لم تعبأ المعارضة الجزائرية بتقدم 10 مرشحين أمام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى أبريل المقبل، معتبرة أن النتيجة محسومة ومعدة سلفا، فبوتفليقة الذى أبى إلا أن يضفى عنصر الإثارة على حملته الفاترة، أعلن خوضه الانتخابات هذه المرة «مستقلا» دون دعم حزبى أو حتى عسكرى، خالعا بذلك عباءة تحالفه الرئاسى «جبهة التحرير» الحاكمة، مستعرضا قدرته على الفوز وحده، مستعينا ب»شعبيته المتزايدة»، التى يسعى إلى تعزيزها أيضا باستقطاب مؤيدى التيار الإسلامى. ويرى أنصار بوتفليقة (72 عاما) أنه اكتسب شعبية كبيرة طوال الفترتين الرئاسيتين الماضيتين لنجاحه فى السيطرة على الفوضى التى غرقت فيها البلاد فى تسعينيات القرن الماضى، وأنه تمكن من توفير عنصرى الأمان والاستقرار، وهو ما أكد عليه بقوله إنه سيستمر فى «التصدى لشرور الإرهاب بكل ما أوتينا من إمكانات ووسائل». المفارقة أنه بينما كان بوتفليقة يعلن ترشحه مستقلا أمام 5000 من مؤيديه فى خطاب جاء على الطريقة الأمريكية، كان المزيد من التفجيرات الإرهابية يضرب شرق الجزائر، وكأن الجماعات المسلحة تبعث له برسالة مفادها «إننا ها هنا قاعدون»، فى محاولة لمنعه من اللعب على وتر الإرهاب. معارضو الرئيس الجزائرى يشككون مقدما فى نزاهة الانتخابات، ويعتبرون أن نتائجها حيكت مسبقا، خاصة بعد التعديل الدستورى الذى أجرى العام الماضى لفتح باب الترشح لأكثر من ولايتين، ورأى بيان لحزب جبهة القوى الاشتراكية أن «النظام لا يمكنه أن يتغير ولن يتغير»، معتبرا أن مقاطعة تلك «المسخرة» (الانتخابات) سيكون بمثابة «عمل ثورى». والملاحظ أنه رغم خلو الساحة السياسية من أى منافس ذى ثقل يذكر لبوتفليقة، رصد المتابعون للشأن الجزائرى سعيه إلى التودد لأنصار التيار الإسلامى بتقديم نفسه كبديل لهم، إذ حرص على الظهور شخصيا بنفسه فى المناسبات الدينية والصوفية. وجاء ذلك فى وقت انسحب فيه قادة المعارضة الرئيسية، وفى مقدمتهم الإسلاميون، من الترشح للانتخابات، واصفين إياها ب»المهزلة»، أكد عبد الله جاب الله، مرشح التيار الإسلامى فى انتخابات 2004 أن «غياب قوى التغيير فى البلاد» يجعل من الانتخابات مجرد تحصيل حاصل. هذه الانتخابات المفترض أنها رابع انتخابات رئاسية تعددية فى البلاد، تعد بمثابة اختبار للتجربة التعددية الديمقراطية الجزائرية، لاسيما فى وقت برهنت فيه التحركات الحكومية الأخيرة، ومساعيها لاجتذاب ناخبى التيار الإسلامى، على أن هذا التيار - رغم مقاطعته الانتخابات وغيابه النسبى عن الساحة - مازال طرفا رئيسيا لاعبا فى المعادلة الانتخابية.