من مشاكل الحب الأساسية أنه مجرد كلام فى كلام، فلا يصمد عند الاختبار والمواقف العملية كتب لها يوم 5 نوفمبر فى الذكرى ال27 لزواجهما: «أنت وأنا وُلدنا اليوم.. لم تكن لنا حياة من قبل! ولن تكون لنا حياة إلا معاً.. أنت كل الحياة وحبى».. الإمضاء «سانو»، وأهدى لها أحلى قصصه واسمها «لا تطفئ الشمس»، وكتب فى مقدمة القصة يقول: «إلى السيدة التى عبرت معى ظلام الحيرة والحب فى قلبينا حتى وصلنا معاً إلى شاطئ الشمس.. إلى الهدوء الذى صان لى ثورتى، والصبر الذى رطب لهفتى، والعقل الذى أضاء فنى، والصفح الذى غسل أخطائى.. إلى حلم صباى.. وذخيرة شبابى، وراحة شيخوختى، إلى زوجتى والحب فى قلبينا».. الإهداء إحسان عبدالقدوس. وهذا الكلام تأكيد لقصة حب رائعة كان من ثمارها «حضرتى» وأخى أحمد عبدالقدوس، وأراهن أن حضرتك تتساءل عن حكاية «سانو»! والمفاجأة التى أقدمها لك أن اسم «إحسان» لم يكن معروفاً فى منزلنا، بل كانت أمى وكذلك كل المقربين منه ينادونه باسم الدلع سالف الذكر، أما ست الحبايب- رحمها الله- فاسمها الحقيقى «لواحظ عبدالمجيد المهلمى»، لكن الجميع كانوا ينادونها باسم «لُولا» بضم اللام. وقد يكون هناك من يحتج على مقالى هذا بحجة أنه أمر شخصى.. حكاية أبوك وأمك! وهل هذا الأمر يهم القارئ العادى فى شىء؟ أقول على الفور: نعم يا سيدى.. لأن الثنائى «سانو ولُولا» نموذج لقصة حب رائعة، وقد تخصصت منذ فترة طويلة لكتابة «كلام فى الحب» ب«المصرى اليوم»، ولى الشرف أن أكون من مؤسسى تلك الصحيفة الناجحة ومن الرعيل الأول، لكننى فقط أكتب عن تلك العاطفة النبيلة التى لو ازدهرت لتغيّر وجه الحياة الصعبة التى نعيشها إلى الأفضل والأجمل والأحسن، ولذلك أراها مهمة تستحق الكتابة عنها بانتظام، تاركاً لزملائى القيام بالواجب والكتابة فى مختلف الموضوعات الأخرى التى تشغل حياتنا. ومن مشاكل الحب الأساسية أنه مجرد كلام فى كلام، فلا يصمد عند الاختبار والمواقف العملية.. والمؤسف أن النظرة للحب فى عصرنا النكد تغيرت عن زمان، وباسم المساواة أصبحت الزوجة نداً لزوجها، وأنا زيى زيك، وعندى شخصيتى المستقلة. وحكاية «سانو ولُولا» وكل القصص الرومانسية أيام الزمن الجميل تختلف عما نراه الآن، فالنصف الحلو يستوعب رفيق عمره ويتحمله وترى نجاحها يتمثل فى نجاحه وتحقيق أحلامه، فهى نموذج رائع فى نكران الذات، حيث ذابت شخصيتها فى شخصيته. إنه الحب فى أعظم صوره، وقد تظن حضرتك أن ما أقوله كلام أفلام!! ولكنه واقع عرفته حياتنا وإن كان بالطبع قد تراجع فى عصر المادة، وكل شىء فيه محسوب بالفلوس، ولا مكان للرومانسية ولا العواطف الجميلة. وهناك حكمة شهيرة تؤكد وجهة نظرى تقول: «وراء كل عظيم امرأة»، وحتى وقت قريب كنت أحتج على هذا الكلام وأتساءل: ولماذا هى وراءه وليست بجانبه، ولكن تبين لى أن تلك المقولة صحيحة تماماً، فسيدتى صاحبة الفضل على زوجها تعيش فى الظل، فهو وحده يحتل الصورة كلها وهى سعيدة بذلك، وفى المقابل يراها حياته كلها ويدين لها بالكثير، فهى السبب فى نجاحه و«حضرته من غيرها ولا حاجة»، فهى التى بدأت معه من الصفر حتى وصلا سوياً إلى قمة النجاح، وأنت إذا وجدت امرأة فى حياتك بهذه المواصفات فقد عثرت على كنز حقيقى، ويا بختك يا عم وامسك الخشب، فالغالبية العظمى من البشر لا تعرف هذا الخير الذى تعيش فيه، لأن الدنيا تغيرت كثيراً عن زمان، ومشكلة الحب كما أخبرتك أنه أصبح مجرد كلام تلوكه الألسنة، والسؤال: هل أنت قادر بإذن الله أن تجعل من هذا الكلام واقعاً فى حياتك؟ الإجابة عندك وعند شريكة عمرك.