كل المصريين يعرفون من هو مطرب «العو» ويجهلون من هو وفيق الديرى! المشكلة ليست فى جهل العامة ورجل الشارع بهذا الباحث الذى تحتل أبحاثه فى مجال السرطان صفحات أهم المجلات العلمية، ولكنها فى جهل أو تجاهل المؤسسات العلمية لقامة وجهد هذا العالم المصرى الذى لم يكمل عامه الخمسين بعد، وبرغم ذلك حقق إنجازات فى مجال البيولوجيا الجزيئية لم تحققها الجامعات العربية مجتمعة!. هل تعرفون من قام بتكريم هذا الباحث؟ إنها دولة الكويت التى منحته جائزة التقدم العلمى، وكرمته هذا الأسبوع، وألقت على أبحاثه الضوء وجعلتنا نعرف قيمة العلوم الأساسية فى تقدم الطب، وكيف أن علوم الكيمياء الحيوية والوراثة والفسيولوجى والفارماكولوجى التى نهملها فى جامعاتنا ويهرب من التعيين فى أقسامها أوائل جامعاتنا هى الأعمدة الحقيقية لنهضة الطب، ولكن من هو وفيق الديرى؟ إنه أستاذ الجينات فى طب بنسلفانيا والمعهد الأمريكى للسرطان ومدير مختبر أورام الخلايا، وقد قدم الديرى أكثر من ثلاثمائة وستين بحثاً نشرت فى مجلات علمية محكمة، وله أربعة مراجع فى علم الجينات والأورام السرطانية، السيرة الذاتية لهذا العالم مشرفة وتخض فعلاً، يكفى أنه يحرر فى ثمانى عشرة مجلة علمية على مستوى العالم، ولن أثقل عليك بالتفاصيل، ابحث عنه فى جوجل فقط وطبعاً باللغة الإنجليزية واقرأ حواره العلمى الممتع على هذه الصفحة. http://www.in-cites.com/scientists/dr-wafik-el-deiry.html وستعرف وقتها هذا الباحث العظيم الذى أتمنى شخصياً أن أقابله لأقبل جبينه وأشد على يديه، شكراً على ما يقدمه للبشرية. تخيلوا هذا المصرى العبقرى يفنى حياته كناسك فى محراب للشغل على ما يسمى مورث بى 53 وأيضاً ما يسمى ال TRAIL، لن ندخل فى مصطلحات علمية تحتاج إلى مجلدات لشرحها ولكنى سأحاول إلقاء الضوء على مدى أهمية وخطورة أبحاث د. وفيق الديرى التى ينتظر لها أن تفتح مغاليق شفرة السرطان المرعبة، هذا ال«بى 53» يحافظ على سلامة خلايانا بأن يدفع الخلايا التالفة إلى الانتحار أو تدمير نفسها، وأيضاً بمنعها من الانقسام أثناء عملية الإصلاح الحيوية فى الجسم، ويكون العامل المورث «بى 53» فى نصف حالات الإصابة بالسرطان إما تالفا أو خاملا، مما يطلق العنان للخلايا التالفة لتواصل انقسامها وتكون السرطان، وهذا ال«بى 53» له زر تشغيل يسمى أيسوفورم إذا تعطل انقسمت الخلايا بلا نهاية بدلاً من أن تنتحر، ولذلك فزيادة فهم كيفية ضبط هذا العامل المورث فى الخلايا أمر مهم جدا فى العثور على سبل الحيلولة دون تحول خلايا الجسم إلى خلايا سرطانية. هذه هى الجدية، وهذا هو العلم الحقيقى والبحث المضنى، ولذلك هاجر وفيق الديرى من مصر واستقر فيها مطرب العو، ومعه دعاة العو وإعلاميو العو وحكومة العو!.