طلاق الحامل.. شقاء للزوجين وضياع للمولود

ما الذى يجعل أما «حامل» تصر على طلب الطلاق، وما الذى يجعل أبا انتظر قدوم مولوده لسنوات، يقبل طلب زوجته الطلاق بسبب الخلافات المتفجرة بينهما ويسعى لتنفيذه بأسرع وقت؟.. كل هذه التساؤلات تجيب عنها حكايات نساء تعيسات ورجال أشقياء تتكدس بهم قاعات المحاكم، فى مشهد مأساوى لصورة حقيقية فى المجتمع التقطت لعائلات حديثة العهد بالزواج، منها من لم يمض على تأسيسها سوى شهور قليلة..
تقول «نيرة» 26 سنة: تزوجت منذ عام بعد قصة حب جمعتنى بزوجى، ولكننى فوجئت به يرسل رسائل غرامية لصديقه فى العمل، فى البداية لم أصدق، لكننى تأكدت فيما بعد من أنه يغازل رجلا مثله، واكتشفت الفجيعة الكبرى أن زوجى المهندس «شاذ» جنسيا، وبعد أن واجهته بالحقيقة واعترف، طلبت الطلاق وأنا حامل.
وتقول «باكينام جوهر» 29 سنة: تزوجت منذ 6 شهور واكتشفت بعدها أن زوجى يخفى عنى مرضه بالصرع والسكرى وإصابته بنوبات تشنج كبيرة تستمر لوقت طويل، وأنه رفض إخبارى بذلك أثناء الخطوبة ويقوم حاليا بضربى وإهانتى رغم حملى فقررت الطلاق. وحاليا أنا حامل، وأصبحت عصبية جدا وأعامل زوجى بعنف.
يقول الدكتور ممدوح وهبة، رئيس الجمعية المصرية لصحة الأسرة ومستشار أمراض النساء والصحة الإنجابية: مع بداية فترة الحمل يزداد إفراز هرمون «البروجستيرون» بكمية كبيرة جدا مما يؤثر على الحالة النفسية للمرأة الحامل، ويجعلها أكثر عصبية لدرجة تصل إلى حالة من الاكتئاب، التى تسبب العديد من المشاكل والشجار المستمر..
لابد للزوج والمحيطين بالزوجة أن يتفهما طبيعتها الفسيولوجية والبيولوجية فى تلك الفترة خاصة مرحلة «بداية الحمل» حيث شهور الوحم والقىء المستمر وكذلك آخر ثلاثة شهور لأنها مرتبطة بالخوف من الولادة، وعلى الزوج أن يتحمل زوجته ويحتويها بحبه وحنانه وألا يستجيب لاستفزازها وقت الغضب..
وفى الغالب تنتهى تلك الحالة النفسية بعد الأسبوع ال(14) من الحمل أو بعد (4) أيام من الولادة إذا كانت قيصرية، ولا تستمر أكثر من ذلك إلا للأفراد الذين لديهم استعداد للاكتئاب، خاصة فى فترة الرضاعة.
وتؤكد الدكتورة أمينة بدوى، أستاذ علم النفس بجامعة بنها، أن ارتفاع نسب الطلاق بين حديثى الزواج لها أسباب متعددة ولكن ظاهرة طلاق العروس الحامل تعد الأكثر انتشارا بسبب تصرفات بعض الأزواج ممن يخفون أمراضا مزمنة عن زوجاتهم وآخرين يكذبون ويحتالون فيما يتعلق بعملهم وأهلهم والبعض يهرب من تحمل المسؤولية الأسرية، كما أن بعض الزوجات ليست على مستوى من النضج النفسى والوجدانى، وغير قادرات على تحمل مسؤولية الزواج، وتعتبره رحلة أو فسحة ولا تدرى أهمية بناء الأسرة ومن ثم لا تتحمل المسؤولية وتطلب الطلاق حتى ولو كانت حاملا..
أحيانا يكون طلب الطلاق تهديداً من الزوجة لزوجها بسبب أخطاء ارتكبها ويقوم بتكرارها من وقت لآخر، ولكنها لا تدرى العواقب الوخيمة للطلاق والحالة النفسية الأطفال بين زوجين مطلقين يتم استغلالهم من بعض الفئات السيئة ويصبحون أكثر عرضة للتطرف والانحراف، يجب على الأهل والمحيطين تقديم النصح والإرشاد لهم وعدم دعم الطرفين فى قرار الطلاق بسهولة، وهناك بعض المراكز الخاصة بشؤون المرأة والطفولة تقدم النصائح للزوجات للحفاظ على حياتهن حتى تمر فترة هذه العواصف الأسرية بسلام.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: أجمع العلماء على وقوع طلاق الحامل ولا يوجد خلاف فى ذلك بينهم وتمتد عدة المطلقة الحامل إلى وضع الحمل حيث قال الله سبحانه وتعالى فى سورة الطلاق «وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا»، وينبغى للمرأة الحامل المكوث فى بيتها حتى انتهاء فترة العدة بوضع مولودها ومن ثم يجوز لها إذا أرادت أن تتزوج مباشرة.
ويقول صابر عمار المحامى، عضو مجلس نقابة المحامين: القانون لا يفرق فى الطلاق بين المرأة الحامل وغير الحامل ولكن الاختلاف القانونى يكون بعد عملية الوضع، وفقا لقانون المواريث حسب المولود ذكرا كان أم أنثى، إضافة إلى فترة العدة للمطلقة والتى تنتهى بوضع المولود..
وباعتبار المولود ابنا للمطلق فينبغى قانونيا على الأب الالتزام بسداد مصاريف الولادة وخلافه، وعليه سداد حقوق مطلقته من النفقة والمؤخر.
وتكون حضانة المولود للأم ما لم تتزوج فإذا تزوجت تؤول الحضانة إلى جدته لأمه أو شقيقتها حتى السن القانونية ويقتصر حق الأب على الرؤية فقط، ويجوز لها الخلع والتنازل عن جميع حقوقها وتطليق نفسها..
والمطلقة الحامل لا تحظى بمعاملة خاصة وتستطيع الحصول على مسكن الزوجية للحضانة فى مرحلة تالية للوضع.