا‎ خلاف عليه، على العقلاء هنا وهناك بذل الجهد لصياغة هذه الوثيقة «وثيقة التعايش‎» وعدم الخروج على المتفق عليه من قواعد العمل السياسى والجماهيرى انصياعا للقانون‎ العام، الذى يحكم إيقاع الحياة فى بلادنا وأعنى به الإسلام بمفهومه المستقر دين‎ الوسطية والاعتدال، وحبا لهذا الوطن الذى نعيش فى ربوعه‎.‎
أعوام ثلاثة مرت، جرت خلالها وقائع وأحداث واختلفت، غاب أقوام وحل آخرون بما‎ يدفع لإعادة البحث عن صياغة للتعايش الآمن بين الجميع‎.
أعوام ثلاثة مرت على سجن خيرت الشاطر الذى لم أعرفه عن قرب، ربما التقينا فى‎ مناسبات عامة دون أن نتحاور، عرفته من خلال قصص وشهادات حية من الذين عرفوه وعايشوه‎ عن قرب واختلطوا به‎.
خيرت الشاطر الذى أعرف يقينا أنه داعية للاعتدال والتوازن والوسطية، يهرع إليه‎ فى الأزمات ليكون داعية هدوء لا استفزاز، لا يتبرأ من مسؤوليته فى هذه الجماعة‎ الكبيرة ولا يتبرم‎.
ثلاثة أعوام مرت على سجن حسن مالك ومثله فى هذا مثل الشاطر، ألتقيه لمما فى‎ مناسبات متباعدة تؤثرنى ابتسامته البادية، تعرض لابتلاءات متكررة لم تبعده عن‎ مشاربه التى ارتوى منها‎.‎
باقة ورد وحب أرسلها إلى الرجلين بهذه المناسبة وآخرين فى سجون مصر‎.
مصر فى حاجة إلى مصالحة بين أبنائها ولو اختلفوا فى رؤى وآليات، طالما أن‎ التوافق على صون بلادنا وفق منظومة سياسية وقواعد ديمقراطية، وأتمنى من حبات قلبى‎ أن يتخذ الرئيس مبارك قرارا مهما فى هذا الصدد، أتمنى أن نرى بيننا ووسط عائلاتهم‎ خيرت الشاطر وحسن مالك وسجناء آخرين كثيرين غابوا لاختلافات الرؤى، ويبقى حق الحرية‎ أكبر من تلك الاختلافات فى ظرف يحتاج منا إلى بذل الجهد ملياً من أجل مستقبل‎ أفضل‎.‎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.