اليوم يمر عام على بدء عمودى اليومى «الكثير من الحب». دارت الأرض حول الشمس فى الفضاء السحيق دورة كاملة، ثم عادت إلى نقطة البدء. تصوروا: قطعت الأرض مسافة 600 مليون ميل فى العام الماضى، تلهث الأرض ونلهث خلفها، تدور وندور معها. تدور فى الفراغ الشاسع ببيوتنا وأطفالنا، وأحلامنا وقصص حبنا، ومشاعرنا الحميمة، بأسرار نكتمها فى صدورنا، وأسرار لم نصارح بها حتى أنفسنا. آه أيها العام المقتطع من أعمارنا الشحيحة المتبقية!. تمهلى أيتها الأرض العجول التى قُطعت أنفاسنا فى محاولة اللحاق بها. عام من الحب مضى هو أنفس أعوام العمر، سبحت فى بحر الكتابة اليومية، غرقت فى بحر الكتابة اليومية، وحين شدنى التيار إلى الداخل، وحملنى الموج إلى عمق البحر، شاهدت أشياء عجيبة. شاهدت جزيرة السندباد التى فشل فى العودة إليها، ومات حسرة عليها. شاهدت النجوم تومض فى قلب الليل، تبوح بأسرارها، وتبعث رسائلها. تسلقت شعاع القمر حتى وصلت إلى القمر فوجدته وجه أمى!. عام مضى بعد أن وضع فى جيبى أطنانا من الحزن، وحفنة من البنبون، وألوانا من الفرح، وجيوشا من العصافير. فى هذا العام عرفت أشياء كثيرة، أهمها أن القراء - وحدهم- هم من يكتبون شهادة ميلاد الكاتب، ويكتبون أيضا شهادة وفاته. وعرفت نعمة التواصل الإنسانى، وأن كل قارئ هو قرشى الأخير الذى لا أفرط فيه أبدا، وأننى لا شىء بدونكم. أنتم الشمس الحقيقية التى يدور حولها كوكبى الأرضى، تجذبنى نحوها. إذا انحرف الكاتب عن مدار شمسه وضمير قُرّائه يتوه فى الفضاء الشاسع، يضيع إلى الأبد. فى يوم 2 ديسمبر من العام الماضى بدأت التدوين بمقال «البحث عن تهانى». كان هناك الفرح والتهيب وسحر البدايات، وأحلام فى اكتشاف الدهشة والتواصل الإنسانى. تعهدت بالابتعاد- قدر المستطاع- عن الأحداث الجارية، والانشغال بالأشياء الحقيقية التى تجعل من الإنسان إنساناً. وإذا سألتنى الآن: «هل حققت ما تصبو إليه؟»، قلت بصراحة: «مازلت أحلم بالأفضل، بكتابة شىء لم يسبق الوصول إليه، وابتكار أشكال جديدة للكتابة. وأعزى نفسى بأن طموحى بلا حد، وأفضل ما كتبته لم أكتبه بعد». لكنى - بأمانة - بذلت كل ما فى وسعى، رغم ظروفى الصعبة فى العمل، والعبء الهائل المُلقى فوق عاتقى، والأغلال التى تُسلسل أقدامى، فإننى أحاول بكل طريقة ممكنة أن أتقدم، أن أُطوّر أفكارى، وأُنمّى محصولى اللغوى. وأحاول أن أُرضى معظم الأذواق إن استطعت، وأكتب فى مواضيع متنوعة، القصة والمقال السياسى والفكرى والاجتماعى، فقط أخبرونى بما تحبون قراءته، فأنا لا أكتب إلا لكم. وسواء نجحت أو لم أنجح، فعلىّ أن أسعى وليس علىّ إدراك النجاح. والله حسبى وحسبكم، فوضتُ إليه أمرى. 2 ديسمبر.. اليوم هو عيد ميلادى الأول احتفل به معكم، ما أجمل أن يكون عمرى عاماً واحداً. [email protected]