هكذا كتبت الزميلة فريدة الشوباشى فى «المصرى اليوم»، الأحد الماضى، وكانت تعلق على قول الزميل مجدى الجلاد، رئيس التحرير، فى إحدى مقالاته «اعتمد عبدالناصر على كاريزما القيادة والإقناع الشخصى دون إنجاز حقيقى، فسارت خلفه الجماهير وغفرت للدولة فشلها». انزعجت فريدة الشوباشى من تعبير «دون إنجاز حقيقى» وقالت إن إنجازات عبدالناصر حقيقية «مثل بناء السد العالى وتأميم قناة السويس وتحقيق ما أمكن من العدالة الاجتماعية وتقليل الفجوة بين الطبقات، والتصنيع إضافة إلى تعليم أخرج أحمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب»، وأن «ما حدث فى 67 مثل ما جرى لمصر فى عهد محمد على عندما تجمعت كل القوى التى لا تريد لمصر مكانتها وتأثيرها»، واستغرقت فى أكثر من ثلثى المقال بعد ذلك فى إثبات كم كانت إسرائيل تكره عبدالناصر، وأن «ثورة يوليو انتهت بوفاة قائدها» لأن مصر السادات اختلفت جذرياً عن مصر عبدالناصر. الحديث عن «الإنجازات» فى أى فترة تاريخية فى أى بلد يعبر عن نزعة عملية «براجماتية» لا تتناسب مع تقييم الفترات التاريخية المختلفة لأنه يستبعد كيف تم الإنجاز وماذا كان ثمنه، وهل كان يستحق هذا الثمن. ومن ناحية أخرى فهناك «إنجازات» فى كل الفترات بعيداً عن الفكر السياسى «الأيديولوجيا»، ولو أصبحت المقياس لأصبحت كل فترات التاريخ متساوية. من حق كل المصريين بل من واجبهم فى كل وقت تقييم حاضرهم باعتباره نتيجة للماضى الذى سبقه، وهذا ما يفهم من عبارة مجدى الجلاد، وليس أن عهد عبدالناصر كان من دون إنجازات. أما القول بأن ثورة يوليو انتهت بوفاته فهذا غير صحيح سياسياً وعملياً وقانونياً، كما أن عبدالناصر هو الذى اختار السادات، والسادات هو الذى اختار مبارك. وموقف إسرائيل لا يجب أن يكون معياراً أساسياً لتقييم تاريخنا، وهذا ما تريده إسرائيل بالضبط، فهم مجموعة من العابرين كما وصفهم محمود درويش بحق، ويذكرنى ذلك بالتصريح الأول دائماً فى مهرجان القاهرة السينمائى «لا توجد أفلام إسرائيلية فى المهرجان» وهو موقف صحيح، ولكن الأهم ما الذى يعرضه المهرجان، والتعريف دائماً بالإيجاب وليس بالسلب. أما القول بأن زويل ويعقوب والباز وغيرهم من علماء مصر البارزين فى العالم من إنجازات عبدالناصر، فهو تماماً مثل القول بأن عبدالناصر من إنجازات الملك فاروق، فكيف كان لابن أسرة متواضعة الحال أن يلتحق بالكلية الحربية ويتخرج فيها عام 1938. من حق أى مصرى أن يحب عبدالناصر، ولكن من واجبه أن يحب مصر أكثر مما يحب عبدالناصر أو غيره من الزعماء فى الماضى والحاضر. [email protected]