حمل العاهل السعودى، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، منذ أن تولى السلطة فى أغسطس 2005، خططا إصلاحية، ظهرت ملامحها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أبرز هذه الخطط دعمه لنظام «هيئة البيعة» الذى وضعه عام 2006، لتنظيم عملية الخلافة السياسية، دون أن تنطبق على الملك الحالى وولى العهد، وهى خطوة رأى فيها مراقبون إجراءً إصلاحياً يهدف إلى مأسسة الحكم وتطوير الدولة. وينص النظام الأساسى للسعودية على أن نظام الحكم بها ملكى، والحكم فى أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، و يختار الملك ولى العهد، ويعفيه بأمر ملكى، ويتفرغ ولى العهد لولاية العهد، وما يكلفه به الملك من أعمال، ويتولى ولى العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة. ولكن العمل الفعلى بهذا النظام ليس سهلاً، خاصة أن عدد أفراد آل سعود وصل إلى 5 آلاف شخص بدرجة أمير، والامتيازات المتراكمة للأمراء الرئيسيين فى العائلة تجعل الملوك يهتمون بالتوازن بين مصالح المنافسين، كما يجب عليهم أن يستوعبوا رجال الدين الوهابيين، والتكنوقراط الذين يديرون أمور الدولة فعليا. وتولت عائلة آل سعود حكم المملكة بعد تأسيسها فى عشرينيات القرن الماضى، بينما تنبع جذور مشكلة الخلافة فى أن الملك عبدالعزيز أنجب 45 ابنا منهم 23 ما زالوا على قيد الحياة، ولم يحدد كيفية اختيار خلفائه. وتتم العملية بشكل غير رسمى بين الأمراء، ولا تستند إلى العمر، إنما عن طريق التفاوض والتوافق بين أفراد العائلة، وهو ما قد يحسمه نظام «هيئة البيعة» فى المستقبل. وقبل أن يصبح ملكاً، كافح العاهل السعودى الحالى من أجل المحافظة على قاعدة مستقلة للحكم من خلال قيادته للحرس الوطنى، والذى يعتبر قوة شبه عسكرية تتكون فى الغالب من قبائل بدوية. كما نجح فى استقطاب حلفاء من بين إخوته الآخرين، وبعض الأمراء الأقوياء من أبناء الملك فيصل، خصوصاً الأمير سعود وزير الخارجية منذ 1975، وكذلك الأمير خالد، أخ الأمير سعود، أمير منطقة مكة. ويعدّ رحيل الملك فهد فى 2005 بداية مرحلة جديدة، غير مسبوقة فى تاريخ العائلة المالكة، فمن جهة أصبح دور الملك مقيداً بأوضاع حكم بالغة التعقيد، بما يحول دون حيازته صلاحيات مطلقة، بحسب النظام الأساسى للحكم الصادر فى 1992، ويرجع ذلك بسبب تنامى قوى أخرى داخل الجهاز الإدارى للدولة، باتت تملك قدرة على التأثير، بما فرض معادلة جديدة للحكم تقوم على توازن قوى للسلطة. وبجانب أن «نظام هيئة البيعة» يخلق حراكا سياسيا داخل الأسرة المالكة ويجعل قرار تداول الحكم قرارا جماعيا فإن الملك بموجب النظام بعد مبايعته له الحق بعد التشاور مع أعضاء الهيئة فى اختيار من يراه الأصلح من أبناء مؤسس المملكة أو أبناء الأبناء لولاية العهد كما أنه له الحق فى أن يطلب من هيئة البيعة ترشيح من تراه لولاية العهد، لكن اختيار الملك لمن يراه لولاية العهد ليس نهائيا بل يجب أن يحصل على موافقة هيئة البيعة وفى حال عدم موافقة الهيئة، فإنها ترشح من تراه لولاية العهد إلا أن الملك من حقه الاعتراض على مرشح الهيئة وفى حال الوصول إلى وضع عدم الاتفاق بين الملك وهيئة البيعة على مرشح ولاية العهد يتم اللجوء إلى التصويت فى هيئة البيعة لحسم الأمر، والاختيار بين من اختاره الملك ومن رشحته هيئة البيعة. وتتم تسمية من ينال أكثر الأصوات وليا للعهد، وتشمل هيئة البيعة فى عضويتها أبناء مؤسس المملكة وأبناء الأبناء، بالإضافة إلى 2 يعينهم الملك أحدهما من أبنائه والآخر من أبناء ولى العهد. أى أن أسلوب تداول الحكم بين أفراد الأسرة المالكة انتقل من القرار الفردى الذى كان يقتصر على الملك إلى القرار الجماعى وما يعنيه من توسيع لقاعدة المشاركة فى صنع القرار.